يشارك «الساحر» محمود عبدالعزيز فى الدراما الرمضانية- بعد غيابه العام الماضي- بمسلسل «راس الغول» ليعود بموضوع مختلف لكن فى الإطار الدرامى الذى أصبح يستهويه عبر السنوات الماضية ويمنح «الساحر» مساحات أكثر رحابة فى الإبداع والتألق.. «راس الغول» عمل يُصنف كونه أقرب إلى مسرح «ستاند آب كوميدى» أو «الشانسونييه»- الاسم الذى بدأ من فرنسا ثم أصبح عنوانا للمسرح السياسى الساخر- داخل كواليس عالم التنظيمات الإرهابية وأجواء الإثارة والمطاردات فى إطار كوميدى ساخر.. يظهر محمود عبدالعزيز فى قمة تألقه بينما تستعرض أحداث المسلسل وتلقى إضاءات على مختلف شرائح المجتمع خلال رحلة هروب وتخفٍ طويلة تفرضها الأحداث على شخصية البطل. الحضور الكوميدى الطاغى الذى يملكه محمود عبدالعزيز ازداد بريقًا حين أصبح ضمن مباراة فنية بين أداء نجمات ونجوم كبار مثل ميرفت أمين، فاروق الفيشاوى، سناء شافع، هذا التجمع لنجوم ينتمون إلى جيل متقارب لم يحدث على حساب المساحات الممنوحة فى العمل لعدد من الوجوه الشابة التى استطاعت تأكيد وجودها، نجحت «بوصلة» الخبرة الفنية عند «الساحر» فى ضبط مؤشرها على الاتجاه الصحيح الذى يخاطب شريحة كبيرة من المشاهدين ويقدم لهم صيغة فنية ساخرة تكسر حدة جرعات العويل والصراخ فى الـ«توك شو» الذى يحاصرهم طوال العام على الفضائيات. مستوى أداء النجوم الكبار الذين جمعهم مسلسل «راس الغول»– على رأسهم «غول» الأداء محمود عبدالعزيز- فرض حضوره القوى على عنصر الحبكة الدرامية وخيوطها المتشابكة عبر مواقف الكر والفر بين أجهزة الأمن وشخصية البطل «عم درويش أو فضل الغول» وعدة جهات إجرامية.. لم يفقد المؤلف سيطرته على تماسك النص.. كما نجح المخرج فى الحفاظ على سرعة إيقاع العمل لتتسق مع طبيعة الأحداث وحالة التوتر الدائم نتيجة المطاردات التى يتعرض لها البطل.. وسط هذه الأجواء لم تغب اللمسة الإنسانية سواء فى علاقة «عم درويش» بابنه أو مع الشخصيات التى ربطته بها صداقة حميمة ثم تعود لتشاركه معاناة الصدفة التى قلبت حياته. أيضا يشهد مسلسل «المغنى» تجربة محمد منير مع الدراما هذا العام.. جزء أساسى من روعة الحالة الغنائية لمنير إدمانه السكن بين علامات الاستفهام.. دائما فى حالة سعى إلى البحث والتساؤل عن كل ما يفتح أمامه آفاقا جديدة للإبداع.. سواء ارتبط هذا الإبداع عند المتلقى بالسياسة.. الوطن.. أو حتى مشاعر الحب. التلقائية هى الأرض التى بنى عليها منير شعبيته الكبيرة على مدى عشرات السنين، لذا أى محاولة للتعالى أو تهميش البساطة والصدق سيكون لها أثر سلبى على صورة منير. للأسف.. المبالغات التى سادت الشق الدرامى فى مسلسل «المغنى» هوت بالعمل إلى مستوى التصنع والافتعال. الجزء التسجيلى عن بداية ودراسة منير كان الأفضل والأعلى فى المسلسل.. أولًا: لأن منير لم يبذل جهدًا فى الأداء التمثيلى وبدا تحركه أمام الكاميرا طبيعيا، وهو يستعيد محطات حياته.. ثانيًا: لأنه اعتمد على حقائق حول تفاصيل رحلة منير مع الغناء معروفة لدى جمهوره. على الصعيد الآخر، المستوى الركيك للصياغة الدرامية جاء مخيبًا للتوقعات.. أحداث تكررت فى معظم الأفلام القديمة.. سيطرة رجل أعمال على فنانة ارتبطت به بعدما تخلى عنها من تحبه.. إقحام أجواء «الأكشن» البعيدة عن فكرة وروح العمل.. حتى ردود أفعال الشخصيات اتسمت بالافتعال- تحديدا من قدموا أدوار الصحفيين والإعلاميين، منذ اللقطات الأولى للمؤتمر تحولت المبالغة فى انبهار شخصية الصحفى الشاب إلى مشهد سمج أساء إلى شخصية «المغنى».. الصياغة الدرامية التى جمعت بين الركاكة وكل مظاهر التعالى المصطنع عبر المبالغة فى ردود أفعال جميع من فى المسلسل تجاه شخصية المغنى أحدثت أثرًا عكسيًا أضر بالشخصية بدلًا من الإضافة لها.. خصوصًا أن التلقائية التى رافقت خطوات منير الأولى فى الغناء واستمرت معه لا تحتمل محاولة خلق أسطورة منه. تجربة منير الفنية المميزة التى جعلت المبدع يوسف شاهين يختاره للمشاركة فى عملين، بالإضافة إلى وقوفه أمام أهم نجمات السينما.. ثانيا: تاريخ رصيده من النجاح وهو ليس فى حاجة إلى إعادة تأكيد.. كلها حقائق تؤكد أنه من غير اللائق وضع اسم منير على عمل يفتقد مقومات الدراما والسيناريو.. مجرد حركة لمجموعة شباب تائهين أمام الكاميرا يدورون داخل حلقة من العبارات النمطية فى إطار غياب السيناريو والحوار.. وصور وجوه محتقنة لفتيات عجزن حتى عن التعبير والأداء التمثيلى. للأسف مؤلفا «المغنى» لم يبذلا أى جهد فى محاولة فهم تجربة منير الغنائية بعمق.. وإلاّ لما اكتفى العمل بالقشور السطحية المرتبطة بعالم الشهرة فى مسلسل «المغنى».
البوابة ستار
غِناء "المغني".. وسِحر "الساحر"
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق