صار مما لا شك فيه أن تلك القنوات، والتي كانت -ولا تزال- تسمى كذبًا وزورًا بــ "الإسلامية"، والإسلام منها براء، كانت أيضًا –ولا تزال- تمهد تمهيدًا كبيرًا للإرهاب والتطرف باعتباره "جهادًا في سبيل الله"! أو باعتباره "مقاومة مشروعة للأنظمة الفاسدة والمستبدة"!، وهي التي مهدت لحكم الإخوان في مصر، واستطاعت بالتكامل مع أعداء الوطن، من إجراء أكبر عملية لغسيل الأدمغة عرفتها البشرية في تاريخها كله، حيث قاموا بغسيل دماغ شعب بأكمله، بل وشعوبًا بكليتها! فغشوا المصريين وخدعوهم حتى صدق المصريون كذبهم، وراج عليهم خداعهم، والذي كان نتيجته أن تعرضت مصر لسنةٍ كبيسةٍ، كادت أن تعصف بها، لولا رحمة ربها الرحيم، فأزاح عنها ذلك الهم والغم الذي كان يدعى: حكم جماعة الإخوان الإرهابية، والتي كانت تسعى سعيًا حثيثًا، بل وكادت أن تنجح في مسعاها والذي يتلخص في تسيلم هذا الوطن الأمين لأعدائه!
وما كان هؤلاء المجرمون ليصلوا إلى حكم مصر أبدًا لولا هؤلاء الشيوخ الذين يمثلون "المادة الخام للتطرف" وفضائياتهم، وبثهم لسمومهم في أهل مصر!
وما يزال ما تبقى من تلك القنوات إلى الآن يحرض على الإرهاب في مصر، وفي سوريا والعراق وليبيا وغيرهم، من دون رادع أو رقيب، أو حتى متعظ ومعتبر من هذا الخطر الذي يتفشى في أجساد الأمم كما السرطان، وهي لا تشعر به، حتى إذا ما تنبهت إليه، كان قد تمكن منها وفتك بها وقضى عليها! وذلك على الطريقة الصهيونية التي ابتدعها "المحافظون الجدد" والتي تقول :"إن عدوك يستيقظ ميتًا"، بمعنى أنه حين ينتبه لما أصابه، وما أوقع نفسه فيه يجد أنه قد فات الأوان، ولا سبيل أن يرجع ما كان إلى ما عليه كان!
والخلاصة أن هؤلاء الناس ممن يسميهم أتباعهم والمخدوعون فيهم بالمشايخ والمشائخ والشيخة والشيوخ، هم بلا ذرة واحدة من الشك أو التردد :"المادة الخام للتطرف"، والتي يستخلص منها كل أنواع التطرف والإرهاب والعنف، وإن كانوا في أنفسهم لا يمارسون العنف والإرهاب بأيديهم، وإنما يمارسونه بعقولهم وألسنتهم!
وهم كذلك يعدون معامل لتفريخ الإرهابيين، يدخل الشاب إليها، خالي الذهن تمامًا من كل شر، فارغ العقل مطلقًا من كل سوء، ويظن -والظن هاهنا كله إثم!- أنه سوف يتعلم الدين من منابعه ومن معينه الصافي، و من منبعه الرقراق، فإذا به يخرج وقد تم تطعيمه، بكل أنواع الفيروسات الإرهابية والتي تحوله بعد وقت ليس ببعيد، إلى وحش من أشد وحوش العالم قسوة وضراوة وفتكًا، ولكنه وحش آدمي، متجسد في صورة إنسان، متعطش لشرب الدم وأكل لحوم البشر بمنتهى النشوة!
ولعلنا يمكنا أن ندلل على صدق هذا الكلام – والذي لا نشك لحظة في صدقه- بمثال حي (و ما أكثر الأمثلة!) لشخص كان يظن في أول الأمر –كما الكثيرون من المغفلين مثله- أنه سوف يتعلم الدين و العلوم الشرعية ليعود إلى بلده فيبث ذلك الخير الذي تعلمه في أهله وناسه، ليجد نفسه -في الحقيقة وذات الأمر- قد تعلم كيف يقتل قومه وبني جلدته، ويسفك دماءهم، وينتهك أعراضهم وينهش لحومهم، وبلا رحمة أو شفقة أو لحظةٍ من الشعور بالذنب أو الندم على فعله أو جرمه في حق نفسه ودينه ووطنه!
