كل سنة وأنتم طيبين.
بعد ٣٠ مسلسلًا فى ٣٠ يومًا فى رمضان، ها نحن وصلنا للعيد، وأفلامه، التى يحمل أحدها اسم «٣٠ يوم عز»، والثانى يحمل اسم «بعد ٣٠ يوم»، وكأن الأسماء خلصت، أو ربما تكون «حركات» منتجين يتنافسون «بشرف» على جيوب جمهور العيد.
وبمناسبة أفلام العيد أدعوكم لإجراء التجربة التالية: عندما يهل سيل الإعلانات التليفزيونية عنها، قم بإغلاق الصوت تمامًا، وراقب ما تشاهده. سوف تكتشف أن هناك مجموعة كبيرة من البشر تعانى من هيستيريا جماعية أو مغص كلوى حاد، تتنطط مثل النسانيس فى جبلاية قرود!
منذ سنوات بعيدة جدًا كان هناك برنامج كوميدى فى التليفزيون البريطانى يصور فى مسرح به جمهور، ويعرض الطرائف من عالم الواقع والسياسة. ذات حلقة قام مذيع البرنامج بعرض لقطات صامتة متفرقة من بعض المسلسلات التليفزيونية المصرية، التى يتلوى فيها الممثلون والممثلات بكل جوارحهم، من أيديهم ووسطهم حتى حواجبهم وأنوفهم... وانتاب الجمهور الإنجليزى نوبة من الضحك الهيستيرى على هذه الكائنات الهيستيرية.
من شابه أباه فما ظلم، والمسلسل أو الفيلم الذى يشابه مجتمعه ما ظلم...انزل إلى الشارع فى العيد وراقب الهيستيريا الجماعية التى نعيش فيها... وحاول أن تعود بسرعة إلى البيت قبل أن تصدمك سيارة أو يثبتك بلطجى أو يتحرش بك مراهق.
٣٠ مسلسلًا عرضوا فى ٣٠ يومًا شهدنا خلالها الطيب والشرير والقبيح، ورصدنا بعض الملاحظات، مثل سيطرة الكآبة والمرض النفسى والعنف والجريمة على معظم الأعمال، وصعود أجيال جديدة من المخرجين والمؤلفين ومديرى التصوير والممثلين، واستمرار «العك» الناجم عن التنافس المحموم على كعكة رمضان، دون عقل أو قواعد تحكم السوق، وسيطرة مافيا شركات الإعلانات على الشاشات.
كل هذه ملاحظات قديمة متجددة...لكن الملاحظة الأحدث هى سقوط أو تراجع معظم الأسماء الكبيرة من نجوم التمثيل والغناء وصعود نجومية محمد رمضان... وهو ظاهرة خاض الكثيرون فى تفسيرها... ومعظمها يدور فى فلك تفسير رئيسى هو أن رمضان مجرد نتاج لواقع وظواهر اجتماعية تشبهه.
للنجوم بريق، وجمهور متيم بها وبالبريق، وللنجوم حظوظ لا دخل فيها للموهبة ولا الكفاءة. ورحم الله عمر الشريف الذى قال قبل وفاته بقليل فى حوار صحفى إن «فلوس التمثيل حرام»، واستطرد أن الممثلين يحصلون على «فلوس» كثيرة لا تساوى الجهد الذى يقومون به، غير أن أولاد الحرام التقطوا كلمته واعتبروها شهادة شاهد من أهلها أن التمثيل وفلوسه حرام!
طبعًا الحظوظ ليست مقصورة على نجوم التمثيل، وهناك من هم أكثر حظًا وبريقًا مثل لاعبى كرة القدم وبعض الدعاة الجدد وبعض «رجال الأعمال» القذرة، الذين يشاء حظهم أن يصبحوا همزة وصل بين غاسلى أموال وأجهزة مخابرات وسياسيين فاسدين.
عمر الشريف هو أيضًا الذى قال فى حوار آخر عندما جاءت سيرة فيلم «بداية ونهاية» إنه لم يكن يجيد التمثيل وقتها، وإن أفضل ممثل فى هذا الفيلم كان صلاح منصور، الذى لعب دورًا لا يتجاوز دقائق معدودة.
لا أقصد من وراء كلامى السابق أن أقلل من قدر محمد رمضان أو غيره من النجوم، خاصة الذين يتمتعون منهم بالموهبة والذكاء والاجتهاد، ولكننى أريد أيضًا أن أحيى أصحاب الأدوار الثانية والثالثة، الذين ساهم بعضهم فى نجاح الأعمال بقدر لا يقل عن نجومه. ولأن المجال لا يسمح بإحصاء الجميع أو معظمهم، أكتفى بذكر بعض الذين لم أذكرهم فى مقالات سابقة: صابرين وسامى مغاورى فى «أفراح القبة»، أنوشكا ومحمد ممدوح فى «جراند أوتيل»، أحمد كمال فى «الخروج»، كل فريق ممثلى «فوق مستوى الشبهات»، وأترك لحضراتكم إضافة أسماء المفضلين لديكم.
وكل رمضان وأنتم طيبون.. أما إذا كنتم لا تزالون ترغبون فى الفرجة على محمد رمضان، فيمكنكم الذهاب إلى مسرحية «أهلًا رمضان»!.