الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

نبي أردوغان.. الوجه الآخر لعلاقة "العثمانلي" بشيوخ السلطان

عن صاحب مذهب «عبادة الجنس» عدنان أوكتار

الداعية التركي عدنان
الداعية التركي عدنان أوكتار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صار كثير من رجال الدين من الأدوات السياسية التي يستخدمها الرؤساء والأنظمة الحاكمة، ولعل أبرزهم يوسف القرضاوى الذي تخرج الفتاوى على لسانه لمن يدفع أكثر، أو لمن يعطى له نفوذا أكبر مثل قطر أو جماعة الإخوان، ولكل دولة أو رئيس قرضاوى خاص به، ويعد «عدنان أوكتار» هو قرضاوى أردوغان، وهو رجل دين إسلامى تركى غريب الأطوار، يوجه فتاواه وآراءه، لدعم الرئيس رجب طيب أردوغان، ويبرر تصرفاته العدوانية.
في الفترة الأخيرة أثبتت العديد من التقارير الازدواجية والتناقض الخطير لدى أردوغان، وهو المنتمى إلى حزب العدالة والتنمية الذراع السياسية لجماعة الإخوان في تركيا، فهو من جانب يتحدث عن الحجاب وطاعة أولى الأمر وعن القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا العربية والإسلامية التي يتحدث عنها شفهيًا، وعلى الجانب الآخر يقوم بالتطبيع مع إسرائيل ودعم المثليين والظهور معهم في الأماكن العامة والحفلات، وذلك منذ أيام قليلة في رمضان، ودعم الإرهاب وقتل الأكراد والتدخل في سوريا، والركوع للقوى العالمية من واشنطن إلى موسكو، ويكشف لنا تقرير لمجلة نيوزويك الأمريكية الشهيرة، والذي نشر على موقعها الإلكترونى «الديلى بيست»، عن الجانب الآخر للعثمانلى تحت عنوان «الديكتاتور ونبى الجنس»، ويوضح العلاقة السرية بين أردوغان وعدنان أوكتار، زعيم الطائفة الإسلامية الأكثر شهرة في تركيا، والمثيرة للجدل.
في حوار خاص مع أوكتار، كشف علاقته مع أردوغان، والذي بدأ نشاطه في تركيا منذ عام ١٩٨٠، أوكتار يركز في دعوته على «عبادة الجنس الإسلامية»، وهو يرى في نفسه نبيًا يصل أتباعه إلى الملايين داخل وخارج تركيا، وعلى الرغم من الادعاءات السابقة له من معاداة السامية بعد نشر كتابه عام ١٩٩٦، تحت عنوان «خداع المحرقة»، إلا أن أوكتار في وقت لاحق تحولت لهجته لتعزيز ما يسميه «الحوار بين الأديان»، وقد وجد ترحيبًا في الخارج، بما في ذلك الحزب الجمهورى في الولايات المتحدة وحتى في إسرائيل، حيث قام يهودا جليك، عضو الإسرائيلى اليمينى في الكنيست، بدعوة أوكتار إلى الكنيست، فضلا عن تدريس كتبه عن الخلق والدين الإسلامى من وجهة نظره المحرفة في الفصول الدراسية في ولاية أوهايو بأمريكا. 
ووفقًا للنيوزويك، فإن أردوغان معروف بسجله الغريب في اختيار أو استمالة مؤيديه والعكس، وذلك ليزداد نفوذًا وقوة، ولذلك يعد أوكتار من أبرز الزعماء الروحيين في تركيا، والذي يلقى ترحيبًا واستمالة كبيرة من أردوغان، وقد أعلن أوكتار أنه لا يوجد أي زعيم آخر بعد أردوغان، ودعم بشدة الطموحات السياسية المتزايدة للرئيس، على الرغم من الانتقادات ضد ممارسات أردوغان وسعيه وراء السيطرة على جميع السلطات في تركيا، وأظهر أوكتار في أكثر من مناسبة وخطاب، تبريرات كثيرة لما يقوم به أردوغان من سحق للمعارضة، أو للممارسات العنيفة ضد الأكراد، وأثناء البث اليومى للقناة الفضائية التي يملكها أوكتار، يقوم بتصوير الجماعات الكردية المسلحة والتابعة لحزب العمال الكردستاني كأنهم إرهابيون.
ونفذ أوكتار فيلمًا قصيرًا عن شرور حزب العمال الكردستاني، وقام أردوغان باستخدام الحملة التي اتفق عليها مع أوكتار ضد حزب العمال الكردستانى لتعزيز سلطته، ولتبرير ما يقوم به من انتهاكات واعتقالات وقتل جماعى للأكراد، ويساعد أوكتار أردوغان في دعمه لإعادة تشكيل الدستور، وتحويل تركيا من نظام برلمانى إلى نظام رئاسي.
وردًا على سؤال حول هذا الموضوع، قال أوكتار: «بالطبع الناس العاديون سيشعرون بالقلق من أن هذا سيزيد من سلطات أردوغان، ولكن أردوغان رجل سياسي مخضرم، وتركيا مناسبة أكثر لنظام رئاسى وليس برلمانيا»، ويقوم أوكتار بضخ أفكار عن عبادة الشخصية تجاه أردوغان وذلك لدعمه بشكل أكبر. 
