تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
في البداية أعترف أن علاقتي بالاقتصاد تماماً مثل علاقتي باللغة الصينية الفصحى فلا أعرف عنه سوى مناقشة ميزانية مصروف الشهر التي غالباً ما تنتهي بمشادات وخناقات تصل إلى حد "الشاش والميكروكروم".. إلا أن فضولي يدفعني بشراهة ونهم لطرح سؤال يدور في عقل كل مصري الآن ألا وهو : ما سر العبقرية في قرار الهبوط بسعر الجنيه المصري أمام باقي العملات الأجنبية بقيمة 112 قرش دفعة واحدة .. ذلك القرار الذي مر علينا بكل سهولة على طريقة "السكينة في الجاتوه".
ولا أدري إذا كان هذا الإجراء محاولة لضرب السوق السوداء واجتذاب المتعاملين بالدولار المفتري كما قيل أم أنه خضوعاً لإملاءات خارجية تضغط على مصر منذ فترة كبيرة لتخفيض قيمة الجنيه المغلوب على أمره.. كما لا أعرف إن كان هذا التخفيض سيكون في صالح الاقتصاد المصري أم أنه سيزيد المشهد ارتباكاً.
وإذا حاولنا إقناع المواطنين بأن هذه "الحقنة" تأتي ضمن أجندة الإجراءات المؤلمة التي وعدنا إياها المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء على أمل تدوير عجلة الاقتصاد بتقديم حوافز استثمارية .. إلا أننا لم يخرج علينا مسئول "يوحد ربنا" ليشرح في المقابل حزمة الإجراءات الوقائية لحماية محدودي الدخل، ومعدوميه، من الاكتواء بنار ارتفاع الأسعار القادمة لا محالة في ظل "تفطيس" قيمة الجنيه "الغرقان لشوشته".
كما لم يخرج علينا أحد ليخبرنا إن كانت هذه هي آخر "الحقن" المؤلمة أم أننا سننجر خلف مافيا السوق السوداء التي تتلاعب بأرزاق ومقدرات الغلابة لتحقيق ثروات هائلة.. فهل ستتحدد قيمة الجنيه المصري في الأيام المقبلة على أساس سعره بالأسواق الموازية أم أن هناك إجراءات ستتزامن مع عملية "الرفع" الأخيرة التي خرج منها الدولار منتصراً بالضربة القاضية.
نعم نحن في أمس الحاجة إلا من يفهم أبناء الشعب حيثيات مثل هذه الإجراءات ويشرح لهم الآمال المرجوة منها والخطة التي نسعى لتحقيقها من خلالها .. فيا حبذا لو وجدنا مثل هذه الأمنيات في برنامج الحكومة المنتظر الذي سيعرض على مجلس النواب بعد أيام قليلة وأن يتضمن البرنامج رؤية شاملة تعكس الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لحماية المستضعفين سواء بتقديم مزيد من الدعم أو رفع الحد الأدنى للأجور الذي أصبح خرافة مثله مثل العنقاء والخل الوفي .. أو حتى نتعرف على إجراءات ضبط الأسواق لمنع تلاعب المتاجرين بأقوات الشعب من "كهربة الأسعار" تحت شعار ارتفاع الدولار.
وأخيراً أدعو الله أن يمد في عمري حتى يأتي اليوم الذي نصل فيه إلى مرحلة انتهاء الإجراءات المؤلمة التي تتفنن الحكومات المتعاقبة في فرضها على المواطنين وأن "يتوب علينا ربنا" من "الحقن" المزعجة التي فتحنا عينينا عليها منذ أيام "الخصخصة"، وربما منذ عهد الفراعنة، وييجي اليوم اللي نخرج بيه على الناس بخبر حلو يسهل لهم النوم بدون مسكن أو يقضوا "ليلة عسل" بدون كوابيس مزعجة.
دعاء ختم المقال
اللهم اغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك
اللهم امنحنا القدرة على الرضا والصبر
اللهم قوي الجنيه المظلوم واكسر شوكة الدولار المفتري
اللهم أنزل في قلوبنا فضيلة مواجهة الغلاء بالاستغناء
اللهم اجعل هذا بلداً آمناً مستقراً واحفظ من مكر الماكرين وكيد الكائدين وحقد الحاقدين
اللهم اجعلنا سبباً في مسح دمعة حزين ومساعدة المحتاجين
اللهم اقذف الرحمة في قلوب حكومتنا الرشيدة واهدهم لطريقة أخرى لمواجهة الأزمة الاقتصادية غير دفن الجنيه
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين