السبت 28 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

الملف الأسود لحقوق الإنسان في الولايات المتحدة.. العفو الدولية: أكثر دولة في العالم تنفذ عقوبة الحبس وتغتصب المعتقلين في جوانتنامو.. وتقارير تتحدث عن مقتل أكثر من 1000 مواطن سنويًا على يد الشرطة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة إعطاء دروس في حقوق الإنسان للدول، تكشف التقارير الحقوقية والصحفية عن انتهاكات بالجملة، تحدث في الولايات المتحدة، يمكن اعتبارها كأكبر دولة في العالم تطبق عقوبة الحبس، والجرائم التي تقوم بها أجهزة الأمن تجاه المواطنين الأمريكيين، وتتم بشكل واسع النطاق، وصل إلى حد مقتل أكثر من ألف مواطن على يد الشرطة سنويًا، وبمعدلات تتراوح ما بين شخصين إلى ثلاثة في يوم واحد، كل ذلك دون أن تدين أي دولة ما تقوم به الولايات المتحدة، أو يجتمع البرلمان الأوروبي أو المجلس الدولي لحقوق الإنسان، لمناقشة الوضع الحقوقي المتدهور في الولايات المتحدة.. لأنه ببساطة لا أحد يحاسب القوى العظمى، فقوتها السياسية والاقتصادية تضعها فوق أي نقد، لكنها تسمح لنفسها أن تتحدث عن دول أخرى ضعيفة، أو تعاني من الإرهاب كمصر وغيرها من الدول، كنوع من الضغط السياسي الخشن. 
يقول تقرير "منظمة العفو الدولية" الأخير عن حالة حقوق الإنسان في العالم، وتحديدًا الولايات المتحدة، أنه لم يخضع أي مسئول للمحاسبة، أو يقدم أي حصر للضرر لضحايا الجرائم المشمولة بالقانون الدولي التي ارتكبت في سياق برنامج الاعتقال السري لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (السي آي أيه)، وظل عشرات المعتقلين رهن الاحتجاز العسكري إلى أجل غير مسمى في قاعدة جوانتنامو البحرية للولايات المتحدة، بكوبا، بينما استمرت إجراءات المحاكمة العسكرية لعدد من القضايا، واستمرت بواعث القلق بشأن استخدام العزل في سجون الولايات والسجون الاتحادية، واستخدام القوة من جانب الشرطة، وأعدم 27 رجلًا وامرأة واحدة خلال السنة.

الإفلات من العقاب
أكد التقرير أن الولايات المتحدة لم تتخذ أي إجراء لوضع حد للإفلات من العقاب على الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان التي ارتكبت في سياق برنامج الاعتقال السري الذي كانت "وكالة الاستخبارات المركزية" تطبقه، بتفويض من الرئيس السابق، جورج بوش الصغير، عقب هجمات 11 سبتمبر.
وأشار إلى أنه بعد أكثر من 12 شهرًا على نشر ملخص تقرير "اللجنة المختارة لمجلس الشيوخ بشأن الاستعلام عن برنامج السي آي أيه"، الذي رُفعت عنه السرية، ظل التقرير الكامل للجنة، المؤلف من 6.700 صفحة، والذي يتضمن تفاصيل طريقة معاملة كل معتقل من المعتقلين، يخضع لتصنيف "سري للغاية"، حيث أخضع معظم المعتقلين- إن لم يكونوا جميعًا قد أخضعوا- للاختفاء القسري ولظروف اعتقال أو أساليب استجواب تنتهك الحظر المفروض على التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وظل تصنيف التقرير على هذا النحو يخدم أغراض الإفلات من العقاب والحرمان من الانتصاف وجبر الضرر.
وخلال السنة، ورد أن المدعين العامين العسكريين علموا بالمخبأ السري لنحو 14.000 صورة تتعلق "بالثقوب السوداء" للسي آي أيه في أفغانستان وتايلند وبولندا ورومانيا وليتوانيا، وربما في أماكن أخرى، بما فيها صور لمعتقلين وهم ينقلون عراة. ولم تكن هذه الصور قد نشرت على الملأ في نهاية العام.

