السبت 05 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

خبراء الآثار يطالبون بتدشين مشروع قومي لإنقاذ المومياوات.. "الميرغني": تعرضت للنهب والسرقة.. و"مقاولى الترميم" سبب تلفها.. و"سنبل": لدينا كوادر متخصصة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تسلم المومياوات على مر العصور في مصر من جرائم السرقة والنهب من جميع المواقع الأثرية، وتشهد على ذلك المزادات العالمية التي تباع فيها المومياوات وتعرض كنوز مصر المهربة بالخارج، وما بين السرقة والنهب، وغياب الأمن تجد المومياوات نفسها فريسة للصوص سواء لصوص التهريب أو مقاولي التدمير من غير المتخصصين الذين يقومون بإتلافها لغياب الخبرة، وهو ما يدعو لإرساء وتدشين مشروع قومي لإنقاذ المومياوات الموجودة في ربوع مصر، والتي نتفاجأ كل يوم بكارثة جديدة تتعلق بإتلافها أو تركها فريسة للصوص في الجبال.
"البوابة نيوز" استطلعت آراء خبراء الترميم في هذا الصدد لفض الاشتباك والبحث عن حلول ومقترحات حول تدشين مثل هذا المشروع.
في البداية اعترفت الدكتورة سامية الميرغني، مدير عام المعامل بمركز البحوث والصيانة وأستاذ الأنثروبولجي بالآثار، بأن غياب التمويل والأمن يمثلان عقبة في تدشين مشروع قومي لإنقاذ المومياوات الأثرية في مصر، مؤكدة أن المومياوات تعرضت لعمليات نهب كبيرة منذ القرن 18 وحتى القرن الـ19 لأنه كان يتم سرقتها وتهريبها، واستخدامها في الخارج كمساحيق لتطويل العمر، مضيفة أن المومياوات مقتنى معقد للغاية لأنه يضم مركب كرتوناج ولفائف، وهو ما يجعل التدخل فيها يحتاج إلى كوادر متخصصة في ذلك، خاصة أن درجة التحنيط تختلف من مومياء لأخرى، والتجريب فيها جعلها عرضه للتدمير والتلف والتغيرات والإصابات الموجودة، وأن أشكال التدمير متعددة منها المكيانيكي بسبب الذبذبات التي تتعرض لها أثناء النقل، والتدمير الفوتوكيميائي الممثل في "الإضاءة"، وهو ما يجعل تنفيذ المشروع ليس بالسهولة التي يعتقدها الكثير.
وأضافت الميرغني، أنها عانت كثيرًا خلال السنوات الماضية في تغيير منظومة الفكر تجاه التعامل مع المومياوات، ولم تكن آرائها يعتد بها، وهذا ظهر جليًا في ترميم مومياوات متحف "ملوي" التي كانت تتعرض للإضاءة المتسسلة من الشبابيك وظلت تطالب بنقلها بعيدًا عن الإضاءة دون استجابة، مشيرة إلى أن جميع المواقع الأثرية تعاني من أزمة الحفاظ على المومياء، فكثير منها خرج من الجبال ووضع في المخازن، وبمرور الوقت تعرض للتحلل والتلف.
ولفتت مدير عام المعامل بمركز البحوث والصيانة، إلى أنها طالبت جميع المناطق خلال السنوات الماضية لمدها بقاعدة بيانات لجميع المومياوات الموجودة بالمواقع الأثرية دون صدى، وهذا يرجع لخوف مفتشى الآثار من تسجيلها حتى لا تكون عهدة، وهو ما قضى على عدد كبير من المومياوات الموجودة في المواقع الأثرية، مشددة على هذا الغياب الذي أعتبرته أول ركيزة أساسية في تفعيل المشروع القومي لترميم المومياوات، لأنه يحتاج أولا لقاعدة بيانات بعدد المومياء الموجودة في كل موقع. 
وأشارت الميرغني، إلى أن عددًا من المناطق كان مخزنًا للصوص مثل مقابر القرنة التي كان يستخدمها الكثير منهم كمخازن لهم للتهريب في الخارج، وأنها شاهدت بأعينها مومياوات تباع في إسبانيا عند مشاركتها في مؤتمر عن "المصريات" مؤخرًا، وبالنظر إليها وجدت أن اللصوص كانوا يقومون بتهريبها مقطعة إلى أجزاء ليكون سعرها أغلى من بيعها بشكل كامل.
وحذرت مدير عام المعامل بمركز البحوث والصيانة، من خطورة تدخل الشباب غير المتخصص في التجريب على المومياء لأنه يفسدها تمامًا، بل دعت إلى تدخل علميين متخصصين في هذا المجال، لأن كل من يعرف "أ.ب" في الترميم يعتبر نفسه خبيرًا فيه، وهذا ليس صحيحًا، لأن هؤلاء هم من أفسدوا علم الترميم، مشددة في الوقت ذاته أنها لا تدين أحدًا بعينه ولا توجه اتهامًا له، ولكنها تنبه إلى خطورة التدخل في علم المومياء دون تخصص، معبرة عن استيائها البالغ من عدد المرممين اللذين يقدمون أنفسهم على أنهم نابغين في هذا التخصص وكأنه "مقاول مومياوات".
في السياق ذاته اتفق مصطفى إسماعيل، إخصائي الترميم بمتحف الحضارة القومي، والحاصل على ماجيستير في علم المومياوات، مع الدكتورة سامية الميرغني، في عدد من النقاط التي تعيق تدشين مشروع قومي لقلة غياب الموارد المالية والخامات اللازمة للترميم، بالإضافة لغياب الدورات التدريبية التي تساعد إخصائي الترميم الشباب في التعرف على التطور في علم ترميم المومياء، ففي الوقت الذي ما زال المرمم المصري يقوم بتحليل المومياوات بنظام الـ"الأي آر" وهو نظام متبع في السبعينات يقوم المرمم الأجنبي باتباع أحدث الأساليب التكنولوجية لترميم المومياء.