هذا الشخص كان قد جاء إلى مصر ليدرس الطب! في إحدى جامعاتها، إي والله، جاء إلى مصر ليتعلم فيها، كيف يرحم الإنسان ويخفف عنه آلامه؟ وكيف يداوي البشر؟ فقاده قدره، إلى من يعرفون بــ "مشايخ الإسكندرية" ، ظنًا منه أنه سيجد عندهم الخير فيغترف منه ، و لكنه –مع الأسف- لم يجد سوى الخراب والدمار الدم ليخرج من عندهم بغير الوجه الذي دخل به ، بل بغير الإنسان الذي جاء به! ليعود إلى وطنه وبدلًا عن أن يكون الطبيب المداوي للجراح والمخفف للآلام ، تحول على أيدي هؤلاء المجرمين من "المادة الخام للتطرف"، إلى الشخص الذي ينكأ الجراح ويفجرها!
تلك هي قصة "عبداللطيف موسى" ذلك الشاب الذي جاء من أرض فلسطين المحتلة، وتحديدًا من قطاع غزة المنكوب بنكبة احتلال مزدوج! ليتعلم الطب في جامعة الإسكندرية العريقة، ولعله كان –ساعتها- يحمل طموحات وآمال لا حصر لها في مستقبل واعد، حين يعود إلى بلده وهو يحمل شهادة عليا من جامعة عريقة، في دولة عظيمة، إلا أن هذه الأحلام جميعها قد تبخرت ودمرت وتلاشت، على صخرة خبيثة تدعى "الدعوة السلفية بالإسكندرية" "و التي هي في حقيقتها ليست إلا تنظيمًا إرهابيًا متطرفًا كداعش وأخواتها، وربما أشد، تمثل كما غيرها من شبيهاتها مادة خامًا للتطرف والإرهاب وخراب الديار وقتل العباد!) والتي استلمته شابًا واعدًا مقبلًا على الحياة، فحولته إلى إرهابي مجرم، عدوٍ للحياة، يسعى إلى حتف نفسه وإلى قتل أهله وانتهاك حرماتهم، وتدمير وتخريب بلده، وتسليمها لقمة سائغة إلى عدوها وعدونا!
نعم، جاء "عبداللطيف موسى" إلى مصر من فلسطين كي يتعلم وينفع الناس بعلمه، فأرجعه هؤلاء المشايخ والذين يمثلون "المادة الخام للتطرف" والذي درس على أيديهم، من أمثال "سعيد عبدالعظيم" و"محمد إسماعيل المقدم" و"أحمد فريد" وغيرهم، أرجعوه إلى بلده، ليشكل تنظيمًا إرهابيًا أسماه "الإمارة الإسلامية في أكناف بيت المقدس"!
وتبعه على ذلك مجموعة من الأفراد ممن تشبعوا الفكر الإرهابي البغيض نفسه، وممن تعلموا الإرهاب على أيدي مشايخ "المادة الخام للتطرف"، ولتقع بينهم وبين أختهم في التطرف والإرهاب والموسومة بــ حركة "حماس الإرهابية" معركة للسيطرة على الأرض والمُلك "في بلدٍ محتلٍ يعاني من ويلات محتل غاصب قاتل وغاشم لا يعرف رحمة ولا شفقة" لتنتهي تلك المعركة بقتله وقتل عدد ممن كانوا معه في واقعة شهيرة تعرف بأحداث مسجد ابن تيمية في غزة !
ليقتل هذا الشاب وتقتل معه أحلامه، وما كان ذنبه، إلا أنه أحسن الظن في هؤلاء المشايخ وظن فيهم خيرًا وغفل – كما غفل ويغفل الكثيرون غيره- عن كونهم ليسوا إلا "المادة الخام للتطرف"!
ليقتل "عبداللطيف موسى"، ومجموعة من أتباعه معه، على يدي مجرمي حركة "حماس" الإرهابية ، ليحمل هؤلاء الشيوخ من ممثلي "المادة الخام للتطرف" كفلًا كبيرًا من دمه، لأنهم هم أرغموه على سلوك هذا السبيل الموحش والمهلك ليلقى فيه حتفه على غير ما يرضي الله وعلى غير صراط الله المستقيم، وإنما يموت ميتة جاهلية، وليحق ويصدق على هؤلاء المشايخ من صناع الفتن دعاء الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم: "قتلوه ... قتلهم الله..."! فالله حسيبهم!