تلقيتُ دعوة كريمة من إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة لحضور الندوة التثقيفية الثانية والعشرين، وكان موضوعها الرئيسي عن سيناء والتحديات التي واجهتها على مرِّ العصور، وآخرها تحدي الإرهاب الذي سعى إلى تدمير كل أشكال وجود الدولة المصرية على أرض سيناء طوال السنوات الماضية، والتي بدأت بظهور الجماعات التكفيرية على أرض الفيروز.
المطامع في سيناء لم تنته طوال التاريخ المصري، ولعل معارك الجيش المصري العظيمة دارت رحاها على هذه الأرض المباركة، واليوم تضرب القوات المسلحة نموذجًا فريدًا في معارك التنمية المصاحبة لعمليات القتال، قد يكون الأول فى العالم أن يقوم جيش بعمليات تنمية في توقيت الحرب على عدو متربص وكامن ويتحرك على أرض يعلمها جيدا، عدو خسيس يحارب كالشبح ويختبئ في أنفاق أرضية مثل الفئران.
ذهبت وأنا أشعر بالمرارة بعدما رأيت صور الحكومة الإسرائيلية وهي تجتمع فى الجولان المحتلة، وتعتبرها أرضًا إسرائيلية؛ منتهزة ضعف وهوان الأمة السورية وجيشها العربي، لقد مزقت ذئاب الفوضى الجسد السوري، فوجدت إسرائيل فرصتها سانحة لنهش جزء أصيل من الدولة السورية، وهى عادة إسرائيلية، هي تنتظر ضعف خصومها لتنقض على أراضيهم.
لم ينقذني من حالة الغضب المصاحب لرؤية هذه الصورة إلا التقرير الذى قدمه الفريق أسامة عسكر، قائد قوات شرق القناة، عما أنجزته وتنجزه القوات المسلحة فى مجال تنمية سيناء ورعاية أبنائها، تنفيذًا لتكليفات الرئيس السيسي، والذي تكلف حوالى ١٥ مليار جنيه لهذا الغرض، وأكد الفريق عسكر أن الجهل والفقر ونقص فرص العمل تعد بيئة خصبة لنمو الإرهاب، مشيرًا إلى أن المواجهات الأمنية وحدها لا تكفي فى مجابهة الإرهاب.
تصريحات الفريق عسكر أكدت أن الجيش المصري واعٍ تمامًا لما يحاك ضده وضد سيناء، وأن الإرهاب استغل ضعف الخدمات وغياب الدولة وتمكن من السيطرة على العقول الفارغة بسلاح الدين، وأنه مصر على إنقاذها مهما كان الثمن، فبدماء المصريين وعرقهم حررت سيناء ومازالت.
تضمن تقرير الفريق عسكر عددًا من المشروعات فى مجال الإسكان بشمال سيناء، شملت الانتهاء من ١٢٠ وحدة سكنية بالمساعيد للأسر التى تم إخلاء مساكنها بالمنطقة العازلة، وتسليم ١٢٠٠ وحدة فى مايو المقبل، و٧٨٠ وحدة فى أبريل من العام المقبل، مع إنشاء ١٠ آلاف وحدة فى مدينة رفح الجديدة على مرحلتين، بجانب حفر ١٨ بئرًا سطحية وعميقة، والانتهاء من رفع كفاءة ٢٧ بئرًا الشهر المقبل، وإنشاء محطتين لتحلية مياه البحر بحلول أكتوبر المقبل، ومحطة لتحلية مياه البحر شرق بورسعيد.
وفى جنوب سيناء.. تم الانتهاء من ٢٥٦٢ وحدة سكنية، وسيتم الانتهاء من ٤٥٧٢ وحدة أخرى فى أكتوبر المقبل. كما تم إنشاء محطتين لتحلية مياه البحر، وحفر ١٦ بئرًا، ويجرى إنشاء ٣ محطات مياه للانتهاء منها بحلول مايو ٢٠١٧، بجانب محطة للصرف الصحى الشهر المقبل، ومن المقرر تسليم المرحلة الأولى من مدينة الإسماعيلية الجديدة شرق القناة فى أكتوبر المقبل، والمرحلة الثانية فى أبريل من العام المقبل بإجمالى ٥٨ ألف وحدة سكنية، وسيبدأ العمل فى مدينة السويس الجديدة شمال عيون موسى شرق القناة.
