لم يكن المطرب الشعبي احمد شيبة يدري أنه سيفعل كل ما فعله في المصريين وهو يتغنى بأيقونته الجديدة "آه لو لعبت يا زهر" .. فبقدرة قادر تحول الأمر من مجرد أغنية شعبية وراقصة لوذعية إلى أسلوب حياة لدى أبناء هذا الشعب الصابر الأبي الذي يحلم بأن يلعب معه الزهر ولو مرة وهو التعبير الشعبي الدارج لأن تبتسم له الحياة ..
الغريب أن الانتشار المدوي لهذه الأغنية لم يقتصر على الأحياء الشعبية أو الفقيرة بل إنك تسمعها تنطلق من السيارات الفارهة .. ويمكنك أيضاً ملاحظة تأثيرها الساحر فمن يسمع هذه الكلمات لا يملك إلا أن يرقص ولو بهزهزة رأسه يمنة ويساراً .. والتجربة خير دليل لمن لا يصدق هذه النظرية "آه لو لعبت يا زهر واتبدلت الأحوال وركبت أول موجة في سكة الأموال" شوفوا كدة بتترقصوا إزاي.
وفي الواقع أنا شخصياً لم أتعجب من الاجتياح الجماهيري الذي حققته الأغنية لأنها تحولت من مجرد أغنية إلى "حالة" تتوافر بها جميع مقومات النجاح الإنسانية قبل الخلطة السحرية والتوليفة "الشعبوية" لنجاح أي أغنية.. فكلماتها تضغط وبعنف على أوتار متاعب قطاع كبير من المصريين وخصوصاً أبناء المناطق الشعبية، وخصوصاً إخواننا "الشبراوية" أصحاب لقب أبناء الصمود الذين أتشرف بالانتماء لهذا الحي العريق ولهم.
فهي تعكس عدة تناقضات غاية في الروعة أولها الآلام والآمال وثانيها النذالة والشهامة وثالثها الطموح والإحباط والتي تنقل بين صورها ومعانيها الشاعر الذي يعتبر الجندي المجهول في هذه الملحمة الشعبية.
وأنا وإن كنت أعترف بأنني "أخيب خلق الله" في النقد الفني .. إلا أنني أمام هذه الأغنية تحولت بقدرة قادر ليس إلى ناقد فني فحسب بل "طبيب روحاني حضرتي"، على طريقة الفنانة الكبيرة راقية إبراهيم في فيلم "الوردة البيضاء"، حيث وضعت يدي على طبيعة أبناء هذا الشعب الأبي التي يمكن توصيفها بحالة "مزاجانجي" في فيلم الكيف.
فالشباب وأولاد البلد الذين عشقوا ورقصوا وتجسدت فيهم هذه الأغنية بكل ما تحمله من أحاسيس ومشاعر هم أنفسهم الذين تسلطنوا و"استكيفوا" واتخذوا من كلمات أغنية "مفيش صاحب بيتصاحب" كتوقيع رسمي يختتمون به أحاديثهم.. فرغم أن كلمات الطقطوقتين متعارف عليهما منذ قديم الأزل، فمن منا لم يقرأ كلمة "مفيش صاحب بيتصاحب" عشرات المرات سواء على عربات الفول أو على جداريات الحارة الشعبية، ومن منا أيضاً لم يقرأ "آه لو لعبت يا زهر" على آلاف الميكروباصات والتوك توك قبل أن يشاهدوا فيلم "معلش يا زهر" للعملاق زكي رستم.
رغم كل ذلك تعاطى الباحثون عن السعادة والحالمون بزهزهة الحياة إلى أبعد مدى مع الأغنيتين وراحت رقصاتهم وتعبيرات وجوههم لتعكس كوكتيل مشاعر يجمع الآمال والطموحات والانتقادات كل هذا طبعاً مع ما أضافته اللمسات الغاية في التأثير للقنبلة الأوكرانية الفتاكة "آلاء كوشنير"، ووالله العظيم مانا عارف إيه حكاية الراقصات الأجانب اللاتي يذهبن العقل التي ابتلينا بها مؤخراً فهل حتى الرقص نحتاج فيه خبراء أجانب دي مصيبة إيه دي.
الأخطر من كل هذا أن الحالتين كشفتا بالمصادفة البحتة عيباً خطيراً وربما هو أساس الأزمة الحقيقية في مصر وهي أن قطاعات كبيرة من أفراد المجتمع يريدون أن يسهروا حتى مطلع الفجر ويناموا حتى تذهب الشمس ثم "يجلجلوا" الشعر حتى تشعر أنك أمام "زعافة" وليس "رأس بشرية" ثم يبحثون عن ناصية يعاكسون الفتيات عليها .. أو فرح يفرغون فيه كل طاقتهم .. أو سايبر نت "يفيسون ويشيتون" عليه وفي النهاية لا يغادرون شاردة أو واردة إلا ويصرخون من الفقر والبطالة والتهميش إن أتيحت الفرصة.
ولعل هذا في تقديري ما ينقصنا كمصريين .. فنحن نحتاج "أسلوب حياة" جديد أو مشروع قومي عنوانه "نقدر".. ولك أن تضع بعدها أي كلمة .. نقدر نبني .. نقدر ننتج .. نقدر نطور .. نقدر نعيش.. فعن طريقه نجمع الطاقات ونشحذ الهمم ونوحد الإرادة قبل أن تتجمد أقدامنا عند مرحلة الرقص والولولة على "اللبن المسكوب".. والحدق يفهم.
