ماذا ننتظر من الحكومة الجديدة ؟ سؤال يتكرر مع كُل حكومة، وكأننا نبحث عن خلاصنا فى مجموعة أشخاص يمتلكون الحُلول السحرية لمشكلاتنا وأزماتنا المُتعاقبة. وفى تصورى فإن كُل حكومة تأتى ترفع شعارات ولافتات طموحة عن تحسين أحوال الاقتصاد وتطوير الخدمات واستغلال أمثل للموارد، ومن ثمَ تحسين ظروف المعيشة، لكنها لا تحقق ربع تلك الطموحات.
وفى اعتقادى فإن إنجاز خطوات عملية على أرض الواقع يتطلب وضع سياسات عُليا تُراعى إحداث تقدم ملموس فى الظروف الاجتماعية للمواطنين، يتم تنفيذها من خلال مجموعات عمل ناجزة غير مُرتبطة بالحكومات التى تتغير تباعا.
وبمعنى أدق استغلال الشعبية التى يحظى بها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تشكيل مجموعات موازية للحكومة، تعمل على تقديم الاستشارات والتوصيات التى يُمكن تحويلها إلى قصص نجاح. وتلك المجموعات يُمكن أن تستعين بنماذج متميزة من القطاع الخاص التى أبلت بلاء حسنا فى تطوير مؤسسات مالية وشركات ومشروعات جيدة.
وهذه الفكرة هى المُطبقة فى كثير من دول العالم المتقدم تحت لافتات مختلفة، ففى الولايات المتحدة مثلا هُناك مجموعة من الـ think tanks التى تدرس وتُخطط وتُقدم رؤى وتوصيات مختلفة فى مختلف الشئون السياسية والاقتصادية، بما يُحقق فى النهاية مصلحة الفرد والمُجتمع على السواء.
إن مثل هؤلاء بمثابة بيوت خبرة مُهمتها جمع المعلومات والإطلال برؤى واقعية للمشكلات دون تحيز، وتقديمها لصانع القرار الذى يهمه فى النهاية تحقيق إنجازات ملموسة لدى المواطنين. لقد كانت المُشكلة دائما فى مصر هى الاعتماد بشكل جذرى على الحكومة فى تطوير وتحسين الخدمات وحل المُشكلات الاقتصادية، دون الاستعانة بخبرات عظيمة ومتميزة موجودة خارج الحكومة. وكان من المُحزن قيام كُل حكومة بوضع خطط للتحرك والتعامل مع القضايا والمشكلات المطروحة والبدء بخطوات فى سبيل ذلك، لكنها سرعان ما تتوقف وتبدأ من جديد مع استقالة الحكومة وتكليف غيرها. إن مصر دولة كبيرة لها ثقلها التاريخى والجغرافى ولها شخصيتها الإقليمية التى تفتح لها طُرقا عديدة للتقدم والنهضة، ولا يمكن اختصارها فى حكومة زيد أو عبيد. من هُنا تجدر الإشارة إلى ضرورة أن يكون التخطيط للمستقبل بمثابة توجه نظام حاكم وليس حكومة، وهو ما يضع الرئيس أمام مسئولية جسيمة تتطلب وضع تصور ورؤية شاملة لتطوير مصر وتحسينها وتعظيم مواردها، من خلال خطوات عملية واضحة تستمد قوتها وموضوعيتها من الاعتماد على صياغتها ووضعها عن طريق اقتصاديين وإداريين ناجحين لا علاقة لهم بالحكومة.
والله أعلم.