السبت 28 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حزب الله وخطف قرار الدولة اللبنانية السيادي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكتف حزب الله، بأن يعطل مؤسسات الدولة اللبنانية منذ حوالي عامين، ويشل يدها عن أن تنتخب رئيسا جديدا للجمهورية منذ نهاية ولاية الرئيس السابق ميشيل سليمان في مايو عام 2014 غير مرشحة الذي يزيكيه وحتى جلسة مجلس النواب السادسة والثلاثين التى عقدت مؤخراً !! ولم يرض بأن يجعل من مجلس الوزراء آداة خاضعة لمشيئته، بل تعدى كافة الخطوط الحمراء وعمل على توجيه سياستها الخارجية إلى حيث لا ترغب الغالبية العظمى من اللبنانيين سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين سنة.
قبل أن يصدر بيان مجلس التعاون لدول الخليج العربي الأربعاء 2 مارس الحالي، تشارك حدثين جاء متتابعين في تكثيف الأضواء على الساحة اللبنانية بشكل غير مسبوق.
الأول .. قيام وزير العدل أشرف ريفي بتقديم استقالته ( 21 فبراير الماضي ) احتجاجا على ممارسات حزب الله التي كان آخرها قطع يد الحكومة عن أن يكون لها موقف صارم حيال قضية الوزير السابق ميشال سماحة المدان بالإرهاب. 
والثاني .. قرار الحكومة السعودية بوقف العمل بالهبة المالية التي وضعتها في خدمة مشتريات السلاح اللازم لقوات الجيش والقوى الأمنية في لبنان من السوق الفرنسية. 
كلا الحدثين الداخلي والخارجي يعبر عن استياء شبه عام حيال ممارسات حزب الله المتعارضة قولاً وفعلا مع سياسات الدولة اللبنانية.
داخلياً لم تقبل غالبية الأوساط السياسية والحزبية الحكم بالسجن الذي حصل عليه الوزير السابق ميشال سماحة برغم ثبوت أدلة قيامه بتهريب سلاح وغسيل أموال، وحذرت من النتائج السلبية لأثاره بالغة الخطورة على مجمل أوضاع المجتمع اللبناني في ظل تصاعد لهيب نيران الملفات الإقليمية المتفاقمة !! 
والحدث الخارجي أشاع حالة من القلق والتوجس والخيبة بسبب ما سيفرزه من نتائج بالغة الخطورة على المستويين الأمني والاقتصادي خاصة وأن موسم السياحة على الأبواب. 
كافة القرائن تشير إلي أن الدولة اللبنانية لم تعش منذ إعلان استقلالها مرحلة تاريخية متردية كما هي حالتها اليوم .. لماذا ؟؟ .. لأن .. 
البلاد تعيش بلا رئيس للجمهورية منذ حوالي العامين .. 
مجلس الوزراء تراجع إلي ما هو اقل من حكومة تصريف أعمال .. 
المكون السياسي للدولة تقهقر لمصلحة فصيل سياسي واحد يدين بالولاء لقوة إقليمية .. 
هذا التردي سمح لأمين حزب الله العام السيد حسن نصر الله أن يعتدي على سيادة الدولة حين قال – 1 مارس – أن السعودية دفعت لبنان إلى دخول مرحلة جديدة من الصراع السياسي والإعلامي على إثر قيامها بوقف هبتها المالية .. وحين أصر علي أن الرياض هي سبب الفتنة بين السنة والشيعة في عموم الشرق الأوسط كله !! .. 
إلى من يوجه الحزب أكاذيبه ؟؟ .. 
كافة الأطراف ذات العلاقة بقضايا الشرق الأوسط تعلم أن الحزب منذ أن فَرض على المجتمع السياسي اللبناني ما عرف بـ " الثلث المُعَطل " علي مستوي تشكيلة مجلسي النواب والوزراء، لم تعد السياسية اللبنانية الداخلية والخارجية متوائمة مع مصلحة البلاد العليا .. 
القوى الإقليمية والدولية تعرف أن ترك الحبل على غاربة للحزب لكي يشكل ميليشياته العسكرية تحت شعار " المقاومة " لم يحقق الهدف من روائه !! ولا دفع إسرائيل إلى تبني سياسات سلمية، بل وفر له أن يضع قدراته العسكرية في مقابل قدرات الدولة بل ويتفوق عليها وينظر إليها من عل .. 
كافة القوى السياسية الداخلية والخارجية تعلم أن هذا الثلث فرض علي الدولة اللبنانية وغالبية مكونات شعبها وطائفة حالة من التوتر والقلق منذ اغتيال الرئيس رفيق الحرير قبل إحدى عشر عام، وحتى اليوم .. 
حاصر الحزب الدولة بالقوة العسكرية وهددها بما تحت يده من سلاح ، ولوح أكثر من مرة بقدرته على الزحف لاحتلال مؤسسات الدولة، ومن هنا جاء رفضه المتكرر لوضع سلاحه تحت إمرة القوات المسلحة !! بل وتعاظم دوره كنائب عن قوة إقليمية تعمل على فرض رؤيتها علي لبنان العربية لصالح مشروعها الطائفي .. 