الغريب أن الانتشار المدوي لهذه الأغنية لم يقتصر على الأحياء الشعبية أو الفقيرة بل إنك تسمعها تنطلق من السيارات الفارهة .. ويمكنك أيضاً ملاحظة تأثيرها الساحر فمن يسمع هذه الكلمات لا يملك إلا أن يرقص ولو بهزهزة رأسه يمنة ويساراً .. والتجربة خير دليل لمن لا يصدق هذه النظرية "آه لو لعبت يا زهر واتبدلت الأحوال وركبت أول موجة في سكة الأموال" شوفوا كدة بتترقصوا إزاي.
وفي الواقع أنا شخصياً لم أتعجب من الاجتياح الجماهيري الذي حققته الأغنية لأنها تحولت من مجرد أغنية إلى "حالة" تتوافر بها جميع مقومات النجاح الإنسانية قبل الخلطة السحرية والتوليفة "الشعبوية" لنجاح أي أغنية.. فكلماتها تضغط وبعنف على أوتار متاعب قطاع كبير من المصريين وخصوصاً أبناء المناطق الشعبية، وخصوصاً إخواننا "الشبراوية" أصحاب لقب أبناء الصمود الذين أتشرف بالانتماء لهذا الحي العريق ولهم.
فهي تعكس عدة تناقضات غاية في الروعة أولها الآلام والآمال وثانيها النذالة والشهامة وثالثها الطموح والإحباط والتي تنقل بين صورها ومعانيها الشاعر الذي يعتبر الجندي المجهول في هذه الملحمة الشعبية.
وأنا وإن كنت أعترف بأنني "أخيب خلق الله" في النقد الفني .. إلا أنني أمام هذه الأغنية تحولت بقدرة قادر ليس إلى ناقد فني فحسب بل "طبيب روحاني حضرتي"، على طريقة الفنانة الكبيرة راقية إبراهيم في فيلم "الوردة البيضاء"، حيث وضعت يدي على طبيعة أبناء هذا الشعب الأبي التي يمكن توصيفها بحالة "مزاجانجي" في فيلم الكيف.
فالشباب وأولاد البلد الذين عشقوا ورقصوا وتجسدت فيهم هذه الأغنية بكل ما تحمله من أحاسيس ومشاعر هم أنفسهم الذين تسلطنوا و"استكيفوا" واتخذوا من كلمات أغنية "مفيش صاحب بيتصاحب" كتوقيع رسمي يختتمون به أحاديثهم.. فرغم أن كلمات الطقطوقتين متعارف عليهما منذ قديم الأزل، فمن منا لم يقرأ كلمة "مفيش صاحب بيتصاحب" عشرات المرات سواء على عربات الفول أو على جداريات الحارة الشعبية، ومن منا أيضاً لم يقرأ "آه لو لعبت يا زهر" على آلاف الميكروباصات والتوك توك قبل أن يشاهدوا فيلم "معلش يا زهر" للعملاق زكي رستم.
رغم كل ذلك تعاطى الباحثون عن السعادة والحالمون بزهزهة الحياة إلى أبعد مدى مع الأغنيتين وراحت رقصاتهم وتعبيرات وجوههم لتعكس كوكتيل مشاعر يجمع الآمال والطموحات والانتقادات كل هذا طبعاً مع ما أضافته اللمسات الغاية في التأثير للقنبلة الأوكرانية الفتاكة "آلاء كوشنير"، ووالله العظيم مانا عارف إيه حكاية الراقصات الأجانب اللاتي يذهبن العقل التي ابتلينا بها مؤخراً فهل حتى الرقص نحتاج فيه خبراء أجانب دي مصيبة إيه دي.
الأخطر من كل هذا أن الحالتين كشفتا بالمصادفة البحتة عيباً خطيراً وربما هو أساس الأزمة الحقيقية في مصر وهي أن قطاعات كبيرة من أفراد المجتمع يريدون أن يسهروا حتى مطلع الفجر ويناموا حتى تذهب الشمس ثم "يجلجلوا" الشعر حتى تشعر أنك أمام "زعافة" وليس "رأس بشرية" ثم يبحثون عن ناصية يعاكسون الفتيات عليها .. أو فرح يفرغون فيه كل طاقتهم .. أو سايبر نت "يفيسون ويشيتون" عليه وفي النهاية لا يغادرون شاردة أو واردة إلا ويصرخون من الفقر والبطالة والتهميش إن أتيحت الفرصة.
ولعل هذا في تقديري ما ينقصنا كمصريين .. فنحن نحتاج "أسلوب حياة" جديد أو مشروع قومي عنوانه "نقدر".. ولك أن تضع بعدها أي كلمة .. نقدر نبني .. نقدر ننتج .. نقدر نطور .. نقدر نعيش.. فعن طريقه نجمع الطاقات ونشحذ الهمم ونوحد الإرادة قبل أن تتجمد أقدامنا عند مرحلة الرقص والولولة على "اللبن المسكوب".. والحدق يفهم.