الخميس 04 يوليو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

أعياد القيامة.. العبور من الضعف للانتصار

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
احتفل أمس المسيحيون بعيد القيامة المجيد الذي يعد أهم الأعياد الدينية المسيحية، بل ويعد الحقيقة المحورية لتاريخ المسيحية، والتي بنيت على أساسها الكنيسة، لأن القيامة هي محور اكتمال جميع نبوءات العهد القديم، كما يسبقها «الصلب» كجوهر أصيل للعقيدة المسيحية، وغالبا ما يقع بين أوائل شهر إبريل إلى أوائل شهر مايو.
وتتبع يوم العيد فترة تعرف بـ«أفراح القيامة» تستمر لمدة ٥٠ يومًا لا يتخللها أي صيام وتنتهى بذكرى العنصرة أي «حلول الروح القدس على التلاميذ».
يبدأ التحضير عند المسيحيين الشرقيين لعيد القيامة ببدء الصوم الكبير، يليه الأحد الشعانين ثم الأسبوع المقدس (أسبوع الآلام) - يكون هذا الأسبوع تمهيدا ليوم القيامة، في هذا الأسبوع تتجلى آلام المسيح وعلى طيلة الأسبوع تكون هناك صلوات، قبل القيامة بثلاثة أيام هنالك من لا يأكل شيئا تضامنا مع آلام السيد المسيح حتى سبت النور الذي بعده بيوم يكون عيد القيامة. ويرتبط عيد القيامة بعيد الفصح اليهودى، ففى الكثير من لغات المجتمعات المسيحية، غير اللغات الإنجليزية والألمانية والسلافية يشتق اسم العيد من الاسم العبرى «بيساك» أي «الفصح». 
حيث يعتمد عيد القيامة على عيد الفصح اليهودى، ليس فقط في بعض من معانيه الرمزية ولكن أيضًا في موقعه في التقويم، فنجد أن العشاء الأخير الذي قام به السيد المسيح مع تلاميذه قبل صلبه يمثل عشاء الفصح حسب ما ذكر في العهد الجديد من الكتاب المقدس (متى، مرقس، لوقا). ويأتى الرابط بين المناسبتين لأنه في اليهودية تحمل كلمة الـ«بيسح» «الفصح» معنى العبور أو القفز أو الانتقال، ويتم الاحتفال به كذكرى لعبور موسى النبى وبنى إسرائيل من مصر، حيث كانوا عبيدا عند فرعون وشعبه إلى صحراء سيناء، حيث أصبحوا أحرارا من العبودية، لذلك فالبيسح عند اليهود هو رمز لانتقالهم من العبودية إلى الحرية ونفس المعنى يعطيه عيد القيامة المجيد الذي يحدد بعد أو قبل الفصح اليهودى لكن ليس معه ليتم التمييز بينهما، فبحسب العقيدة المسيحية يمثل موت السيد المسيح على الصليب باب العبور من العبودية وقيامته تمثل الفرح والرجاء والانتصار على الضعف. 
القيامة في أيام الكنيسة الأولى
وُضِعت أغلب الأعياد المسيحية منذ أيام الكنيسة الأولى على يد عدد من المؤرخين الإكليريكيين (الكنسيين) إضافة إلى تقليد الرسول يوحنا المبشر، وقد ناقشوا احتمالية تثبيت تاريخ إقامة الفصح عند المسيحيين في الرابع عشر من نيسان، أي حسب التقويم العبرى في العهد القديم من الكتاب المقدس. 
ويعود انفصال المسيحيين عن الأعياد اليهودية إلى العصور الأولى المبكرة للمسيحية، ولكنهم ظلوا لفترة من الزمن يحتفلون بالفصح المسيحى في نفس توقيت احتفال الفصح اليهودى في اليوم الرابع عشر من نيسان.
وقد جرت مراجعة توقيت عيد الفصح المسيحى في مجمع نيقية الذي دعا إليه الإمبراطور قسطنطين في عام ٣٢٥ بعد الميلاد، وأثبت المجمع قانونًا لم يزل مطبقًا حتى الآن وهو أن عيد الفصح يقع في الأحد الأول الذي يلى بدر القمر الواقع في أول الربيع، فكان هناك عنصران لتعيين الفصح، عنصر شمسى وهو ٢١ مارس يوم التعادل الربيعى وعنصر قمرى وهو ١٤ من الشهر القمرى، وهذا يعنى أن يكون الأحد الذي يلى بدر الربيع هو عيد الفصح عند جميع المسيحيين.
وقبل انعقاد هذا المجمع كانت كنيسة الإسكندرية قد غضت النظر عن الحساب اليهودى، واتخذت لنفسها قاعدة خاصة جعلت عيد الفصح يقع بعد أول بدر بعد اعتدال الربيع في الحادى والعشرين من مارس، وهو ما اعتمده مجمع نيقية وتتبعه جميع الكنائس في العالم الآن.
