الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

جدلية العلاقة بين الإخوان المسلمين وداعش (3)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الاستشهاد على العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم ما يُعرف بالدولة الإسلامية "داعش" ليس استشهادًا من العدم، فدلالاته ظهرت من خلال إدارة الحركة للحكم في مصر على مدار عام كامل، فظهر ما كانت تخفيه الجماعة على مدار 88 عامًا هو عمر نشأتها.
من هذه الدلالات خطف 7 من الجنود المصريين في مايو 2013 على يد جماعة أنصار بيت المقدس، وهنا كانت النواة الحقيقية لبداية التفاوض بين جماعة الإخوان المسلمين التي كانت على رأس السلطة آنذاك وبيت المقدس، حتى تبنت الأخيرة مطالب الجماعة عندما تم عزلها شعبيًّا وسياسيًّا، وبدأت تدافع عنها من خلال العمليات المسلحة.
العجيب أن جماعة الإخوان المسلمين صمتت عن دفاع أنصار بيت المقدس دون أي إدانة لهذه العمليات عبر بيانات رسمية أو أي تعليق من نوعه، في المقابل وجدنا جماعة أنصار بيت المقدس تُعبر عن ذلك في أغلب التسجيلات المرئية التي كانوا يُصدرونها عقب كل عملية مسلحة يقومون بتنفيذها، وأشهرها محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم عندما قال منفذ العملية الرائد وليد بدر في التسجيل المرئي الذي خرج فيما بعد "إن هذه العملية رد على ما حدث من قبل الجيش والشرطة تجاه فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة!".
ونقلت أنصار بيت المقدس عبر نفس التسجيل المرئي صورًا لقتلى فض الاعتصامين في رابعة العدوية والنهضة، والمعارك التي دارت رحاها بين الأجهزة الأمنية وهؤلاء المعتصمين، وهو ما يدلل على وحدة الهدف بين الإخوان وأنصار بيت المقدس، فكلٌ منهما يدافع عن مشروع اتفقا عليه.
ويبدو أن إرادة رئيس الجمهورية آنذاك التي فرضها على الأجهزة الأمنية، وكان محورها احتضان هذه التنظيمات وعدم مواجهتها أمنيًّا رغم أنهم كانوا يرفعون السلاح في وجه الدولة؛ جعل هذه التنظيمات تشعر بقوتها ويترسخ لديها عامل مهم يتلخص في أن العنف سبيل مهم للحصول على ما تظنه أنه حق لها، وهو ما دفعها فيما بعد لشن هجمات على قوات الأمن، وبررت ذلك عبر عشرات التسجيلات المرئية بأنه نتيجة لما تقوم به أجهزة الأمن ضد أبناء عوائلنا في سيناء.
أوقف محمد مرسي العملية نسر في أغسطس 2012، والتي شنتها القوات المسلحة ضد أوكار التنظيمات التكفيرية خاصة أنصار بيت المقدس وغيرها ممن تورطوا في ممارسة العنف أو ممن تأكدت أجهزة الأمن أنهم قد يمارسونه في محاولة للإفراج عن المجندين السبعة المخطوفين.
وهذا يؤكد ثمة علاقة كانت قائمة بين التنظيمين؛ تنظيم الإخوان عندما كانوا على رأس السلطة آنذاك وتنظيم أنصار بيت المقدس في سيناء، والذي كان متهمًا بخطف الجنود السبعة أو ضمن المشاركين في الخطف على اعتبار أنه ضمن تشكيل مجلس شورى المجاهدين الذي يضم تنظيمات تكفيرية شتى.
محمد مرسي لم يتعامل مع هذه التنظيمات بسياسة العصا والجزرة، ولم يكن مطروحًا لديه مواجهتها في وقت من الأوقات، وهو ما أدى إلى تقوية بنيانها في عهده بعدما أعطاها الأمن وعقد معهم حلفا ومواثيق، فعاشت أفضل مراحلها في عهده دون مطاردة أو حتى مجرد تهديد.
أتاحت التفاهمات التي حدثت بين جماعة الإخوان المسلمين وبين أنصار بيت المقدس لتقوية رباط وجأش التنظيمات التكفيرية في سيناء، وفي مقدمة هذه التنظيمات من حاول مرسي أن يتحاور معهم، وهم أنصار بيت المقدس التي نجحت من الاستفادة من فترة الهدنة والاتفاق الذي أبرم معهم، والذي تؤكده بعض الشواهد السياسية أنهم استغلوه بالانشغال بتدريب أعضائهم والالتفات إلى تربية كوادر جديدة والتمدد الرأسي كمًا وكيفًا، خاصة أن أجهزة الأمن لم تكن تتعقبهم وإلا ما أصبح للاتفاق أي ضرورة.
استمرت هذه التنظيمات على هذا الحال حتى بدأت تنفذ عملياتها ضد القوات المسلحة والشرطة في تغيير استراتيجي بتكتيكاتهم بعد عزل محمد مرسي من السلطة، وقد وصفت بالمرتدين والطغاة، فكانت عملية سبتمبر عام 2013 والتي حاولت من خلالها اغتيال وزير الداخلية اللواء، محمد إبراهيم، وبالعودة إلى التواريخ نكتشف أن هذه العملية جاءت رد فعل للتنظيم على عزل مرسي من السلطة وفض اعتصام رابعة العدوية والنهضة.
هذه العملية وغيرها من عمليات أنصار بيت المقدس أو داعش مصر تُجيب على أسئلة عن سر العلاقة بين تنظيم الإخوان والذي يمتد عمره الفعلي منذ نهاية العشرينيات من القرن الماضي وتنظيم أنصار بيت المقدس الذي أعلن عن نفسه بعد 2011 بشكل واضح، وإن كان موجودًا قبل هذا التاريخ في صور أخرى دُمجت في كيانات جديدة لتعبر عن شكل ورؤية مختلفة للمشهد السياسي والجهادي في المنطقة.
استفادت التنظيمات التكفيرية من فترة الهدنة التي أعطاها لهم محمد مرسي، على خلفية الإفراج عن الجنود الـــ 7 المختطفين في تكوين مجلس شورى واحد للمجاهدين تنبثق منه التيارات العامة في العمل المسلح التي تملأ سيناء، ولذلك كنا نسمع عن مجلس شورى المجاهدين أكناف بيت المقدس ومجلس شورى المجاهدين أنصار بيت المقدس، وغيرها من المسميات التي تؤكد أن هذه التنظيمات نجحت في الاجتماع تحت مظلة؛ بهدف التنسيق والدعم إزاء العمليات المسلحة التي تواجه بها أجهزة الأمن المصرية، وهو ما يؤكد مجددًا وجود علاقة بين الإخوان وداعش مصر.. وللحديث بقية.