الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

لماذا يشكك "فودة" فى انتصارات الجيش المصرى ؟ ( 1)

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المتابع لمقالات يسري فودة ما بعد خروجه من مصر ، يدرك جيدا أن الرجل يلعب دورًا جديدًا لتفكيك الدولة المصرية ! ، يمكن ان تستغرب الجملة ، أو تظن أنى أبالغ ، لكنى سأعرض فى السطور القادمة اسانيدى على ذلك من خلال كتاباته على موقع دوتش فيلا الالمانى باللغة العربية .
قد يكون فودة من كارهى الرئيس والزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ولفظ الكراهية هنا تعنى ما هو أكثر من المعارضة السياسة، فودة يراه رمز الدولة المصرية ، وبتدمير صورته وإنجازاته السابقة يسهل تفكيك الدولة من الداخل وقبولها بصيغة جديدة يعمل عليها فودة وآخرون يشاركونه نفس الأفكار .
بخبث شديد ووسط دخان كثيف من التفاصيل حول قصة دارت بينه وبين إدارة الشئون المعنوية التى حاولت مراجعته عن أرقام واحصائيات تتعلق بالمجهود العسكرى فى سيناء حسبما روى وهو ما اعتبره تدخلا فى عمله رغم أنه من صميم مهمتها ، مرر فودة أن مصر هزمت عسكريا فى معركة 1956 ، يريد إقناع أجيال جديدة من المصريين أن مصر لم تنتصر فى أى معركة من معاركها العسكرية التاريخية معتمدا على مصداقية كاذبة ومستغلا ضعف أو عدم اهتمام وسائل الاعلام المصرية للرد ، يقوم بذلك بدأب لا يقطعه وازع من ضمير أو وطنية .
ما يعتبره فودة هزيمة فنده اللواء أركان حرب محمد رفعت وهبة ـ زميل أكاديمية ناصر العليا قبل 15 عاما فى بحث شهير له عن دور القوات المسلحة فى حرب 1956 ، واثبت عبر عشرات الوقائع عجز وفشل أطراف العدوان الثلاثى عن تحقيق أهداف عملياتها العسكرية وبالتالى لايمكن أن يسمى هذا الفشل نصرا .
يقول وهبة " كانت أهداف أطراف العدوان الثلاثى وأهداف مصر العسكرية إعادة احتلال منطقة قناة السويس واستعادة قناة السويس وإسقاط نظام الحكم فى مصر وكان التقدير العسكرى ان النظام سيتهاوى خلال 6 أيام بعد تدمير الجيش المصرى واحتلال بورسعيد والوصول إلى القاهرة "
واعتمدت القوات المسلحة المصرية وجيش التحرير الوطنى والمقاومة الشعبية المصرية على تنفيذ خطة طويلة المدى لقيادة حرب مدن وشوارع ضد القوات المعتدية ومنعها من تحقيق أهدافها .
بدأت العمليات كما هو معروف بالإسقاط المظلى للقوات الإسرائيلية فى وسط سيناء مساء يوم 29 أكتوبر 1956 مستفيدة بقرب حلول الظلام وتأجيل اشتباك القوات الجوية المصرية معهم لصباح 30 أكتوبر .. بدأت قوة لواء مشاة مصرى مدعم والقوات الجوية المصرية فى عمليات القضاء على هذه القوة التى كانت أقل من 400 فرد.
وقامت القيادة المصرية بدفع الفرقة الرابعة المدرعة إلى سيناء شرقًا لمقابلة هذه القوات مما اضطر الإسرائيليين إلى طلب النجدة من القوات الجوية الفرنسية المتمركزة فى قبرص وإسرائيل نفسها وقد قامت هذه القوات بتوفير الحماية الجوية ضد الطيران المصرى وكذا إسقاط إمدادات من الجو للعناصر المتبقية من قوة المظليين الإسرائيليين ـ كتيبة 890 مظلات ثم ظهر الإنذار الفرنسى الإنجليزى الشهير بالتراجع 10 كلم على جانبى القناة والسماح لقوات بريطانية وفرنسية باحتلال منطقة القناة للفصل بين المتحاربين وتأمين الملاحة الدولية.
