الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الملك السابق في بيت ماما "2-2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فرضت الظروف أن تتولى مربيات أجنبيات رعاية وتربية الطفل أحمد فؤاد. وحتى عندما كبر حرمت ناريمان من حق الاهتمام به. وبناء على رغبة وتوصية الملك السابق فاروق وصداقته مع الأمير رينيه، أمير موناكو. فإن الأميرة جريس كيلى، زوجة الأمير رينيه، أصبحت هى «الأم البديلة» أو «الأم الروحية» للشاب أحمد فؤاد. فهى التى تختار له دراسته فى سويسرا. وهى التى تقيم له حفل زفافه فى قصرها على الفرنسية التى تزوجها بعد أن أشهرت إسلامها وغيرت اسمها إلى فضيلة!
أما أمه الحقيقية ناريمان.. فلم يتبق لها منه إلا القلق عليه!
ولم يكن خافيًا على أحد أن ناريمان لم تكن راضية بقلب الأم على هذه الزيجة وكان يزعجها كثيرًا طموح فضيلة زوجة ابنها. ورغبتها فى الظهور فى كل مكان وكل الحفلات الباريسية وتقديم نفسها على أنها «ملكة مصر».
ولم تخف ناريمان أبدًا انزعاجها من تصرفات فضيلة ومن المشاكل التى بدأ أحمد فؤاد يعانى منها بسبب هذه التصرفات. وفى الخناقات التى كانت تفتعلها كل يوم بلا سبب معه. والتى انتهت بأن ترك لها شقة الزوجية فى حالة نفسية سيئة للغاية. لدرجة أنه دخل أحد مستشفيات باريس وهو لا يكاد يتذكر شيئًا ‍!
وسعدت ناريمان كثيرًا واستراح قلبها عندما أسرعت الأميرة فريال تطير من سويسرا إلى باريس. لتصطحب معها أحمد فؤاد ليعيش إلى جوار شقيقاته وتحت رعايتهن. بعد أن وصلت مسألة طلاقه من فضيلة إلى المحاكم الفرنسية.. والتى ما زالت تنظرها حتى اليوم.
والحقيقة أن الزمن والمرض تكالبا على ناريمان.
فقد أصيبت قبل ثلاثين سنة بنزيف فى المخ وأجريت لها عملية جراحية فى المخ فى أحد مستشفيات لندن. وهى لا تزال تتناول أدوية معينة تؤثر على صحتها وعلى حركتها. ودائمًا ما يصيبها صداع مستمر يصل إلى حد إصابتها بالاكتئاب!
ورغم ذلك فهى تعيش حياة هادئة.. وزوجها الدكتور إسماعيل فهمى لا يتركها لحظة واحدة. وهما يعيشان فى بساطة فى شقتها بمصر الجديدة. وكان أكرم ابنها من أدهم النقيب يعيش معهما لسنوات. حتى كبر وأصبح محاميًا مرموقًا يعمل فى مكتبه بالإسكندرية لكنه يتصل بها كل يوم ويزورها باستمرار للاطمئنان عليها.
وابنها أحمد فؤاد يتصل بها تليفونيًا من سويسرا كل بضعة أسابيع.
لكن التليفون شىء. وأن تراه وجها لوجه شىء آخر!
ولهذا ورغم المرض وعندما شعرت أن المفتاح يدور فى باب الشقة. كادت أن تتحامل على نفسها وتنهض لتغادر الفراش. لتستقبل ابنها وتأخذه فى حضنها!
لولا أن.. أحمد فؤاد كان أسرع!
■ ■ ■
وقف على باب حجرتها وهو يغمرها بنظرات كلها حب وانفعال.
ورفعت ناريمان جسدها وجلست على الفراش وأسارير وجهها كلها فرح.
وهتفت: فؤاد؟
أسرع نحوها والتقط يدها ليغمرها بالقبلات.
همس: ماما!
وظل الاثنان على هذا الوضع لدقائق بينما لاذ زوجها الدكتور إسماعيل وابنها أكرم النقيب بالصمت وهما ينظران إليهما.. وأخيرًا تحركت ناريمان فى الفراش قليلا لتتيح لأحمد فؤاد أن يجلس إلى جوارها.
وعندما رفع كل منهما رأسه.. كانت الدموع فى عين الابن.. والأم!
قالت له ناريمان: البقية فى حياتك.. يا فؤاد.
رد أحمد فؤاد: البقاء لله يا أمى.
قالت ناريمان: الله يرحم فادية. أنا كنت أحبها يا ابنى كثيرًا.
قال أحمد فؤاد بتأثر: الله يرحمها. 
ضغطت ناريمان على يده.
وقالت له: شد حيلك يا فؤاد. وإن شاء الله تكون آخر الأحزان. يا ريت تبلغ فريال وفوزية وجوز فادية وأولادى إنى زعلت كثيرًا على المرحومة.
رد أحمد فؤاد: أكيد.. إن شاء الله.
عادت ناريمان لتقول له: وعلى فكرة.. أنا سعيدة وممتنة للغاية من التصرف النبيل من الحكومة المصرية، وبالذات الرئيس حسنى مبارك إلى سمح بدفن جثمان فادية فى مصر فى مقابر الأسرة.. هى دى مصر يا ابنى؟
رد أحمد فؤاد بحماس: فعلا يا ماما. وأنا أول كلمة قلتها إنى موش «حا أقدر» أعبر عن امتنانى للرئيس مبارك والسيدة سوزان مبارك على الإنسانية والنبل والموقف الكريم. وكان نفسى أروح قصر عابدين أكتب الكلام ده بخط يدى لكن يظهر إن الوقت لن يسعفنى لأن الطائرة التى ستعود بنا فى سويسرا ستقلع فى الصباح. 
قالت ناريمان: ملحوظة يا فؤاد.. أول ما توصل سويسرا تكتب ده فى سجل التشريفات فى السفارة المصرية هناك.
رد أحمد فؤاد: فعلا.. ده أول شىء حا أعمله فور وصولى.. وده أبسط شىء أعبر به عن اعتزازى وامتنانى لمصر بلد كل المصريين.. إحنا كلنا منها وليها.
وهنا.. قاطعها الدكتور إسماعيل فهمى قائلا: إيه رأيكم يا جماعة نروح حجرة المعيشة.. قبل الغداء؟
■ ■ ■
فى حجرة المعيشة..
دار الحوار عائليًا دافئًا بين الأربعة، حوار كله شجن وذكريات، وروى أحمد فؤاد لناريمان كيف كانت وفاة الأميرة فادية مفاجئة لأخواتها فهى أصغرهن صحة ونشاطا. وكيف فوجئ الجميع بإصابتها بالسكتة القلبية فجأة ودون إنذار لتنتهى حياتها فى لحظات. 
وسألت ناريمان ابنها أحمد فؤاد عن أحواله وعن صحته. وعما إذا كان يرى أولاده من فضيلة. ثم تناول الأربعة طعام الغداء. وعادوا لاستكمال الحديث ليتناولوا فيما بعد شاى الساعة الخامسة.
وعندما أشارت عقارب الساعة إلى السادسة..
كان وقت رحيل أحمد فؤاد قد حان‍!
وبسرعة انسحبت أسارير السعادة من على وجه ناريمان. وعاد الشجن ليسكن عينيها عندما نهض أحمد فؤاد ليودعها.
ومن جديد وقبل أن ينصرف أخذ يقبل يديها.
وعندما قال لها: أشوف وشك بخير يا أمى.
- ردت فى أسى: مين عارف يا ابنى!