مكافحة الإرهاب- الاعتقالات
استمر حرمان المعتقلين المحتجزين في معتقل جوانتنامو من حقوق الإنسان، وقالت في ردها للمتابعة السنوية على دعوة "لجنة حقوق الإنسان" إلى إنهاء الاعتقال الإداري وعمل اللجان العسكرية فيما يتصل بمعتقلي جوانتنامو، كررت الولايات المتحدة الأمريكية موقفها الخاطئ بشأن الولاية القانونية خارج الحدود بالقول إن "الالتزامات التي يقتضيها العهد تنطبق فحسب على الأفراد الموجودين داخل أراضي الدولة الطرف، وضمن حدود ولايتها القضائية". وفي ردها على دعوة "لجنة القضاء على التمييز العنصري" إلى وضع حد للاعتقالات في جوانتانامو "دون مزيد من التأخير"، قالت الولايات المتحدة الأمريكية إنها لا توافق على أن "الطلب يستند بصورة مباشرة إلى الالتزامات بموجب الاتفاقية".
وفي نهاية السنة، كان 107 رجال لا يزالون محتجزين في غوانتانامو، ومعظم هؤلاء محتجزون دون تهمة أو محاكمة. وقد انقضى ما لا يقل عن خمس سنوات على قرارات بترحيل ما يقرب من نصف هؤلاء. بينما تم ترحيل 21 معتقلًا من القاعدة خلال السنة إلى إستونيا والمغرب والمملكة العربية السعودية وموريتانيا وعمان والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة.
كما تواصلت إجراءات اللجان العسكرية السابقة على المحاكمة ضد خمسة معتقلين متهمين بالتورط في هجمات 9/11، وكان قد وجه إليهم الاتهام بمقتضى "قانون اللجان العسكرية"، في 2012، وقدِّموا إلى محاكمات يمكن أن تصدر عنها أحكام بالإعدام. وكان الخمسة-وهم خالد شيخ محمد، ووليد بن عطاش، ورمزي بن الشيبة، وعلي عبد العزيز، ومصطفى الهوساوي؛ وكذلك عبدالرحيم الناشري، الذي استدعي ليحاكم أمام محكمة تصدر عنها أحكام بالإعدام، في 2011، بتهم تتعلق بتفجير المدمرة "يو أس أس كول" في اليمن، العام 2000- قد احتجزوا بمعزل عن العالم الخارجي في الحجز السري للولايات المتحدة، لمدد وصلت إلى أربع سنوات، قبل أن يتم ترحيلهم إلى جوانتنامو، في 2006. ولم تكن محاكماتهم قد بدأت في نهاية العام.
واستمرت كذلك إجراءات ما قبل المحاكمة في قضية عبد الهادي العراقي، الذي ورد أنه قُبض عليه في تركيا، في 2006، ورحِّل إلى حجز الولايات المتحدة واحتجزته "السي آي أيه" سرًا ورحّلته لاحقًا إلى جوانتانامو في 2007. ووجه إليه الاتهام رسميًا في 18 يونيو 2014. وظل في انتظار المحاكمة في نهاية العام.
وظل ماجد خان وأحمد محمد الدربي في انتظار النطق بالحكم عليهما عقب اعترافهما بالذنب في 2012 و2014، على التوالي، وبعد أن وافقا على عدم إقامة دعاوى ضد الولايات المتحدة الأمريكية على ما تلقياه من معاملة في الحجز فيما سبق. وقبض على أحمد محمد الدربي من قبل السلطات المدنية في أذربيجان، في يونيو 2002، وتم ترحيله إلى حجز الولايات المتحدة عقب شهرين. وزعم أنه أسيئت معاملته. واحتجز ماجد خان في إطار برنامج الاعتقال السري للسي آي أيه منذ 2003، حيث أخضع للاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، قبل أن يرحّل إلى جوانتنامو في 2006. وظهرت إلى العلن تفاصيل إضافية عما تلقاه من معاملة في حجز "السي آي أيه" خلال السنة، بما في ذلك تعرضه للاغتصاب والاعتداء الجنسي والضرب المتكرر والإخضاع للظلام الدامس مطولًا والحبس الانفرادي والتعليق لأيام من عارضة خشبية، ولتهديدات وجهت إليه وضد عائلته.
وفي يونيو، نقضت هيئة من ثلاثة قضاة لمحكمة استئناف في الولايات المتحدة الإدانة التي أصدرتها لجنة عسكرية بحق المعتقل في جوانتانامو على حمزة سليمان البهلول. وكانت الإدانة بتهمة التآمر لارتكاب جرائم حرب، ولكن المحكمة أسقطتها استنادًا إلى أن التهمة غير معترف به في القانون الدولي، ومن غير الجائز النظر فيها من قبل محكمة عسكرية.