يوم 31 أكتوبر ـ استمر اشتباك القوات المصرية مع القوات الإسرائيلية وقامت القوات الجوية بـ 100 طلعة ضد العدو واستمرت تحركات القوات البريطانية والفرنسية استعدادًا للنزول فى بورسعيد وبدأ القصف الجوى البريطانى الفرنسى بعد الظهر وعلى الصعيد السياسى أصدر الاتحاد السوفيتى بياناً شديد اللهجة يدين فيه العدوان الإسرائيلى وسياسة كل من بريطانيا وفرنسا .
يوم 1 نوفمبر أصدرت القيادة المصرية أمراً بتوحيد جبهات القتال وسحب قواتها من سيناء لمواجهة العمليات الرئيسية للحلف العدوانى واستمرار القصف الجوى ــ يوم 2 نوفمبر لاستمرار القصف الجوى البريطانى الفرنسى لمطارات بغرض تدمير المطارات والقوات الجوية المصرية وإلى هذه اللحظة لم يكن قد بدأ التمهيد المدفعى للإسقاط البحرى فى بورسعيد .. يوم 3 نوفمبر .. بدأ القصف الجوى المكثف لمدينة بورسعيد وبوفؤاد ضد مواقع القوات المسلحة ومطار الجميل وبطاريات مدافع السواحل واستمرت القوات المسلحة فى تنظيم دفاعاتها فى كل من بورسعيد كنقطة متقدمة والمواقع الدفاعية الرئيسية ابتداء من شمال القنطرة إلى الإسماعيلية إلى السويس مستخدمة فى ذلك فرقة المشاة والمجموعة المدرعة وباقى وحدات الفرقة المدرعة التى سحبت من سيناء .
يوم 4 نوفمبر .. أرسل الاتحاد السوفيتى مذكرة شديدة اللهجة إلى كل من بريطانيا وفرنسا يطلب فيها إيقاف عدوانهما على مصر وقد قام الاتحاد السوفيتى باجتياح المجر فى نفس اليوم ومع ذلك استمر القصف بالرغم من مذكرة الاتحاد السوفيتي .
يوم 5 نوفمبر .. بالرغم من الضغط الدولى والإنذار السوفيتى وقرارت الأمم المتحدة قام البريطانيون والفرنسيون بإسقاط المظليين غرب بورسعيد وجنوبها فى مطار الجميل وكوبرى الرسوة وفى هذا اليوم صدر قرار جديد من الأمم المتحدة يصر على وقف العمليات الحربية وتأمين قناة السويس وتطهيرها وانسحاب القوات المعتدية وقد قبلت مصر وإسرائيل هذا القرار وفى نفس اليوم أرسل بولجانين الرئيس السوفيتى خطاباته الثلاثة الشهيرة إلى كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل والتى يشير فيها إلى إمكان استخدام الصواريخ ضدها ولو كانت بريطانيا وفرنسا أعطتا اهتمامًا لهذا التهديد لكانتا توقفتا عن الإنزال البحرى الذى كان سيتم فجر اليوم التالى ولكنهما لم يأبها لهذا التهديد خاصة أن الاتحاد السوفيتى كان مشغولاً بالموقف فى المجر وقررا المضى قدماً فى خطط الغزو آملين أن يحققا الاستيلاء على بورسعيد والتقدم فوراً جنوباً لإتمام احتلال منطقة القناة خلال الثمانى والأربعين ساعة التالية واضعين العالم أمام الأمر الواقع .
وعلى ذلك قامت قوات الكوماندوز البحرية البريطانية تعاونها بعض الدبابات المجهزة بحرًا بالنزول غرب بورسعيد وقامت القوات الفرنسية بالنزول فى بور فؤاد وأمام المقاومة العنيفة التى أبداها المدافعون عن بورسعيد صدرت الأوامر إلى القوات التى نزلت بحرًا بتفادى الدخول إلى قلب بورسعيد والتقدم فوراً للحاق بقوات المظليين التى احتلت كوبرى الرسوة الباقى سليماً وكان الكوبرى الآأخر على طريق المرشدين قد دمر بواسطة القوات المصرية ( لم يتم الاستيلاء على بورسعيد إلا بعد بعد وقف القتال يوم 7 و 8 نوفمبر 56 ) ، وفعلاً تقدمت القوات البريطانية ومعها بعض العناصر الفرنسية بسرعة إلى كوبرى الرسوة ودفعت مفارز مدرعة جنوباً فى اتجاه القنطرة حتى وصلت إلى شمال الكاب وهناك وجدت الموقف متغيراً لا يسمح بتنفيذ التقدم الخاطف الذى كان مخططاً بالتعاون مع إسقاط المظليين فى الإسماعيلية وأبو صوير فقد اكتشفت أنها أمام دفاعات قوية قوامها لواء مشاة تدعمه وتعاونه قوات مدرعة كافية لصد تقدم القوات المعادية كما أكدت معلومات الاستطلاع الجوى للقوات المعتدية قوة دفاعات المصريين ، ولذلك تطلب الأمر تعزيزات من القوات البرية وإعادة تجميع هذه القوات وإجراء تحضيرات تستغرق عدة أيام وصرف النظر عن الهجوم الخاطف لقوات المظليين خوفاً من تأخر لحاق القوات البرية الرئيسية بها وعزلها والقضاء عليها بواسطة قوات التجميع الرئيسى للقوات المصرية وبضياع الأمل فى تحقيق إتمام العملية فى فترة زمنية محددة وأن العمليات ستمتد لفترة بعد وصول التعزيزات المطلوبة ، وهنا تأكدت القيادتان السياسية البريطانية والفرنسية أنهما فشلتا فى تحقيق أهدافهما من وضع العالم أمام أمر واقع فى الثمانى أيام المقدرة لذلك ولم تجدا أمامهما إلا قبول وقف التقدم والقصف الجوى ليلة 6/7 نوفمبر وتم الانسحاب يوم 23 ديسمبر 1956 .
ويستطرد اللواء وهبة " لم تكن قرارات الأمم المتحدة هى السبب الرئيسى لذلك ، فقد استخدمت بريطانيا وفرنسا حق الفيتو فى بعض الحالات واستمرت فى تنفيذ مراحل تالية فى خططها فى الحالات الأخرى فى 4 و 5 نوفمبر رغم قرارات الأمم المتحدة والإنذار السوفيتى علماً بأن الولايات المتحدة قد طمأنت بريطانيا وفرنسا أنهما لو تعرضتا لهجوم صاروخى سوفيتى فإن الولايات المتحدة الأمريكية ستفى بالتزاماتها تجاه حلف الأطلنطى ... ولكن العامل الأساسى وراء قبول قرار وقف القتال وتنفيذه كان هو صلابة الموقف المصرى ومقابلة القوات المسلحة المصرية فى مواقع دفاعية قوية منظمة بقوات نظامية مشاة ومدرعات ومدفعية ميدان ومدفعية مضادة للطائرات فضلاً عن المقاومة الشعبية التى كان قوامها جيش التحرير الوطنى .
وفى مذكراته يعترف موشى ديان (الفصل ــ 15) بأن حملة إسرائيل على سيناء ـ عملية قادش ـ لم تكن بالسهولة التى صورتها الدعاية اليهودية فيما بعد .. وذلك على الرغم من ان الجيش المصرى قد انسحب من سيناء ولم يبق منه سوى 6 كتائب فقط .. أى أن الجيش الذى لا يقهر لم يحارب سوى 6 كتائب فقط كانت فى مواقع متقدمة من سيناء ... ومع ذلك ... وكما يضيف موشى ديان فشل اللواء الإسرائيلى العاشر فى الاستيلاء على أم قطف أكثر من مرة حتى أنه ضاق ذرعاً بالضباط ـ
