الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أخطر معركة في تاريخ مصر"2-3"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحدثنا فى الحلقة الأولى عن معركة الوعى، وكيف يتم تشكيل عقولنا لقبول مفردات ومفاهيم تهدف إلى تدمير الدولة من الداخل وبأيدى مواطنيها عبر جيوش غير مرئية تتخذ من مواقع التواصل الاجتماعية والمواقع الإلكترونية وقنوات فضائية ملعبًا ونقطة انطلاق لهجماتهم على عقول المصريين.
أخطر هذه الاختراقات تمت عبر تنميط الشخصية المصرية وتوصيفها عبر مفردات تم صناعتها خلال الخمسة أعوام الأخيرة، مثل فلول وعميل وخائن ومطبلاتى وكولجى وخروف وحكم العسكر، ثم التصنيف الطائفى مسلم ومسيحى ثم التصنيف الكروى أهلاوى ضد زملكاوى، ثم التصنيف الطبقى غنى وفقير، بتنويعاتها مواطن محترم ومواطن بلطجى أو عشوائى «يسكن فى المناطق المهمشة أو العشوائية»، وهدف كل هذه التصنيفات هو تفتيت المجتمع المصرى وصناعة صراع افتراضى يتحول فى أى وقت إلى فتنة كبرى، وهو ما شهدناه بعد ٢٥ يناير مباشرة وكانت القنوات الفضائية تنقلها على الهواء مباشرة، ومع الوقت تعود المجتمع على الحالة الثورية وأصبح الاستقرار حلما بعيد المنال أو مستحيلا تحقيقه.
وبعد ٣٠ يونيو ظهر صراع من نوع جديد وهو الصراع الجيلى بين الشباب وكبار السن، الأول تعايش مع الحالة الثورية والآخر يتوق إلى الاستقرار، مما زاد الفارق بين الأجيال وسمح بوجود ثغرات مكنت المتربصين من النفاذ لزيادة الهوة بين الأجيال، ثم صناعة هوة أكبر بينهم وبين قيادة الدولة تسمح بتحريك القوى الفاعلة نحو قيادة الدولة وشل حركتها عبر حملات ضغط منظمة تقتنص أخطاء الحكومة أو سقطات البرلمان فى انتظار لحظة خلل تقودها لصناعة مشهد مشابه لما حدث فى ٢٥ يناير، وعودة تكتلات القوى الدولية لصناعة القرار فى مصر عبر انتخاب رئيس تابع أو قابل لتنفيذ رغبات تلك التكتلات فى مصر.
يقودنا هذا التصور إلى تصور آخر للزميل أحمد ناجى قمحة رئيس وحدة بحوث الرأى العام فى الأهرام حول خضوع مصر لمرحلة فى حرب من نوع جديد تعرضت لها دول كثيرة فى العالم، حرب جرى تعريفها بأنها حرب الأشباح والتى تأتى كجزء من «استراتيجية البركان-Volcano Strategy- والحرب القذرة Dirty War». وهى نوع من الحروب كان أول من لفت النظر إليها الكاتب الأمريكى ستيف كول تطبيقًا على الحرب الأمريكية فى أفغانستان والعراق، وأول من أصل لها عربيًا المفكر العراقى مهند العزاوى ووضعها كجزء من استراتيجية البركان للتفجير الذاتى للدول، وهدم عامود الدولة الحامل لها ويتمثل فى قواتها المسلحة. وذلك باستخدام عناصرها المركبة الأكثر دموية وما تتصف به من مفاهيم مركبة وأساليب مشتركة وفق التسهيلات المعلوماتية التى تقدمها حرب المعلومات «Information War»، وهى بذلك تستهدف البنى التحتية الاجتماعية والسياسية للدولة المراد إخضاعها أو تدميرها أو الهيمنة الشاملة عليها، ويتم ذلك عبر إثارة الفتن وإذكاء الاحتراب العرقى والطائفى من خلال ورش عمل وتنظيم مؤتمرات وبرامج تدريبية مصنعة فى أروقة أجهزة المخابرات المعادية، وباستخدام قاموس مصطلحات ومفردات مصاغة بعناية فى دهاليز المؤسسات المخابراتية لهيكلة العقول وإثارة نزعة الاحتراب الذاتى المسلح لتمزيق النسيج الاجتماعى.
تنفذ عمليات هذه الحرب بأداء نوعى وحرفية عالية لا تقبل الخطأ، ولا تترك آثارًا تدل على منفذيها، وتأخذ فى الأغلب الأشكال التالية:
١. عمليات خطف.
٢. اغتيالات مختلفة.
٣. تفجيرات نمطية شائعة.
٤. مهام تمويه وتضليل سياسى وإعلامي.
٥. شبكات تجنيد تجسسية.
٦. جرائم وحوادث جنائية بدوافع سياسية ومخابراتية.
٧. عمليات اختراق محدودة لقطاعات فى الأجهزة الأمنية لمهام خاصة وغيرها من العمليات غير النمطية.
٨. حرائق وأزمات مفتعلة لتأليب الرأى العام.
والمقصود بذلك هدم قيم المجتمع وخلق جيل جديد لا يعول كثيرًا على خبرات من سبقوه، ولا يهتم كثيرًا بثوابت دولته الوطنية، ويتم حضه على مقاومة القانون وعدم احترامه بحجة أن مشروعية حق الشباب تتفوق على شرعية القانون. بما يخلق جيلًا متمردًا على كل شيء أسرته الصغيرة، معلميه وأساتذته، مجتمعه ووطنه.
أما الهدف الأكثر خطورة، فهو استهداف المؤسسة العسكرية الوطنية، عبر إفقاد المواطنين الثقة فيها، وخلخلة الثقة داخل المؤسسة بين الجنود والقادة، ومحاولة جر المؤسسة العسكرية بأى طريقة لمواجهة مع الشعب، وأخيرًا العصف بالصورة الذهنية للمؤسسة وإفقادها هيبتها.
وللحديث بقية.