السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

هل يفجر استفتاء بريطانيا الاتحاد الأوروبي؟

كاميرون
كاميرون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتوجه، اليوم الخميس، ملايين البريطانيين إلى صناديق الاقتراع لتحديد مصير بلادهم فى الاتحاد الأوروبي، والتصويت فى استفتاء بقاء أو خروج بلادهم من عضوية الاتحاد، فى ظل حالة ترقب من العالم أجمع لهذا الحدث التاريخى، الذى قد يكون بداية لتفكك أكبر كيان سياسي اتحادي في العالم، واستعدت جميع وسائل الإعلام العالمية لتغطية هذا الحدث التاريخي، وأعلنت جميع عواصم العالم انتظارها قرار البريطانيين، في ظل مناشدات أوروبية وأمريكية للمواطنين البريطانيين البقاء في الاتحاد الأوروبي وعدم الخروج منه تحت أى ظرف من الظروف، خوفا من انهيار الاتحاد.
ورسمت وسائل الإعلام العالمية السيناريوهات والتصورات التى ستترتب على اختيار البريطانيين، للخروج من أوروبا، وتأثير ذلك على العالم سياسيًا وأمنيًا واستراتيجيًا واقتصاديا أيضا.
الحرب العالمية الثانية وحّدت أوروبا
يضم الاتحاد الأوروبى ٢٨ دولة تتباين فى اللغة والثقافة والنظام السياسى، وتتنوع ما بين دول أوروبا الغربية الرأسمالية ودول من شرق أوروبا، والتى كانت شيوعية وتتبع الاتحاد السوفيتى.
وبدأت فكرة إنشاء الاتحاد عقب الحرب العالمية الثانية مباشرة، وكان هناك إصرار على تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول الأوروبية ودمجها فى كيان واحد لمنع أى حروب مستقبلية بينها، لأنه عندما يكون مصيرها واحدا فإن الخلافات تذوب وتتلاشى.
وتعد بريطانيا من الدول المؤسسة للاتحاد منذ أن كان فكرة وكيانا صغيرا حتى تطوره وتحوله إلى سوق أوروبية مشتركة، وبعدها دخلت العملة الموحدة «اليورو»، وحلت محل العملات المحلية فى أغلب بلدان الاتحاد، وتطور الاتحاد الأوروبى وأصبح له برلمان ومحاكم، وسياسة خارجية موحدة.
أسباب الاستفتاء
تشعر بريطانيا أنها دولة مميزة عن غيرها من بقية دول الاتحاد، ويرى البريطانيون أنهم القاطرة التى تقود أوروبا سياسيا وعسكريا بحكم تاريخها الطويل، لذلك فهم لا يقبلون الآخرين بسهولة، خصوصا القادمين من دول شرق أوروبا التى انضمت للاتحاد، ويتوافدون على بريطانيا بحثا عن العمل وفرص أفضل للحياة.
ويرى بعض السياسيين البريطانيين أن الاتحاد الأوروبى يساهم فى عرقلة بريطانيا اقتصاديا، وأنها تدفع مليارات الجنيهات الإسترلينية سنويا باعتبارها عضوا فيه، فى حين أن ما يعود عليها بالفائدة من الاتحاد الأوروبى من تلك المساهمات قليل جدا.
ويعتقد «معسكر الخروج» أن على بريطانيا الأخذ بزمام الأمور فى مراقبة حدودها، والحد من عدد المهاجرين للعمل فى بريطانيا من دول الاتحاد، الذى تحكمه قوانين حرية تنقل الأشخاص والبضائع.
أوباما وكاميرون يريدان البقاء
وأمام تزايد رغبة الانفصال البريطانى عن الاتحاد الأوروبى، ضغط الرئيس الأمريكى باراك أوباما بشدة على قادة أوروبا لمنح بريطانيا امتيازات حتى تبقى، وأقنع رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون بحث البريطانيين على البقاء.
ودشن «أوباما» و«كاميرون» حملة دعائية لحث الشعب البريطانى على التصويت للبقاء فى الاتحاد الأوروبى، من خلال الترغيب بامتيازات اقتصادية وسياسية ووضع خاص فى أوروبا، وأيضا من خلال التهديد والوعيد بمصير مظلم حال خروجهم من الاتحاد.
وقال «كاميرون»، فى تصريحات لصحيفة «ذى جارديان»، إن الناخبين سيوجهون رسالة واضحة باختيارهم البقاء فى الاتحاد، مفادها بأن «المملكة المتحدة ليست منطوية على نفسها».
وفى مقابلة أخرى، مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» أكد «كاميرون» أن المملكة المتحدة ستجذب مزيدا من الاستثمارات غداة الاستفتاء إذا بقيت فى الاتحاد.
ابتزاز بريطانى لأوروبا
ووافقت الدول الأوروبية خلال اجتماع الاتحاد الأوروبى فى «بروكسل» قبل أشهر على جميع مطالب بريطانيا وامتيازاتها الخاصة، رغم اعتراض بعض الدول فى هذا الوقت واعتبارها تلك المطالب نوعا من الابتزاز البريطانى، ومن أبرز تلك المطالب الحد من المساعدات الاجتماعية للعمال ذوى الدخل المحدود فى بريطانيا، فى مسعى للتقليل من الهجرة الأوروبية نحو بريطانيا، والإبقاء على عملة الجنيه الإسترلينى كعملة لبريطانيا وضمانات بعدم التمييز المالى ضد بريطانيا فى السوق الأوروبية بسبب عملتها، بالإضافة إلى ضمانات بالحفاظ على لندن باعتبارها مركزا للمال والأعمال والاستثمارات المالية البريطانية والعالمية، وألا تعرقل قوانين منطقة اليورو ذلك الوضع.