كتاب حملة سيناء 1959 لأوبلانس ـ ... ويعتبر أوبلانس أن ما حدث للمظليين الإسرائيليين بقيادة إريل شارون ـ خلال اليوم الأول واليوم الثانى من أخطر وأكبر أخطاء الجيش الإسرائيلى .. لقد فشل شارون فى تحديد المكان المطلوب لإنزال المظليين وهو ممر متلا وبدلاً من أن يتراجع خالف أوامر رئاسته وزحف من موقعه نحو مزيد من العمق فعانى نتيجة ذلك من خسائر كبيرة جداً على أيدى المصريين . ومن المعارك الهامة أيضاً معركة أبى عجيلة فى شمال سيناء فقد فوجئ المهاجمون الإسرائيليون من قبل المدافعين المصريين المتمركزين بشكل جيد وعانوا من خسائر فادحة على أيدى المصريين بعد قتال شديد للغاية استمر ثلاثة أيام
.. وعلى جبهة قناة السويس اقتحم مدينة بورسعيد وحدة المظلين البريطانيين التى عرفت باسم الشياطين الحمر ولكن هؤلاء الشياطين قوبلوا برعد وجحيم متفجر من الرصاص .. وفيما بعد وصف الجنرال سيرهيوستوكويل ـ قائد الاقتحام البريطانى ـ ما حدث لجنوده بأنه كان صاعقة وقال لقد قاتل المصريون بشكل ممتاز .. قاتلوا بجرأة وشدة أعلى بكثير مما كنا نتوقع.... وفيما بعد كرر الجنرال تشارلز كيتلى القائد الأعلى لقوات الغزو نفس العبارات بنفس الألفاظ تقريباً ... واعترف المقاتلون البريطانيون لهنسون بلدوين ( المحلل العسكرى لصحيفة نيويورك تايمز ) بأنهم قد (( تولتهم الدهشة بسبب جودة الدفاع التى أبداها المصريون )) وقد أضاف بلدوين فى مقال آخر عن معركة بورسعيد لو أن المصريين كان لديهم الوقت لاستيعاب الأسلحة التى كانت فى حوزتهم لاختلفت القصة تمام الاختلاف )).
ومن جانبه سجل أنتونى ناتنج (( إن المصريين فى سيناء لم تنقصهم الشجاعة أو الجرأة فقد قاتلوا فى عدة مواقع بعناد وبطولة ضد عدو متفوق فى عدد الرجال بنسبة لا تقل عن ثلاثة إلى واحد)) بل إن المؤرخين العسكريين الإسرائيليين ـ فى مستوى توسكان ـ لم يستطيعوا فيما بعد الإمساك عن الإشادة بأعمال باسلة مثل مقاومة سرية مشاة مصرية فى سد الروافع شمال سيناء لهجمات متكررة من جانب لواء مدرع إسرائيلى مسلح بدبابات سوبر شيرمان الأمريكية.
ويضيف اللواء وهبة " للإنصاف لم تكن قيادة عبدالحكيم عامر للجيش المصرى على نفس المستوى من الثبات الذى كان عليه الضباط والجنود فعندما بلغته أنباء الهجوم على بورسعيد أصيب بانهيار عصبى وسالت دموعه على وجهه وبدا عاجزاً عن التصرف .. ولم يجد جمال عبدالناصر امامه سوى أن يطلب منه العودة إلى بيته وتولى بنفسه مسئولية القيادة العسكرية ... لقد قاتل المصريون بشراسة وشرف فى حرب السويس اعترف العدو بذلك .. ومع ذلك يصر أبناؤهم على ممارسة عادة جلد وتحقير الذات باستمتاع يثير دهشة الأصحاء نفسياً .. ولا معنى لهذا ولا مبرر فالعدو قد شهد ببسالتنا فلماذا نصر نحن على اننا أدنى من ذلك ".
صيحة اللواء وهبة حول "لماذا اعترف الأعداء بانتصاراتنا فيما نشكك فيها نحن" تأخذنا إلى التلاعب السياسى والاعلامى الهادف إلى فقدان المصريين للثقة بأنفسهم وبانتصاراتهم ، فودة تلاعب بالنار وبذكرى شهداء سقطوا لتنتصر مصر فى حرب 1956 ملحمة ، يحاول أن ينزع من شعب بورسعيد ملحمته التى انصهر فيها مع الجيش المصرى للدفاع عن المدينة ضاربا المثل فى المقاومة الشعبية الرافضة لاحتلال مدينتها ، وكان الضرب من بيت إلى بيت وشارك فيه الجميع رجالًا ونساء وأطفالًا ، تلك الملحمة التى تذكرها شوارع وميادين تسمت باسم بورسعيد تخليدًا لثباتها ، ثم يأتى اليوم الذى يقوم فيه اعلامى مصر مثل "فودة " بتجريد بورسعيد والجيش المصرى من انتصارهم دون أن يطرف له جفن أو ينازعه ضميره ..ليظل التساؤل الذى سأحاول الإجابة عليه فى مقالات قادمة ..لماذا يشكك فودة فى انتصارات الجيش المصرى ؟!