وأكد إسماعيل أن هناك عددًا من العراقيل التي تقف أمام التوسع في ترميم المومياوات، أبرزها الخوف من البدء في ترميم المومياوات بعدد من المخازن الأثرية لتحللها، وهو ما يحتاج إلى كوادر متخصصة في هذا المجال لمعالجة تحلل النسيج، معالجة"الراتنج"، والمقصود به المادة العازلة للمومياء والتي تقوم بسحب المياه منها للحفاظ عليها.
وطالب إخصائي الترميم بمتحف الحضارة القومي، بإرساء قاعدة بيانات تتوازى مع المشروع القومي لترميم للمومياوات، تكون ملمة بكل جزئية فيها من التكنيك المستخدم في التحنيط، والمسح الداخلي لها، ونسبة امتصاص المياه بها، لأن النسب ليست واحدة في كل المومياوات، وهو ما يؤدي لتلف عدد منها لعدم تكيفها مع الظروف المحيطة بها.
كما ناشد "إسماعيل" بإنشاء معامل ترميم داخل المتاحف المصرية لأخذ عينات من المومياء وتحليلها، خاصة وأن القانون يحظر على أي متخصص يقوم بأخذ عينات من المومياء لتحليلها بالخارج، وهو ما يعرقل إجراء اختبارات عليها، عكس المتاحف العالمية التي توفر كل الإمكانيات والمعامل الداخلية لترميم المومياء في مقرها الأساسي التي تتواجد به.
على جانب آخر قال الدكتور غريب سنبل، رئيس الإدارة المركزية للصيانة والترميم: إن وزير الآثار تحمس جدًا لإرساء مثل هذا المشروع لترميم المومياوات، وأنه سيطلب مقابلته بعد العيد لعرض كل المقترحات في هذا الصدد، والتي من بينها إرساء دورات تدريبية ببرنامج مفصل لأخذ موافقته عليها لتدريب عدد من الكفاءات المتخصصة في هذا المجال، والتعاون مع المراكز البحثية وكليات العلوم والزراعة للاستفادة منها، مشيرًا إلى أنه سيتم فتح باب التقدم لإخصائيي الترميم اللذين يجدون أنفسهم في هذا المجال، كما سيعرض على الوزير، مطلبًا لإرساء إدارة نوعية للترميم مثل الإدارات النوعية الموجودة المتخصصة والتي من بينها الإدارة النوعية لترميم الأيقونات والمخطوطات، وأن الصيانة والترميم ستضع أولويات للخامات التي سيتم شرائها للبدء في ترميم المومياوات.
وأشار رئيس الإدارة المركزية للصيانة والترميم، إلى أنه لا يتوافر حاليًا دعمًا ماديًا، ولكنه يعتمد على الجهود الذاتية للبدء في خطته لترميم المومياوات، وهذا ما اتبعه في عدد من المخازن من بينها مصطفى كامل في مدينة الإسكندرية ومخازن كوم أوشيم.
في السياق ذاته ناشد الدكتور عبدالحميد كفافي، مدير عام التخطيط والمتابعة بقطاع المشروعات المرممين، الاتحاد لتفعيل مثل هذا المشروع ليكون ميلادًا حقيقيًا لعلم ترميم المومياوات في مصر، لافتًا إلى وجود عدد كبير من المخازن المصرية التي تتواجد بها مومياوات كثيرة تعاني من التلف والتحلل، ولا تجد الكوادر اللازمة للتدخل، كما نبه لنقطة اعتبرها عقبة كبيرة تقف أمام هذا المشروع ألا وهي قلة الميزانية المخصصة لذلك لعجز الآثار وعدم توافر منح، وهو ما جعله يوجه نداء إلى مؤسسة الرئاسة لتبني هذا المشروع، في ظل ضعف الميزانية المخصصة لترميم المومياوات، وأنها تحتاج إلى توافرميزانية مبدئية قيمتها "10 ملايين جنيه" للبدء في المشروع.
وشدد كفافي، على ضرورة توفير البيئة المناسبة للمومياء التي يتم ترميمها، حيث إن كل مومياء توضع في المخازن بعد ترميمها تحتاج إلى توافر درجة حرارته تتراوح ما بين "19-23" ودرجات رطوية تتراوح ما بين "45-55" درجة مئوية، وهذا يحتاج لتكاليف عالية لتوفيرها في المخازن، داعيًا في الوقت ذاته المراكز البحثية للمساهمة مع الآثار في إرساء هذا المشروع.
ومن جانبه قال الدكتور ضاحي أبوغنيمة المشرف على ترميم المخازن المتحفية، إنه علينا التحرك، وعدم الاستسلام لتوافر الموارد المالية اللازمة لإرساء مشروع قومي لإنقاذ المومياوات في مصر، مؤكدًا في تصريحات خاصة أنه بالفعل تعاون مؤخرا مع الصيانة والترميم للبدء في معاينة المومياوات الموجودة بعدد من المخازن المتحفية كان أبرزها متحف "كوم أوشيم"، والذي يحتوي على 36 مومياء في المخزن، وأنه تم بالجهود الذاتية معاينة سبع مومياوات بالتوازي مع معاينة مومياوات مخزن مصطفى كامل في مدينة الإسكندرية، وأن هذا نهج الآثار خلال الفترة المقبلة هو العمل بالجهود الذاتية لحين توافر موارد مالية، وأن تلك الخطة تستهدف 33 مخزنًا متحفيًا على مستوى الجمهورية يتم معاينتهم طبقًا للأولويات.