الخميس 05 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ماذا تنقمون من سوريا؟!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكن الرفض المصري الرسمي والقوي للتدخل البري العسكري التركي –سعودي ضد الشقيقة سوريا بمتغرب أبدًا، فمصر الدولة العريقة، ذات الحضارة الضاربة بتاريخها نحو جذور التاريخ، ومصر العروبة والإسلام والقيم التي لا تتجزأ، لا يمكن بحال أن تخالف ما عهدها عليه أبناؤها وأشقاؤها مهما كانت المبررات أو كانت الحجج، ومهما كانت الأسباب.
ومصر حامية العرب والعروبة لن تترك موقعها يومًا من الدهر لتتخندق في خنق الأعداء، وتعتدي على أشقائها، بدلًا من أن تذود عنهم، أبدًا لن يكون هذا.
كما أن يد جيش مصر الحانية المدافعة عن أشقائها والتي تدفع عنهم من يؤذيهم، لا يمكن أن تكون سواءً ويد العدو الجائر الباطش الذي لا يراعي رحمًا ولا عروبة ولا إسلامًا!
فلم يكن مقبولًا أبدًا ولو مجرد التفكير في أن تعتدي مصر على إقليمها الشمالي يومًا من الدهر، وهو ما عكسه الرفض المصري القاطع لهذا العدوان السافر على سوريا، والذي لا يؤكد أنه من أعظم المستحيلات أن تعتدي مصر على أشقائها فحسب، وإنما أيضًا يؤكد بما لا يدع للشك مجالًا أن مصر لا يمكنها بحالٍ أن تقبل به أو ترضى عنه أبدًا.
فشكرًا لكِ يا بلادي، ما أعظمكِ، فواللهِ ما خذلتني قطُّ.
ليبق لي بعد ذلك أن أسأل كل من على وجه الأرض سؤالًا يؤرقني منذ سنين خمس، ولا أجد له جوابًا، سؤالًا أود أن أسأله لكل من تآمر وما يزال يتآمر على سوريا: ماذا تنقمون من سوريَّا؟!
ولماذا تريدون خرابها وتقسيمها وقتل أبنائها؟ ولمصلحة مَنْ؟ 
لمصلحة من تشتيت السوريون في بقاع الدنيا، لاجئين وشحاذين ومتسولين، وقد كانوا من أغنى شعوب الأرض؟!
لمصلحة من تقسيم سوريَّا وإلى ثلاث أو أربع دوليات صغيرة متناحرة متقاتلة فيما بينها، ومتصارعة على السلطة والمال والحدود والأرض؟!
لمصلحة من إنهاك وإضعاف، بل وتفتيت الجيش السوري، والذي يقف حجر عثرة أمام تمدد إسرائيل في المنطقة؟!
لمصلحة من ذلك الخراب والدمار، وتلك الحرائق التي أتت على الأخضر، واليابس حتى لم تبق ولم تذر، اجتاحت قرى بأكملها، ومدنًا كاملة كانت يومًا من الدهر من أجمل بقاع الدنيا، إن لم تكن أجملها، فتركتها هشيمًا تذروه الرياح؟!
لمصلحة من؟ ثم لمصلحة من؟ ثم لمصلحة من؟!!
أما مصر فإن كل ما يحدث في سوريا ليس في صالحها بالمرة، وكذلك ليس هو في صالح العرب، ولا في صالح المسلمين، وإنما المستفيد الأول والأخير والأكبر، بل والوحيد من ذلك كله، هو ذلك الشيطان الاستيطاني الخبيث، والذي ينتشر كالسرطان في المنطقة كلها، يشعل النيران فيها، ويحرك الأزمات خلالها، ويتحكم في كثير من الدمى، يلعب بها بأصابعه دون أن يظهر هو من خلف الستار ، ذلك العدو الظاهر الخفي في آنٍ، هو العدو الصهيوني الخبيث الذي يحرك الجميع ويدعمهم من وراء ألف ستار!
نعم، إن العدوان السافر التركي –السعودي على سوريا، ما هو إلا تنفيذ مباشر وإعادة إحياء للمشروع الصهيوني الخبيث -والذي كانت مصر قد أوقفت تقدمه وتمدده وعطلته وأوقفته يوم الثلاثين من يونيو عام 2013 م وما بعده- والموسوم بــ "الشرق الأوسط الكبير"، والذي يرتكز ارتكازًا كليًا على تقسيم سوريا، وإضعاف وإنهاك، ومن ثم تفتيت جيشها، هو كذلك ولا شك.
