الخميس 05 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حكاية الإخوان مع سجون شمس بدران "٢"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بات مما لا شك فيه أن سجون «شمس بدران» وغيرها، وما كان وما حدث فيها، على حسب مزاعم «جماعة الإخوان التكفيرية»، لم تكن أبدًا سببًا لجنوح الإخوان صوب التكفير والإرهاب والعنف، وبات مما لا شك فيه أيضًا التكفير فى الإخوان أقدم من السجون، وأن الجماعة أسست منذ يومها الأول على تكفير المجتمعات والحكام والشعوب والأنظمة، بل وكل أهل الأرض!
ولكن الإخوان وكعادتهم التى لم ولن يتخلوا عنها، أحبوا أن يضربوا عصفورين بحجر واحد - كما يقال فى المثل - فباختلاق حكاية التعذيب فى السجون، والمبالغة غير المعقولة فيها، استطاعوا أن يخدعوا بعض المغفلين، بزعم أن التكفير جاء عرضًا وكرد فعلٍ على أحداث التعذيب فى سجون «شمس بدران» وغيرها، وأيضًا عن طريق المتاجرة بتلك الأكاذيب استطاعوا أن يكسبوا تعاطفًا من قِبل من يسمع تلك الحكايات الملفقة حول التعذيب ويصدقها، فكانت كذبة التعذيب فى السجون واحدة، ولكن فوائدها كانت شتى!
ونحن هنا سوف نعمل على محورين اثنين، الأول منهما، أن نثبت - ومن كلامهم وحكاياتهم ذاتها - كذب ما قالوه وزعموه حول التعذيب فى السجون، والمحور الثانى، أن نثبت أيضًا، ومن كلامهم عينه، أن السجون لم تكن على نحو ما قالوا وزعموا، وأنها لم تكن ساحات تعذيب، وإنما كانت واحات ترفيه، على حد تعبيرهم بألسنتهم وأقلامهم!
فأما المحور الأول، فسوف يكون اعتمادنا فيه على نقل كلام واحدة تعد من قياداتهم وقديساتهم! وقد تعمدوا هم، وكذلك تعمدت هى الأخرى، أن تكون هى من تتحدث عن التعذيب الواقع عليها فى السجون، لأن التعذيب إذا كان واقعًا على امرأة، لا رجل، كان وقعه على النفوس شديدًا وكان تأثيره عظيمًا، وهو عين المراد من هذه الأكاذيب، وهو المتاجرة بالتعذيب والابتلاء! وليسهل بذلك التأثير فى النفوس والتأثير عليها، فيقع من يسمع هذا الكلام أو يقرأه فى الشرك الذى نصب له، فلا يخرج منه أبدًا.
ومن نظر فى كتاب «أيام من حياتى» لمؤلفته «زينب الغزالى»، وما ذكرت فيه من وقائع التعذيب الذى وقع عليها، ثم أعمل عقله - لا عاطفته - فى هذا الكلام، فإنه سوف يقطع بداهةً بأن هذا الكلام كذب ملفق، لا يمكن لعقلٍ سويٍ أن يتقبله أو أن يمرره، دون أن يتشكك - على الأقل - فى صحته، وذلك لما يحويه ما ذكرته من أمور يصعب على العقل قبولها أو تصديقها.
فقد ذكرت مثلًا فى الكتاب المشار إليه أنها التقت بــ«حميدة قطب» - شقيقة «سيد قطب» - فعرفتها، بينما «حميدة» لم تعرفها إلا بعد أن دققت النظر إليها!
وفى هذا النص كذب لا يمكن للعقل إغفاله، إذ إن «حميدة» كانت قد ذكرت هى الأخرى أنها عذبت عذابًا شديدًا! ومع ذلك لم تتغير ملامحها كما تغيرت ملامح «زينب» وعرفتها زينب بمجرد أن رأتها، فما الفارق بينهما إذن؟!
أم أن قصص التعذيب من الأساس هى قصص ملفقة تناقض بعضها البعض، لأن الكذابين جميعهم ينسون - ولا شك- القاعدة الذهبية التى تقول: «إذا كنت كذوبًا فكن.. ذكورا»!
بل إن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد ذكرت «الغزالى» أشياءً أخرى، هى فى ذاتها أشد غرابة مما مر، ومهما بلغت درجة الخيال فى العقل البشرى، فإنه لا يمكن تصور حدوثها ولا فى أكثر أفلام السينما جنوحًا بالخيال!
فقد ذكرت أنه سُلط عليها فى زنزانتها كلبان كبيران، ينهشانها نهشًا وهى تصلي!!!
فانظر كيف يكون رد فعل شاب متحمس يقرأ فى كتابها هذا أن الحراس فى السجون كانوا يطلقون الكلاب المتوحشة على امرأة ضعيفة، وكذلك يطلقونها عليها - يا للقسوة - وهى راكعة وساجدة تصلى؟
لن يكون رد فعله سوى أن يحكم بالكفر البواح والخروج الأكبر من الملة لمن فعل ذلك أو أمر به أو رضى عنه، وذلك عين مرادهم من هذا كله!
تقول «الغزالى»: «... وتسلق الكلبان ظهرى فى ركوعى وسجودى، وأخذا يخمشان رأسى ووجهى»!
وتقول أيضًا: «.... فالكلاب ناشبة أنيابها فى جسدى... ثم مرت ساعات وأُخرجت من الحجرة، وكنت أتصور أن ثيابى البيضاء مغموسة فى الدماء، كذلك كنت أحس وأتصور أن الكلاب قد فعلت، ولكن أدهشنى أن الثياب كأن لم يكن بها شيء، وكأن نابًا واحدًا لم ينشب فى جسدى»!!
فهل كانت تلك الكلاب محض هلاوس سمعية وبصرية وتخيلات وأوهام؟!
أم أن خيال الكاتب سرح بها إلى حيث لم تعرف كيف تحبك النهاية؟!
أم أنها أرادت أن تثبت لنفسها كرامة من الكرامات، لتضع نفسها - ولو بالكذب - فى مصاف أولياء الله الصالحين؟!!
إلا أنها وتحت عنوان «زنزانة الماء»! تراجعت عن إثبات هذه الكرامة، وكذبت نفسها بنفسها، وذكرت أن «حميدة قطب» لم تعرفها بسبب نهش الكلاب لجسدها! فقالت: «ومرة أخرى دخلت مكتب (شمس بدران)، وكانت المفاجأة، إذ رأيت (حميدة قطب) أمامى فعرفتها وهى لم تعرفني! فالسياط والكلاب! والإجهاد والجوع والعطش والتمزق فى جسدي!... كل هذا قد غير ملامحى، وغير صورتى»!!!
فأى رواية نصدق يا «زينبُ» الأولى أم الثانية؟ أم نكذب الاثنتين معًا؟!
إلا أن ما مر لم يكن الأغرب فى حكايات «زينب الغزالى»، بل هناك ما هو أغرب من الخيال ذاته، سوف نذكره فى الحلقة المقبلة، إن شاء الله تعالى لنا ذلك.