فى العاشر من رمضان ذكرى نصر أكتوبر المجيد الذى أثبت فيه المصريون أنهم قادرون على تحدى كل الظروف التى تحيط بهم وقادرون على رد العدوان وتحرير أراضيهم وإعادة الحق إلى أصحابه كانت حرب العاشر من رمضان بالفعل أهم وأكبر الحروب فى العصر الحديث، بعد أن تصور العدو الصهيونى المتغطرس أنه قد حقق حلمه بالحصول على الأراضى العربية ولن تكون هناك قوة تردعه وتعيد الحق إلى أصحابه، حتى كان يوم العاشر من رمضان عندما استيقظت إسرائيل على أسود خبر فى تاريخها بأن القوات المصرية استطاعت تحطيم الأسطورة التى لا تقهر وحطمت خط بارليف المنيع، وأصيبت قوات العدو الإسرائيلى بالشلل التام فى ست ساعات فقط.
وكان عبور قناة السويس فى حرب العاشر من رمضان عام 1973 هو العبور الأول للقناة، لكن يبدو أن انطلاق ماكينات الحفر العملاقة فى شق أنفاق القناة فى الإسماعيلية تحديداً فى الأسبوع الأول من رمضان ليس صدفة، لأنه يؤكد أن هذا المشروع العملاق سيكون العبور الثانى لأرض الفيروز ولكن هذه المرة ليس لتحرير أرض سيناء من الاحتلال الإسرائيلى بل لتكون البداية للتعمير الحقيقى والتنمية المستدامة فيها، والعمل يتم على قدم وساق فى مداخل ومخارج الأنفاق وتم تركيب ماكينات الحفر العملاقة التى تعمل فى الأنفاق الستة، سواء فى بورسعيد أو الإسماعيلية أو السويس، وهو ما جعل مصر تبدأ الخطى على طريق الريادة فى حفر الأنفاق الضخمة بأيدٍ مصرية وبرجال مصر الأوفياء لتصبح هذه الأنفاق الستة بمثابة العبور الثانى لقناة السويس وتعمير سيناء الحبيبة التى أهملناها طوال أكثر من 30 عاماً حتى عشش فيها الإرهاب والتطرف وانتشرت فيها كل أنواع الممنوعات بدءاً من تهريب المخدرات حتى تهريب البشر لتصبح سيناء خرابة، ونسى النظام السابق أن أرض سيناء عامرة بكنوز الطبيعة التى حباها الله بها دون غيرها من المناطق، حتى كانت ثورة 25 يناير وبعدها ثورة 30 يونيو التى صححت المسار وعاد الاهتمام بأرض الفيروز التى تشهد تنمية حقيقية من خلال رصد أكثر من مليار ونصف المليار دولار لتنمية سيناء من خلال إنشاء ستة أنفاق أسفل قناة السويس لتسهيل عملية التنمية التى تشمل بناء مدن سكنية وصناعية وزراعية واستزراع سمكى خلال فترة لا تزيد على أربعة أعوام، وبذلك فإن الدولة تحارب الإرهاب وتحارب الزمن لخلق مجتمع مختلف تماماً فى سيناء التى هى قاطرة التنمية والشاهد على ذلك مشروع شرق التفريعة فى مدينة بورسعيد الذى تم إنشاؤه على الضفة الثانية من قناة السويس والذى يضم مدينة سكنية تسع لمائة وتسعين ألف وحدة سكنية وعشرات المصانع ومساحات شاسعة من المزارع السمكية، بالإضافة لأطول رصيف بحرى فى ميناء شرق التفريعة.
العاملون فى أنفاق قناة السويس يرفضون الحصول على إجازة أو التوقف عن العمل خلال أوقات الصيام فى الشهر الكريم، مؤكدين أنهم يحاربون للتحدى مثلما فعل جنود مصر الأبرار فى حرب رمضان المجيدة عام 1973 ليحققوا فيها النصر على العدو، وهم أيضاً يريدون تحقيق نصر عظيم على الزمن حتى تعود سيناء أرض الفيروز كما كانت فى الماضى.
الوقت والزمان سوف يشهدان على أن المصرى يستطيع أن يفعل كل شىء فى الوقت الذى يريده ويستطيع أن يبهر العالم يما يصنعه، فالتاريخ القديم والحديث شاهد على عظمة المصريين وقدرتهم على تحدى الصعاب مهما كانت وتحدى الزمن، فهم بناة الأهرامات التى عجز العالم عن معرفة سر بنائها حتى الآن، كما عجز العلم عن معرفة أسرار التحنيط عند قدماء المصريين، الذين عادوا مرة أخرى وأبهروا العالم بحفر قناة السويس الجديدة فى عام واحد فقط، وها هم الآن يبهرون العالم بحفر أنفاق التنمية والتعمير فى سيناء لتتحول سيناء أرض الفيروز إلى ملتقى التجارة والصناعة مرة أخرى لتعود مصر إلى ريادتها كما كانت فى الماضى.
اقتباس: انطلاق ماكينات الحفر العملاقة فى شق أنفاق القناة فى الإسماعيلية تحديداً فى الأسبوع الأول من رمضان ليس صدفة، لأنه يؤكد أن هذا المشروع العملاق سيكون العبور الثانى لأرض الفيروز ولكن هذه المرة ليس لتحريرها من الاحتلال الإسرائيلى بل لتكون البداية للتعمير الحقيقى والتنمية المستدامة فيها.