الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عن الصحافة وغياب الحصافة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المؤكد أن قيام عناصر شرطية بدخول مقر نقابة الصحفيين للقبض على مطلوبين للعدالة دون إخطار مسبق لنقيب الصحفيين وعدم وجود عضو من النيابة العامة لا يمكن وصفه إلا بالاقتحام غير المبرر، لذلك كنت أحد الصحفيين الذين شعروا بإهانة بالغة، لاسيما أن هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها وزارة الداخلية إجراء مثل هذا النوع منذ نشأة النقابة قبل ٧٥ عاما.
وحتى إذا كان الإجراء قانونيا من حيث الشكل كما أكد بيان النائب العام ورئيس مجلس النواب، فإن المواءمة السياسية في العلاقة بين مؤسسات الدولة كانت تفرض على وزير الداخلية أن يلتزم بنص المادة ٧٠ من قانون النقابة، ولو رفض النقيب أو أحد أعضاء المجلس تسليمهما لكنت أول من سيدافع عن حق وزارة الداخلية في دخول مقر النقابة وإنفاذ القانون رغم أنف الجميع.
وأظن أن سيناريو رفض تسليم الصحفى عمرو بدر وزميله محمود السقا كان الأقرب للواقع بسبب وجود عناصر داخل مجلس النقابة حريصة على تسييس مواقفها، وقد اتضح ذلك في تظاهرات الجمعة ١٥ إبريل الماضى عندما سمحت تلك العناصر للمشاركين في مظاهرة غير قانونية بدخول النقابة والاحتماء بها من ملاحقة رجال الأمن. ومع ذلك غابت الحصافة السياسية عن أداء وزير الداخلية، فتسبب في أزمة مجانية جميعنا في غنى عنها. لكن هل نجح مجلس نقابة الصحفيين في إدارة معركتهم وتمتع بالحصافة السياسية المطلوبة في الدفاع عن كرامة الصحفيين والصحافة؟! نحن الصحفيين طالما انتقدنا أداء الحكومة في تعاملها مع الأزمات المتلاحقة التي ألمت بها، وليست أولها أزمة الطائرة الروسية وصولا إلى أزمة الباحث الإيطالى جوليو ريجينى.
ولا طالما طالبنا الحكومة بتشكيل مجموعة لإدارة الأزمات تكون معنية بمعالجة مشكلات وتداعيات كل أزمة نمر بها. هذه المرة نحن المعنيون بإدارة أزمتنا مع وزير الداخلية وتدارك تداعياتها التي تجسدت في تشكل رأى عام ضد الصحافة والصحفيين. لكن باب النجار مخلع، فقد فشل مجلس النقابة في إدارة الأزمة فشلا منقطع النظير، وتسبب أداؤه في تعقد المسألة وتصعيدها والوصول بها إلى أعلى سقف المستحيل.
نعم، كنت مع آخرين يطالبون بإقالة وزير الداخلية، وكان ذلك رد فعل مرتبطا بسخونة اللحظة، وربما أيضا لم أتحفظ كثيرا على بيان اجتماع أعضاء الجمعية العمومية، لكنى تصورت أن في المجلس من يستطيع إدارة عملية التفاوض وتقديم بعض التنازلات على نحو يساعد على حل المشكلة، بما يحفظ كرامة الصحفيين ويعلى كلمة القانون وعدم الوصول إلى نقطة اللاعودة في الصدام، لكن ما حدث كان العكس تماما فتصريحات أعضاء المجلس تضاربت وتناقضت بشكل فج يضع بعضهم تحت طائلة القانون أو على الأقل في خانة (اللى بيصنع كذب مش متساوي) منها على سبيل المثال مدى علم المجلس من عدمه بصدور أمر ضبط وإحضار لبدر والسقا وتهديد أحد أعضاء المجلس بالتصعيد والدعوة لإضراب عام بعد إعلان النقيب يحى قلاش قبوله كل مبادرة تسعى للحل المنصف.
ومع إقرار النائب العام بسلامة الإجراءات القانونية التي اتبعتها وزارة الداخلية تصورت أننا سنشهد مباراة سياسية رفيعة المستوى، يديرها لاعبون محترفون، إلا أن خيبة الأمل في أعضاء المجلس كانت نصيبى، حيث بدا وزير الداخلية مع الاحترام الشديد لشخصه (الحيطة المايلة) التي يضغط عليها مجلس النقابة، موجها له لكماته وضرباته دون هوادة، ولم نر تعاملا قانونيا مع ما ورد في بيان النائب العام كما لم نره معالجة سياسية تحاول تجاوز هذا المأزق القانونى. إذا كان سلوك بعض رجال الأمن قد تسبب في شعور قطاع كبير من الصحفيين بالإهانة مرة، فإن أداء مجلس النقابة تسبب في هذا الشعور عشرات المرات، لذلك ادعوا نقيبنا من أجل تاريخه الصحفى والنقابى أن يبادر إلى الدعوة لجمعية عمومية طارئة وقانونية، ويترك لها أمر اتخاذ القرارات المناسبة سوى في عملية إدارة الأزمة أو طرح الثقة في المجلس الحالى حتى يكون له الفضل في نزع قتيل الفتنة والانقسام بين الصحفيين وأظنه لا يعبأ إلا بقضية الصحافة وكرامة أبنائها.