احتفالات متباينة
أما عن طرق الاحتفال بعيد القيامة عند المسيحيين الغربيين، فتوجد عدة طرق من حيث الاحتفال الكنسى «الليتورجى» في عيد القيامة، نرى أن الرومان الكاثوليك واللوثريين والإنجليكان يحتفلون بقيامة المسيح في ليلة سبت النور، في أهم احتفالية كنسية من السنة كلها تبدأ في الظلام وحول لهب النار الفصحية المقدسة، حيث يتم إشعال شمعة كبيرة تدل على قيامة المسيح، وإنشاد الترانيم، بعد ذلك يتم قراءة أجزاء من العهد القديم من الكتاب المقدس: قراءة من قصة الخلق وتضحية إسحق وعبور البحر الأحمر والتنبؤ بقدوم المسيح، يليه ترنيم الهليلويا وقراءة إنجيل القيامة، تلى الموعظة قراءة الإنجيل.
بعض الكنائس تحبذ الاحتفال بعيد القيامة في صباح الأحد وليس في ليلة السبت، هذا يحصل في الكنائس البروتستانتية، حيث إن النساء ذهبن إلى قبر المسيح في فجر الأحد وكان المسيح قد قام، ويقام هذا الاحتفال عادةً في ساحة الكنيسة.
أما عند المسيحيين الشرقيين فيُعتبر عيد القيامة من أهم الاحتفالات الدينية عند الأرثوذكسيين الشرقيين أيضًا، وتعتبر الأعياد الأخرى تمهيدية لتصل إلى عيد القيامة، كونه يمثل تحقيق رسالة المسيح على الأرض.
ويقوم الأرثوذكس إضافة إلى الصوم وإعطاء الصدقات والصلاة في زمن الصوم الكبير بالتقليل من الأشياء الترفيهية وغير المهمة، وتنتهى يوم جمعة الآلام، تقليديًا، يتم الاحتفال نحو الساعة ١١ مساء من ليلة سبت النور وحتى الساعات الأولى من صباح الأحد (عيدالقيامة).
لماذا يرتبط شم النسيم بعيد القيامة؟
كلمة شم النسيم تعنى بستان الزروع ولا تعنى استنشاق الهواء الجميل كما يظن البعض وهى كلمة مصرية قديمة وليست عربية وكان قدماء المصريين يحتفلون به بمناسبة قدوم الربيع، أما ارتباطه بالقيامة فجاء بعد انتشار المسيحية في القرن الرابع.
وقد واجه المسيحيون إشكالية في الاحتفال به لأنه كان يقع داخل الصيام الذي يتميز بالتقشف والزهد عن كل مظاهر الرفاهية إضافة لالتزام الصائمين بتناول انواع محددة من الأطعمة ما يمنعهم عن الخروج للمتنزهات وتناول الأطعمة الحيوانية لذلك رأى المصريون أن يتم تأجيله لفترة بعد عيد القيامة. 
أما بخصوص تحديد موعد عيد القيامة فله حساب فلكى تم وضعه بواسطة بطليموس الفرماوى في عهد البابا ديمتريوس الكرام البطريرك الثانى عشر ونسب إليه فدعى حساب الكرمة. ويحدد هذا الحساب موعد عيد القيامة بحيث يكون موحدا في جميع أنحاء العالم، وبالفعل وافق على العمل به جميع أساقفة الكنيسة في روما وأنطاكية وأورشليم بناء على توصيات البابا ديمتريوس الكرام ومن ثم التزمت به جميع الكنائس في العالم حتى عام ١٥٢٨. وكان يراعى هذا الحساب أن يكون العيد يوم الأحد توافقا مع قيامة المسيح يوم الأحد وكان يراعى أيضا أن يأتى بعد فترة الاعتدال الربيعى ٢١ مارس وأن يكون بعد فصح اليهود. وظلت كنائس العالم على هذه الطريقة إلى أن جاء البابا غريغوريوس بابا روما ليضيف بعض التعديلات على التوقيت ومع الوقت اختلفت مواعيد الأعياد بين الطوائف إلا أنها تطابقت مؤخرًا.
ما سر ارتباط البيض الملون بشم النسيم؟
ارتبطت بعض العادات باحتفالات شم النسيم، كتقليد صبغ البيض باللون الأحمر أو بألوان وزخرفات متنوعة، حيث تقوم بها الأمهات قبل يوم العيد ويتم سلق البيض بكميات كثيرة، وصبغها بغرض توزيعها على الأهل خصوصًا الأطفال في يوم العيد وبعد القداس مباشرةً، وهذا التقليد لا يزال متبعًا إلى يومنا هذا، فبالرغم من وجود البيض الملون بالمحال إلا أن الفرحة تكون أكثر بعمله في البيت وسط لمة الأطفال، ولأن المصريين القدماء بعد انتشار الأديان اعتادوا على صبغ العادات العادية بصبغة دينية، فربطوا بين ذكرى قيامة المسيح وبين تلك العادة، حيث انتصر على الموت وخرج من القبر حيًا كذلك هذه البيضة، هي كالقبر وما فيها هو ميت بحد ذاته، لكن من هذه البيضة تخرج حياة، وهى الكتاكيت الصغيرة التي تصبح فيما بعد دجاجةً أو ديكًا، لذلك فالبيضة، هي رمز لحياة جديدة تخرج من الموت، لذلك نقوم بتلوينها وإعطائها للأولاد كرمز لقيامة السيد المسيح من الموت.