وكلها يعرف أن ما أقدمت عليه مؤسسات الدولة من قرارات تضمنت شبهة الاختلاف مع توجهات الحزب، قوبلت بعنف طائفي حمل الصبغة العسكرية التي نشرت الكثير من مستويات تهديد الآمنين من أبناء المجتمع .. 
نقول .. 
هذه الممارسات غير المسئولة فرضت علي وزير خارجية لبنان جبران باسيل أن يستجيب لتعليمات حزب الله ويصوت ضد قرار مجلس وزراء الخارجية العرب الذي أدان الاعتداء الذي تعرضت له السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد منذ حوالي شهر .. 
حزب الله هو المسئول عن وصف حكومة لبنان بأنها كـ " العدم " لأنها لم تعد في رأي غالبية المحللين " تمثل واقع الشارع اللبناني "الرافض لأساليب وسياسات فرض مصالح قوى إقليمية عليه بالقوة والقهر المادي والعسكري .. 
حزب الله ليس لديه أي نية لوقف أساليب مصادرته لقرارات الدولة السيادية، لأنه يواصل التعالي على مطالب تهدئة الأجواء بينه وبين الرياض ودول مجلس التعاون التي تنادي بها القوي اللبنانية السياسية المعتدلة الواعية لمسار مصالح الدولة العليا، لأن طهران لا تريد منه ذلك .. لماذا ؟؟ 
1 – لأنها مصممة علي الصيد في الماء العكر ، فبعد أن رفضت حكومة لبنان المقترح الذي تقدمت بها لتعويضها عن الهبة السعودية بمبلغ مساوي لها .. أعلنت أنها علي ثقة من أن القوي السياسية اللبنانية ستقتنع قريبا بصدق " نوايا طهران حيال الشعب اللبناني الشقيق " .. 
2 – ولأنها تتبادل مع قيادات الحزب علي امتداد الساعة توجيه الاتهامات للرياض بأنها تفتح جبهات سياسية ونفسية بهدف إشعال حرب طائفية في لبنان تعميقاً للانقسامات التي يعاني منها المجتمع اللبناني التي من شأنها أن تدمر قدرات الدولة بشكل ممنهج .. 
3 – ولأنها تنفي تماماً أي اتهامات لها بتصدير الأعمال الإرهابية وإثارة الفتن والتحريض على الفوضى .. 
كيف تمكنت إيران من أن تتصدر المشهد السياسي في لبنان ؟؟ .. 
الحقيقة البادية لكل ذي عينين تقول إن طهران استغلت قدراتها المالية والأيديولوجية وحولت حزب الله من قوة مقاومة لإسرائيل إلى خنجر مزروع في خاصرة الدولة .. وخططت له أن يُبقي لبنان بكل مكوناته فوق سطح صفيح ساخن .. 
وتقول: إن الحزب بعد أن أسكت جبهة الجنوب اللبتني التي يسيطر عليها نتيجة تفاهامات غير معلنة مع إسرائيل ، ركز كل جهوده لكي يحكم سيطرته علي قرار الدولة السيادي .. 
لأن إيران .. 
أرادت للحزب أن يوظف قدراته وتومضعه السياسي - النيابي والحكومي - لخدمة مخططاتها الإقليمية المتعارضة مع المصالح اللبنانية / العربية بكافة صورها .. 
ورسمت له سياسات تمزيق القوي السياسية اللبنانية عن طريق اللعب علي الطائفية وتقريب هذا الفريق علي حساب فريق آخر ، خدمة لأهدافها .. 
وحرصت علي توفير الدعم المالي له لكي يتمكن من الترويج لأفكاره الأيديولوجية لفتح جبهات قتالية مع السنة في لبنان عبر وسائلها الإعلامية .. 
ومنحته وإياها الضوء الأخضر لبث برامج وتحقيقات من شأنها أن تقلل من تأثير العروبة والإسلام علي المجتمع اللبناني و على مستوى الشرق الأوسط بصفة عامة .. 
ودفعت فرقها المتخصصة للتشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالليبرالية والتعددية وللتسفيه من أفكار الطوائف والمذاهب الدينية التي تتبناها وتحرص علي تفعيلها، لهذا رأينا سياسيون وإعلاميون مسيحيون ومنتمون لمذاهب إسلامية غير شيعية يدافعون عن إيران وسياستها وبرنامجها بقوة وغلو في بعض الأحيان .. 
ولم تكتف طهران بذلك ، بل قامت بتشكيل ما يعرف باسم "سرايا المقاومة " من أبناء المذهب السني في لبنان !! والتي دأبت علي استخدامها في بعض الأحيان إلي جانب ميليشيات شيعية لنشر الذعر بين جنبات المجتمع ولخلق عداوات علي امتداد الساحة اللبنانية كما حدث منذ نحو أسبوع .. 
drhassanelmassry@yahoo.co.uk