ومما زادني غمًّا وحزنًا، وعصر قلبي ألمًا، وكاد يفتت كبدي كمدًا، أنه لا مبرر منطقي لهذه الحرب الشعواء على سوريا، والتي تنفذ مراد العدو منّا وتمكنه من رقابنا، وإنما هي أحقاد شخصية، وتصفية لحسابات نرجسية، تؤدي إلى تدمير بلد بأكمله، كان ولا يزال ردءًا للعرب والمسلمين، وغصة في حلق أعدائهم.
وإذا كان الكثيرون من المحاربين في سوريَّا ولسوريَّا يطيب لهم أن يحتكروا الحديث باسم الدين والإسلام، ويكسوا مخ أفعالهم الإجرامية الباطلة بلحاء من الحق، فليسمحوا لي أن أسألهم بالله: أليس من حسن إسلام الدول أن تحب لغيرها ما تحبه لنفسها، وأن تكره لغيرها –بطبيعة الحال- ما تكرهه لنفسها؟!
وإذا كان الجواب بالإثبات، وهو كذلك بلا شك، فدعونا نسأل مرة أخرى: هل يقبل المتآمر التركي، أو الشقيقة السعودية، أو غيرهما من كل داعم للإرهاب في سوريا من أهل الشرق أو الغرب، هل يقبلون أن تقوم سوريا-مثلًا- أو غيرها بدعم الإرهاب والإرهابيين في بلادهم أو لا؟
هل يقبل المتآمر التركي أو تقبل الشقيقة السعودية أن تتوغل سوريا أو غيرها –كإيران مثلًا- في أراضيهم بريًا أو أن تقصف بلادهم جويًا؟!
وإذا كان الجواب بالنفي، وهو قطعًا كذلك، منَّا قبل أن يكون منهم، فلماذا ترضى هذه الدول لغيرها ما لا ترضاه لنفسها؟!
أم أن المبادئ تتجزأ على حسب الأهواء والمصالح؟! أجيبوني معشر العقلاء!!
وإذا لم يكن كذلك، فلماذا نعيب ونرفض؟ إذًا على إيران الصفوية المجوسية الإرهابية، أن تدعم وتمول وتهيج أتباع منهجها الخبيث من الشيعة "الإمامية الإثنا عشرية" في السعودية وغيرها، إذا كنا نحن نفعل مثل فعلها في سوريَّا؟!
لا تنهَ عن خُلقٍ و تأتيَ مثله *** عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيم!!
ذلك أننا لو قبلنا بالإثارة و الدعم و التمويل الذي تقوم به المملكة في سوريا لمجموعات من الإرهابيين والقتلة والخونة والمرتزقة، والتي تسميهم بــ "المعارضة المعتدلة" فإننا – والحالة هذه- يجب علينا أن نقبل ما تقوم به الصفوية الإرهابية إيران في المملكة، من دعم المجموعات الإرهابية المجرمة في المنطقة الشرقية وغيرها، والتي تسميهم إيران كذبًا وزورًا "أقلية ومعارضة شيعية" للنظام الحاكم بالسعودية!
ولكننا ومن منطق العقل السليم والقسطاس المستقيم والاتساق مع الذات، وترك التناقض في المواقف، وعدم تجزئة المبادئ، لابد وأن نرفض هذا، وذاك على حدٍ سواء، دون ميل أو حيف، ودون أن يجرمننا شنآن قوم على ألا نعدل في القول والعمل.
فنقول وبمنتهى المنتهى من الإنصاف والعدل، أنه ليس من حق حكام وملالي إيران الصفوية المجوسية أن يعبثوا في الأمن القومي للشقيقة السعودية، ولا أن يعملوا على زعزعة استقرار النظام الملكي الحاكم بالمملكة، وأننا لا يمكن أن نقبل بهذا أبدًا، أو أن نرضى عنه أو أن نسكت عليه، كما أننا أيضًا –ومن المنطلق ذاته- نجرم التدخل السعودي في الشقيقة سوريا، ونرفض أن يعمل أحد على زعزعة استقرارها أو تقسيمها أو تفتيت جيشها، مهما كان الفاعل لذلك حبيبنا، ذلك أن الحق أحبُّ إلينا منه.
وعليه فإنني ومن منطلق المحبة والحرص أدعو أشقاءنا بالمملكة أن يراجعوا أنفسهم، وأن يعودوا لرشدهم، وأن يكفوا عن تدمير كل شيء، وبل وتدمير أنفسهم من أجل أحقاد شخصية وأهواء نرجسية.