الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

اغتصاب مستقبل مصر!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حينما قال أمير الشعراء أحمد شوقى قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولًا، لم يكن يدرى أن هذا المعلم الذي يجله سوف يأتى عليه يوم ويصبح "متحرشا" جنسيا بدلا من رسولا!
فلو عاش أمير الشعراء شوقى ورأى ما يفعله المعلمون والعاملون في المدارس اليوم بأبنائنا، من الاعتداء على أولادنا، والتحرش بالتلاميذ لكان تراجع عن ما قاله واستبدل قصيدة المدح باخرى قدح في السلوك غير الأمين للقائمين على العملية التربوية.
فقد انتشر في الآونة الأخيرة بشكل كبير حالات تحرش واغتصاب واسعة، زادت وتيرته شائنة، يتم فيها الاعتداء على التلاميذ الصغار جنسيا، بشكل يومى داخل المدارس، فبعد أن كان التحرش في السنوات الأخيرة مقتصرًا على الشارع فقط ونشتكى منه ليل نهار، انتقلت الظاهرة من التحرش بالفتيات في الشارع إلى التحرش بالأطفال في المدارس.
والمتحرش بأطفالنا ــ الذين هم مستقبل مصر ــ لا يفرق بين كون المعتدى عليه طفلًا أو طفلة، فهذه الظاهرة أصبحت خطرًا جسيمًا على العملية التعليمية برمتها، ولم تلق اهتماما مجتمعيا وإعلاميا كافيا من أجل مواجهتها، فقد أصبح همنا الأكبر مناقشة مشاكلنا السياسية، وتركنا مشاكلنا الاجتماعية تنهش في جسد الوطن وتنهل من أطفالنا الصغار مستقبل هذا البلد، ما يؤثر على مستقبل أولادنا وحياتنا ومستقبل بلدنا السياسي.
ففى الأيام الماضية انشغلنا بمشكلة جزيرتى "تيران" و"صنافير" على عمليات تحرش منظمة وقعت داخل إحدى المدارس في مدينة نصر، كان ضحيتها 5 أطفال قاموا بمصارحة أولياء أمورهم بتعرضهم للاغتصاب الجنسى في المدرسة، ما دفع الاهل للإبلاغ عن الواقعة، فقد أكد الأطفال المعتدى عليهم أن هناك العشرات من الأطفال أمثالهم يتعرضون لعمليات تحرش واغتصاب بشكل منظم ويومى داخل المدرسة في غياب من الرقابة على المدارس.
كنت اتوقع أن تحرك تلك الواقعة جفنًا للنشطاء السياسيين والخبراء الاستراتيجيين، أو بمعنى أصح نشطاء السبوبة، خاصة أن بعض الأطفال المتحرش بهم لم يزد عمر الواحد فيهم على 3 سنوات، بل ما يزيد من هول الواقعة أنها تكررت على مدى أيام متتالية حتى اكتشفتها والدة أحد الأطفال بعد أن لاحظت كراهية ابنها الذهاب إلى المدرسة ومحاولته التهرب منها، سواء بالنوم أو البكاء.
تلك ليست الواقعة الوحيدة، بل هناك العشرات من البلاغات التي يتهم فيها أولياء الأمور المعلمين والعاملين ببعض المدارس بالتحرش بأبنائهم، فهناك عملية اغتصاب تمت لتلميذة مكفوفة في مدينة المنصورة داخل حمامات المدرسة، وعمليات الاغتصاب والتحرش في المدارس لا مثيل لها في العالم، وهى تحدث في كل محافظات مصر.
ففى المنوفية أيضًا حدثت عملية اغتصاب لطفلة أثناء تلقيها درسًا خصوصيًا في مدينة منوف، ومدرس آخر يتحرش بطفلين شقيقين أثناء درس خصوصى في المقطم، ونظيره يتحرش بتلميذ بالبحر الأحمر محاولا اغتصابه، وبلاغ آخر يحمل رقم 811 إدارى الوادى الجديد ضد معلم حاول التحرش بتلميذ، والمحضر رقم 1662 جنح منيا القمح يؤكد تحرش مدرس بتلميذ وغيرها عشرات من البلاغات التي أصبحت تسجل يوميا في محاضر الشرطة، دون أن تحرك ساكنا لدى المجتمع المصرى الذي أصبح يهزه ويحركه مقتل الشاب الإيطالى ريجينى، أو ترسيم الحدود بين السعودية ومصر، بينما لا تحركه على الإطلاق مثل هذه الظواهر التي تعصف بالمجتمع ومستقبل أبنائه.
لقد نبه "المركز المصرى للحق في التعليم" إلى خطورة هذه الظاهرة أكثر من مرة، مؤكدا أنها موجودة بكثرة داخل المدارس، مطالبا وزارة التعليم والقضاء بالضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه المساس بأجساد الطلاب، معلما كان أو من خارج المنظومة التعليمية، وأرجع المركز سبب حدوث حالات تحرش إلى كثرة الطلاب وازدحام الفصول، مطالبًا الدولة بتوفير 20 ألف مدرسة على أقل تقدير لتقليل الكثافة في الفصول، ومطالبا بعمل دورات تربوية بشكل مستمر للمدرسين في كيفية التخلص من هذه الظاهرة، وغيرها من الظواهر الخطرة على مستقبل التلاميذ، إضافة إلى تنمية الدور التربوى لدى المدرس.
فهل نحن مستعدون لاقتحام هذه الظاهرة الخطرة التي تتغول وتهدد مستقبل بلادنا، أم أننا سوف نترك الأمر يستفحل ويضيع معها مستقبل أولادنا ومستقبل مصر، ونضع رأسنا في التراب ثم بعد ذلك نصرخ بعد فوات الأوان؟