ويقول النائب التركى السابق أيكان أردمير، والمحلل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن أردوغان رغم ميوله الإخوانية، وما يعمل عليه لتحويل تركيا من دولة علمانية إلى دولة دينية، إلا أن هذا لم يمنعه من وضع يده في يد متنبى مثل أوكتار، مضيفًا أن أردوغان يرى وجود شخصية أوكتار الكاريزمية في صالحه، ما دام لا يوجه له أي معارضة سياسية، رغم أن أوكتار يقود ما يسميه «الوجه الجديد للإسلام الحديث»، ولديه شبكة تليفزيون وقناة فضائية خاصة لبث آرائهم وتعزيزها، وأوكتار له المئات من الكتب التي قام بتأليفها، في محاولة لإبراز مذهبه الجديد في تناول الإسلام للجنس ونظرية الخلق والأديان، وقد أنشأ مؤسسة بحوث العلوم في ١٩٩٠ في تركيا والتي تعزز نظرياته عن الخلق والملة، وتتناول مجموعة متنوعة من القضايا الأخلاقية.
ولد عدنان أوكتار في أنقرة في عام ١٩٥٦، ودرس أعمال العلماء المسلمين مثل سعيد النورسي، الباحث الكردى المسلم الذي كتب «رسائل النور»، وتفسيره القرآنى الواسع النطاق الذي يتضمن عقيدة سياسية ودينية شاملة، وفى عام ١٩٧٩ دخل أوكتار الجامعة في إسطنبول، وقد تميز هذا الوقت بتنصيب المجلس العسكري بعد انقلاب سبتمبر ١٩٨٠، وكانت بيئة تركيا واحدة سواء في المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية، وكان يسودها اشتباك بين المحدثين العلمانيين الكماليين والمد المتصاعد للتشدد الإسلامي، وفى هذه البيئة كان أوكتار يحضر بانتظام في مسجد الملا الذي يقع على مقربة من أكاديمية الفنون الجميلة، حيث كان يدرس الهندسة المعمارية، وكان متعصبًا، وفى الثمانينيات كان يجمع الشباب حوله لتبادل وجهات نظرهم عن الإسلام، وكان هؤلاء الطلاب ينتمون إلى الأسر الاجتماعية الراقية والثرية في إسطنبول، ومن ١٩٨٢ إلى ١٩٨٤ تم تشكيل طائفة وصل عددها إلى ٣٠ شخصًا، وانضم إليهم طلاب المدارس الثانوية الذين كانوا ينتمون لعائلات نشطة اجتماعيًا ومعروفة بالوضع الاقتصادى المرتفع.
وفى عام ١٩٨٦ التحق بقسم الفلسفة في جامعة إسطنبول، وعقد المحاضرات في مسجدها للعديد من طلاب الجامعات، ومعظمهم من جامعة البوسفور، وهى واحدة من أرقى الجامعات في تركيا، وبدأ اسم عدنان أوكتار في الظهور بانتظام في الصحافة، وأحيانا يتصدر عناوين الصحف الرئيسية، وفى التسعينيات بدأ أتباعه يصطفون حوله، خاصة في المنتجعات الصيفية على طول بحر مرمرة، وأسس مؤسسة بحوث العلوم وقتها، والتي وصفها الجميع بعد ذلك بأنها «طائفة إسلامية»، وأكثر مريديها من النساء الجميلات المتحررات، ويقومون بممارسة الجنس أثناء الدروس، ومن تصريحات أوكتار اللافتة للنظر هو تشبيه نفسه بالنبى سليمان، وأن قصره كان جميلًا، وكان يحب أن يجمع أجمل المخلوقات حوله، وأن الهدف من الإسلام ينبغى أن يكون الجمال، والدروس الدينية التي ينشرها تتم من خلال الجلوس حول طاولة هو وأتباعه من النساء، ويتحدث معهن عن الإسلام والقرآن على صوت الموسيقى.
واللافت أنه تم رفع دعوى قضائية ضد أوكتار، لأنه يقوم بتصوير أتباعه أثناء ممارسة الجنس، أو باستخدام أتباعه الإناث لجذب الأثرياء والأقوياء لممارسة الجنس في محاولة لابتزازهم، إلا أن الحكم والقضية تم إلغاؤهما في عام ٢٠١٠ وذلك بسبب نفوذ أردوغان والذي كان وقتها رئيس وزراء تركيا. 
وترى النيوزويك أن الزعماء الدينيين يعتبرون أداة من أدوات أردوغان للسيطرة والعبث بعقول طوائف مختلفة في تركيا، ومن الشخصيات المماثلة لأوكتار هو الإمام المحافظ أحمد هوكا، والذي تغيرت لهجته بعد خروجه من السجن، وأصبح لسان أردوغان، وكثير الثناء على زعيم تركيا، وبحسب التقرير فإن المراقبين يرون أن ما يقوم به أردوغان من استمالة الزعماء الدينيين، لا يجعله في مأمن ولا يجعله يحظى بشعبية لدى الأتراك.