الاستخدام المفرط للقوة
تواجه الشرطة الأمريكية انتقادات كبيرة، لا سيما فيما يتعلق بالتعامل مع الأقليات في الولايات المتحدة، وأدت أعمال القتل على يد الشرطة لا سيما التي يذهب ضحيتها سود، إلى اندلاع احتجاجات في عدد من المدن خلال العام ونصف العام الماضيين، حيث قتلت الشرطة 1152 شخصًا على الأقل في 2015، بحسب بيانات لجماعة من الناشطين يديرون مشروعًا لرصد عنف الشرطة.
ويذكر التقرير أن 40% ممن قتلتهم الشرطة في 60 من أكبر الدوائر كانوا من السود، بينما بلغت نسبة الأميركيين من أصل إفريقي في تلك المناطق 20% فقط.
وقالت الجماعة: إن أرقام عام 2015 قريبة مما سُجل في العام الماضي، وهو 1172 قتيلًا، وبعام 2013، حيث سجلت 1140 حالة وفاة على يد الشرطة.
ويجمع المشروع البيانات عن كل استخدامات القوة من جانب الشرطة، التي ينجم عنها وفيات، بما في ذلك إطلاق النار والخنق والصدم بالسيارات والصواعق الكهربائية، ويشمل ذلك القتل غير المتعمد مثل الذين يتوفون بسبب حالة طبية طارئة أثناء اعتقالهم أو تقييد حركتهم، وكذا الحوادث التي يقوم بها أفراد الشرطة وهم خارج الخدمة.
وتقول البيانات: إن دوائر الشرطة ذات النسب الأعلى من عمليات القتل، هي بيكرفيلد وأوكلاند بولاية كاليفورنيا، وأوكلاهوما سيتي بولاية أوكلاهوما، ونيو أورليانز وسان فرانسيسكو.
كما تشير صحيفة "واشنطن بوست" إلى 205 حوادث قام خلالها رجال الشرطة بقتل مدنيين، وقعت تحت "ظروف غير واضحة"، من بينها حوادث لم تهاجم فيها الضحايا رجال الأمن، وهي مطاردة مجرمين، وتشكيل الضحايا تهديدات للمجتمع، أو قيامهم بحركات حادة وعدم امتثالهم للأوامر الشرطة وضحايا الانتهاكات هم في العادة من الفئات الأكثر ضعفًا واستضعافًا في المجتمع الأمريكي، من مهاجرين وأقليات عرقية وأثنية والأطفال والمسنين والفقراء والسجناء.

حقوق المهاجرين
ألقي القبض على أكثر من 35.000 طفل غير مصحوب بقريب و34.000 عائلة أثناء عبورهم الحدود الجنوبية خلال السنة، وكان العديد من هؤلاء قد فروا من العنف وانعدام الأمن في المكسيك ودول أمريكا الوسطى. واحتجزت العائلات طيلة أشهر أثناء سعيها إلى الحصول على الموافقة على طلباتها بالبقاء في الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث أبقي على العديد منها في مرافق تفتقر إلى الرعاية الطبية، والغذاء والماء الصحيين، والمشورة القانونية. واحتجز الأفراد المتحولون جنسيًا بصورة روتينية بناء على نوع الجنس المسجل عند ولادتهم، ما عرضهم للإساءة، أو احتجزوا في الحبس الانفرادي ودونما فرصة للحصول على العلاج الهرموني الضروري لهم.

حقوق المرأة
على الرغم من المكتسبات التشريعية التي أعادت سلطات "قانون العنف ضد المرأة"، ظلت نساء السكان الأصليين الأمريكيات ونساء السكان الأصليين لألاسكا، اللاتي يغتصبن يفتقرن إلى سبيل للحصول على الرعاية الأساسية، ولا سيما الفحوصات وخدمات الرعاية الصحية الأساسية الأخرى كموانع الحمل الطارئة. كما ظلت نساء السكان الأصليين الأمريكيات ونساء السكان الأصليين لألاسكا يتعرضن لمستويات غير متناسبة من العنف؛ حيث كن عرضة بمعدل 2.5 ضعف، بالمقارنة مع النساء الأخريات في البلاد، للاغتصاب وللاعتداء الجنسي عليهن.
واستمرت التباينات الكبيرة في فرص حصول النساء على الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية، بما في ذلك على خدمات الأمومة. فظلت النساء الأمريكيات من أصول أفريقية عرضة بمعدل ما يقرب من أربعة أضعاف للوفاة بسبب المضاعفات المتعلقة بالحمل بالقياس إلى النساء البيضاوات. 

الأوضاع في السجون
واعتبر التقرير أن الولايات المتحدة الأمريكية أكثر دولة في العالم تقوم احتجاز ما يربو على 80.000 سجين، في أية لحظة من العام، في ظروف من الحرمان المادي والاجتماعي، في السجون الاتحادية وسجون الولايات، في مختلف أرجاء الولايات المتحدة.
وأشار تقرير لتدقيق محاسبي "مستقل" بشأن استخدام الحبس الانفرادي في مرافق "المكتب الاتحادي للسجون" إلى عدد من أوجه القصور في النظام، بما في ذلك عدم تقديم خدمات الصحة النفسية وبرامج التأهيل للعودة إلى البيئة العامة للسجون لمن قضوا فترات طويلة في العزل. ولم تمض توصيات التقرير بعيدًا بما يكفي لمعالجة الآثار الضارة التي يخلفها نظام العزل على الصحة البدنية والنفسية للسجناء، أو لمواءمة ممارسات "المكتب الاتحادي للسجون" مع التزاماته الدولية.