رعب ألمانى أمريكى
وتعد أمريكا وألمانيا أكثر الدول رعبا من خروج بريطانيا لخوفهما من فقدان قوة مؤثرة فى أوروبا، كما أن خروجها قد يشجع دولا أخرى على الخروج مثل فرنسا أو إيطاليا، وهو ما سيؤدى لانهيار الاتحاد بشكل واقعى.
وأظهر استطلاع للرأى، أجراه معهد «إنفراتيست ديماب» الألمانى مؤخرًا، أن ألمانيا هى الدولة الأوروبية الأكثر اعتراضًا على خروج بريطانيا وقلقا من هذا الموقف، لقناعتها بأن ذلك سيؤدى بلا شك إلى انهيار أوروبا، ويضعفها فى مواجهة التحديات الأمنية والسياسية.
وحذر نائب المستشارة أنجيلا ميركل وزعيم الحزب الاشتراكى الديمقراطى «زيجمار جابرييل» من العواقب الاقتصادية والسياسية الدراماتيكية على كل من بريطانيا وألمانيا، بالإضافة إلى تراجع القوة العسكرية والدبلوماسية للاتحاد الأوروبى من دون المملكة المتحدة.
من جانبه، قال كليمنس فوست، رئيس معهد «إيفو» الاقتصادى، ومقره ميونيخ، إن ألمانيا ستكون الخاسر الأكبر، مشيرًا إلى الصادرات الألمانية إلى بريطانيا التى بلغت ٩٠ مليار يورو فى عام ٢٠١٥، وهى أعلى نسبة على الإطلاق.
روسيا تثير رعب واشنطن
أما بالنسبة لواشنطن، فالوضع يأخذ بعدا عسكريا واستراتيجيا أعمق، فالولايات المتحدة ترى فى بريطانيا شريكها العسكرى الأهم فى العالم وتابعها المخلص فى كل حروبها بأفغانستان والعراق وليبيا، وخروجها من الاتحاد الأوروبى سيحرم واشنطن من هذا الدعم وسيترك واشنطن بدون غطاء قوى فى أوروبا، فضلا عن أن إضعاف أوروبا بخروج بريطانيا سيصب بصورة أساسية فى صالح روسيا، ويمنح الرئيس فلاديمير بوتين، أفضلية وقوة هائلة تسمح له بابتلاع أوروبا فيما بعد، ويجعله «سيد أوروبا».
إفلاس أوروبا
وبدون بريطانيا، فإن أوروبا معرضة للإفلاس بشكل كامل، فى ظل الأزمات الاقتصادية الطاحنة التى تواجه غالبية دولها، مثل اليونان والبرتغال.
أغلب البريطانيين يؤيدون البقاء
وكشف أحدث استطلاعات الرأى، أجرته صحيفة «تليجراف»، أن غالبية البريطانيين يؤيدون البقاء فى الاتحاد الأوروبى، حيث أكد ٥٣٪ ممن شملهم الاستطلاع أنهم سيصوتون للبقاء، مقابل ٤٦٪ يؤيدون مغادرة الاتحاد.
تأثير خروج بريطانيا على العالم
ويتفاعل العالم بشكل كبير مع الاستفتاء، نظرا للأهمية الكبرى التى يمثلها الاتحاد الأوروبى فى موازين القوى العالمية سياسيا وعسكريا، ويكفى أن نراقب انهيار البورصات وتراجع المؤشرات الاقتصادية فى الشرق الأوسط والعالم والصين، مع تقدم معسكر خروج بريطانيا فى استطلاعات الرأى، فى حين أنها تستقر وتعود للهدوء مع تقدم معسكر البقاء.
وأكد ريتشارد ديرلوف، الرئيس السابق لجهاز المخابرات البريطانى الخارجى، أن خروج بريطانيا سيؤثر بشدة على التعاون الاستخباراتى الغربى سواء بين الدول الأوروبية بعضها البعض، أو بينها وبين الدول الشرق أوسطية، وهو ما قد يشكل خطرا على أمن بريطانيا وأمن تلك الدول.
انتظار أسواق المال
وفى أسواق المال التى يهزها منذ أسابيع احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، تسود أجواء انتظار، حيث فتحت بورصة لندن أمس (الأربعاء) على ارتفاع طفيف، بينما كان الجنيه الإسترلينى مستقرا.
ودعا حوالى ١٣٠٠ مسئول فى شركات نصفها من المجموعات الكبيرة المسجلة فى بورصة لندن، إلى بقاء بريطانيا فى الاتحاد الأوروبى، مشيرين إلى أن مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبى «تعنى لشركاتنا تجارة أقل مع أوروبا وعددا أقل من الوظائف، بينما الانتماء إلى الاتحاد الأوروبى يشجع النشاط ويشجع الوظيفة».