الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

خلل في "الأسرة المصرية" يهدد الأمن القومي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إذا أصبحت "الاسرة المصرية" في خطر، فاعلم جيدا أن المجتمع كله في خطر، فالأسرة هي وحدة المجتمع، إذا ما أصابها مرض عضال انتقل إلى بدن الوطن بسرعة، وضرب الاعتلال كل ثوابته الاخلاقية والثقافية والنفسية والقومية أيضا. وهو ما يستوجب منا اعادة النظر في دراسة التغيرات التي جرت على تركيبة الاسرة المصرية، التي كان يسودها الاحترام والحب والمحبة والوئام، فحل محلها القساوة والغضب والحنق والاعتداء والغل وغياب الرحمة.
أقول هذا الكلام بعد رصدى في الأيام الأخيرة لانتشار جرائم داخل الاسرة المصرية تقشعر لها الأبدان، تشير تلك الحوادث إلى اننا لم نعد مجتمعنا مسالما متدينا، شهد له الجميع بالأمن والأمان وضرب به المثل في التماسك الأسرى والود والحب بين أفراد الأسرة الواحدة.
فجريمة القتل البشعة لم تكن موجودة داخل الأسرة المصرية إلا نادرا، وكان يهتز لها الرأى العام، ويظل يتحاكى بها لشهور طويلة، لكن الواقع الآن أصبح أكثر غرابة وبشاعة خصوصا أن زحمة الأحداث وانتشار الأزمات السياسية التي سيطرت على حياتنا اليومية جعلتنا نتعامل مع الجريمة والقتل والذبح كإجراء روتينى مقبول، وهو أمر خطير.
في الماضى عندما كنت تقع جريمة تتعلق بالآباء والأبناء والأمهات داخل الأسرة الواحدة كان المجتمع يشتعل غضبا، لكنه الآن تفكك وأصبح لا يشعر بعضه ببعض ولا يسامح بعضه بعضا، وأصبحت الغرف المغلقة داخل الأسر الواحدة تشهد صراعا عائليا رهيبا ينتهى بالقتل والحرق والتعذيب والتمثيل بالجثث أحيانا كثيرة.
ففى الأيام الأخيرة شهد المجتمع المصرى عدة حوادث بشعة للغاية، ورغم بشاعتها لم تحرك ساكنا، ولم تلق الصدى الواجب، وضاعت وسط زحام الأحداث السياسية. فمنطقة "السلام" بالقاهرة، كانت شاهدًا على تجرد "جزار" من كل المشاعر الإنسانية والرحمة، بعد أن قام باغلاق ابواب الشقة على طليقته وبناتها الأربع، وإشعال النيران فيهن، ليتحولن إلى كومة من تراب، بعد أن قضت عليهن النيران وعلى محتوايات الشقة، وكان دافع الجريمة أن المرأة رفضت العودة إلى طليقها فعاقبها بحرقها هي وبناتها.
حادثة أخرى في الجيزة، بطلها شاب لا يزال يدرس، انخرط في تعاطى المخدرات التي اكلت مستقبل وعقول شبابنا، طلب من شقيقته مبلغا من المال لانفاقه على المخدرات، إلا أنها رفضت أن تعطيه مالا يضر به نفسه، فما كان منه إلا أن استل سكينا وقام بطعنها عدة طعنات، بعدها شطر جثتها إلى نصفين، وألقى بكل جزء في منطقة مختلفة، في محاولة منه لاخفاء جريمته كى لا يفتضح أمره، لكن أجهزة الأمن استطاعت الوصول إلى الحقيقة، وألقت القبض على الشقيق القاتل واعترف بجريمته.
نفس الأمر تكرر في مدينة الإسماعيلية، عندما اقدم زوج على ذبح زوجته وأطفاله الثلاثة، وقام بتقطيعهم بوحشية، وكأنهم ليسوا فلذات كبده، وكأن زوجته لم تكن له يوما سترا وتحمل تجاهه مشاعر إنسانية شريفة، إلا أن الشيطان اعمى الرجل، ففعل في زوجته وابنائه ما لا تفعله الدواب الذين لا عقل لهم ولا مشاعر.
نفس الأمر أيضا تكرر في محافظة قنا، ومن قبلها في محافظة أسيوط، بقيام زوج بقتل زوجته وأولاده الأربعة بأطلق النيران عليهم حتى قتلهم، ثم قطع جثثهم بالساطور لاخفاء معالم جريمته.
هذه الظواهر البشعة تؤكد أن المجتمع المصرى وسط الأحداث السياسية أصيب بخلل اجتماعى ونفسى شديدين، ويحتاج دراسة عاجلة من المتخصصين ووضع علاجا فاعلا.
فيبدو أن ما يحدث على الساحة السياسية ليس بعيدا عن الحياة الاجتماعية، فالمصريون أصابهم الاحباط مما يشاهدونه في وسائل الإعلام من عمليات إرهابية وقتل وتدمير، فأصيبوا بالاحباط السياسي والنفسى، إضافة إلى العوامل الاقتصادية والتطلعات الاجتماعية الكبيرة الاخرى التي تاثر على سلوكهم، والتي حولت البعض منهم لآلة مادية بحتة، خاصة بعض الاسر الفقيرة، لا أحد يحمد الله سبحانه وتعالى على ما أعطاه له ورزقه به، بل ينظر دائما إلى الآخرين ويتطلع لأمتلاك ما في يدهم، ويحاول بكل الطرق أن يصل بالحياة المادية لمن هم أفضل منه باى شكل وان كان بارتكاب الجرائم، وهو تحول خطير على الجميع الانتباه له.
على كل الجهات المسئولة في الدولة الالتفات إلى حال "الاسرة المصرية"، الذي يهدد تفككها الأمن القومى المصرى. علينا مراجعة أنفسنا قبل فوات الأوان وعلى المختصين أن يكتبوا لنا روشتة علاج الأسر المصرية قبل فوات الأوان.