وتضمن التقرير فى مجال التعليم بشمال سيناء الانتهاء من بناء ١٢ مدرسة، ورفع كفاءة ٩ مدارس، ويجرى العمل فى ٩ مدارس أخرى، و٤ معاهد أزهرية بالمشاركة مع رجال أعمال، وفى جنوب سيناء تم الانتهاء من ١٤ مدرسة، ويجري الانتهاء من ٩ مدارس، ومعهدين أزهريين بالمشاركة مع رجال أعمال بحلول يوليو المقبل، ومن المقرر إنشاء جامعة الملك سلمان بمدينة الطور على مساحة ٢٠٥ فدادين بتمويل من الصندوق السعودي.
وفى مجال الصحة تم إنجاز ٣ مستشفيات مركزية بشمال سيناء بنسبة ٨٥٪، ورفع كفاءة ٨ وحدات صحية، و١٠ نقاط إسعاف، ويجري الانتهاء من تطوير مستشفى عام بالعريش، وآخر بالشيخ زويد فى مايو المقبل.
وفى جنوب سيناء.. تم الانتهاء من إنشاء ٣ مستشفيات مركزية ورفع كفاءة ٥ وحدات صحية، وتطوير ١١ نقطة إسعاف.
وقال الفريق أسامة عسكر فى تقريره إنه فى مجال الزراعة تم استصلاح ٩ آلاف فدان بشمال سيناء، وإنشاء ٣٥٠ صوبة وتوزيعها على البدو، ومن المخطط استصلاح ٣٩١٥ فدانًا، وإنشاء مدينة داجنة على مساحة ١٠٠ كيلومتر مربع بتمويل من مستثمرين سعوديين، كما تم استصلاح ٧٠٠ فدان وزراعتها بأشجار الزيتون بالتعاون مع جمعيتين أهليتين، ومن المخطط إنشاء ٢٦ تجمعًا تنمويًّا بشمال وجنوب سيناء بالتعاون مع صندوق التمويل السعودي، يضم الواحد منها ما بين ٥٠٠ إلى ألف فدان، بواقع ١٠ أفدنة و٩ صوبات و١٠ خلايا نحل لكل أسرة، ويضم التجمع الواحد ما بين ٥٠ إلى ١٠٠ بيت ومنطقة خدمية.
وأضاف أن هناك مشروعًا لاستصلاح ٢٠٠ ألف فدان بجنوب سيناء بالتعاون مع الصندوق السعودي.
وفى مجال النقل والمواصلات، تم توسيع طريق (عرضى ١) من كوبري السلام إلى سرابيوم بطول ٤٢٫٥ كيلومتر، وسيتم تطوير الطريق من بورسعيد إلى الكوبري، ومن سرابيوم إلى نفق الشهيد أحمد حمدي هذا العام، كما سيتم الانتهاء من طريق (الإسماعيلية العوجة) بطول ٢١٦ كيلومترًا فى أكتوبر المقبل، بجانب توسيع طريق (العريش رفح)، وسيتم تطوير ٩ طرق أخرى بطول ٩١٥ كيلومترًا.
وفى جنوب سيناء، تم تطوير طريق (طابا النقب) بطول ٢٨ كيلومترًا، ويجرى تطوير طريق (رأس النقب نويبع وادى وتير) بطول ١٠٣ كيلومترات للانتهاء منه فى أغسطس المقبل.
ومن المخطط تطوير ٣ طرق بطول ٦٠٠ كيلومتر، والانتهاء من تطوير مطار المليز هذا العام، ويجرى تنفيذ مجموعة من الأنفاق من جنوب بورسعيد وشمال الإسماعيلية وشمال السويس، بإجمالى ٦ أنفاق للسيارات، و٣ أنفاق للسكك الحديدية.
وفي مجال الشباب والرياضة سيتم الانتهاء من الصالة المغطاة بالعريش فى يوليو المقبل، كما يجرى تطوير ٣٥ مركز شباب بشمال سيناء، وفي مجال التنمية الصناعية يتم إضافة خطى إنتاج لمصنع العريش للإسمنت، وتأهيل البنية الصناعية بالمناطق الصناعية في وسط سيناء، وإنشاء ١٠ مصانع للرخام.
يتضح من كل ذلك أن هناك حركة مختلفة وغير مسبوقة للدولة المصرية في سيناء تتجه نحو إعطاء أهالي سيناء حقهم المهدور لسنوات عديدة، وأن التنمية هي خيار الدولة في مواجهة التهديدات الدولية والمحلية الداعية لتخريب الوطن، والساعية فى مجملها لضياع سيناء.
حفظ الله الوطن من كل سوء.