الخميس 05 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حكاية المرشد الهضيبي مع ضباط حركة يوليو

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يمكن بحالٍ أبدًا مهما أردنا أن نكشف مدى تناقض الإخوان وكذبهم، وخياناتهم، بل وانقلاباتهم، بأكثر من أن نعرض موقفهم من «حركة الضباط الأحرار» فى يوليو ١٩٥٢م، التى أيدها الإخوان بكل قوة وحفاوة، ومثلوا الدعم الشعبى لها، لدرجة يمكن معها لمن عاش تلك الفترة أو قرأ أو سمع عنها، أن يؤكد أن الإخوان فى تلك الفترة كانوا يمثلون المادة الخام للتطبيل السياسى!
فكانوا يؤيدون كل قرارات قادة الحركة، قبل أن تصدر تلك القرارات أصلا، وكانوا يمهدون الطريق لها، للدرجة التى كان معها «سيد قطب» يقوم بدور «العرّاب» لتلك القرارات!
فإذا أراد القادة أن يصدروا قرارًا بعينه، قد يكون شديدًا أو صادمًا من أمثال قرارات التأميم التى صدرت فى حق الإقطاعيين، قام «قطب» بكتابة مجموعة من المقالات تبين محاسن تلك القرارات، ومنافعها، وضرورة تطبيقها!
ثم إذا ظهر اعتراض من بعض الفئات على أى قرار من القرارات، خرج «قطب» بمقال أو مقالات تهدد وتتوعد كل من يخالف هذه القرارات، بالويل والثبور وعظائم الأمور، وبالتعليق على أعواد المشانق بلا رحمة ولا شفقة، بل وداعيًا قادة الحركة إلى الفتك بكل معارضيهم ومخالفيهم!
ولما وصل بعض الأذى إلى العمال وخرجوا بتظاهرات منددة، ووقعت صدامات مع الأمن، خرج «سيد قطب» بمقال عنيف، يدعو القادة إلى أن يبيدوا كل من يعترض أو يتظاهر من العمال، مؤكدًا أنه لا مانع من أن نضحى ببعض العمال حتى يعيش بقية الشعب! 
بل إنك ستعجب أشد العجب- أيها القارئ المكرم- إذا علمت أن الرئيس «عبدالناصر» وزملاءه، كانوا يطلقون على ما قاموا به من خلع الملك: «حركة الضباط الأحرار» ولم يكونوا يسمونها قط «ثورة»! حتى سماها الإخوان أنفسهم بــ«الحركة المباركة»!
وظلت تدعى بذلك فترة من الزمن، حتى خرج «سيد قطب» فأطلق عليها لقب «الثورة»! فى مقال ملتهب، كان عنوانه «إذا لم تكن ثورة فحاكموا محمد نجيب»!
ومن وقتها، والناس تعرفها بــ«ثورة يوليو»، ولكنهم لا يعرفون أن من أطلق عليها ذلك كان الإخوان المسلمون أنفسهم!
بل لقد كان الإخوان يعتبرون أنفسهم قادة الثورة الحقيقيين، وأصحابها الأصليين، وأنه ينبغى على قادة الضباط الأحرار أن يسمعوا ويطيعوا للمرشد «الهضيبى»!
بل لقد أرسل «الهضيبى» رسالة إلى الرئيس كان مفادها: «إننا أصحاب هذه الثورة وقادتها وأننا نتمنى لها النجاح»!
ولقد كان الرئيس «عبدالناصر» يقر بفضلهم فى نجاح حركته وزملائه، ولذلك كان يحاول أن يرضيهم وأن يعطيهم بعض المكاسب تكريمًا لهم، ولذلك لما طالبوا بحل الأحزاب السياسية استجاب لهم، وأصدر قرارًا بحل جميع الأحزاب السياسية، وكون ما أسماه بــ«هيئة التحرير»، وطالب الإخوان أن يكونوا هم قادة هذه الهيئة، ليمثلوا هم قادة العمل السياسى فى مصر كلها.
وكذلك أرسل إلى المرشد «الهضيبى» يطالبه بتشكيل حكومة كاملة من الإخوان، إلا أن «الهضيبى» رفض العرضين، رفض قيادة هيئة التحرير، ورفض كذلك تشكيل الحكومة، ولأنه كان يريد أن يشكل نظامًا شبيهًا بنظام «الملالى» الذى تم إنشاؤه فيما بعد فى إيران!
نعم، أراد «الهضيبى» أن يعمل هو وجماعته فى الخفاء كعادتهم، وأن يكون الرئيس منفذا لقرارات المرشد وتابعًا له، فالمرشد يصدر الأوامر فى السر، والرئيس ما عليه سوى التنفيذ!!
إلا أن الرئيس «عبدالناصر» لم يقبل بهذا ورفضه أشد الرفض، وطالب «الهضيبى» بخروج الإخوان إلى النور وترك العمل «تحت الأرض»!
كما طالبه بتفكيك «النظام الخاص»، لأنه لم يعد لوجوده ضرورة بعد انتهاء حكم الملك.
إلا أن «الهضيبى»- وكعادة الإخوان فى الكذب والتضليل- نفى أيَّ وجود للنظام الخاص، وزعم أن الإخوان ليس لديهم ما يخفونه، وكان الرئيس، قد كشف للتو عن خلية تابعة للنظام الخاص تعمل داخل الجيش، وتحاول أن تجند بعض أفراده، فكانت هذه بداية القطيعة بين نظام يوليو والإخوان!
وهنا- وعلى الفور- أشهرت «جماعة الإخوان التكفيرية» سلاحها الفتاك، الذى هو التكفير، فانقلبوا على الثورة وكفروا قادتها، وحاولوا اغتيال الرئيس، بناءً على تكفيرهم له!
فأخذ «الهضيبى» يعادى النظام ويكفره علنًا، والنظام يقاومه، فتخفى «الهضيبى» وهرب، ولكنه كان من مخبئه يطلق منشورات التكفير للنظام ولضباط الجيش المصرى!!
وقد ذكر مؤرخ الإخوان «محمود عبدالحليم» هذه المنشورات التى كان ينشرها «الهضيبى» بين صفوف الإخوان، ووصفها بأنها «منشورات تكفيرية» لضباط الثورة، فقال: «ثم يذكى هذه النار ويؤججها ما يصدر عن «المرشد» من مخبئه بين يوم وآخر من منشورات لاهبة»!
وقال أيضًا: «وقبل موعد الاجتماع بنحو ساعة فوجئنا بمنشور صادر عن المرشد العام يوزع على هؤلاء الإخوان يحرضهم فيه على رجال الثورة ويرميهم بالكفر»!!
وقال: «وقد وجدت أن الإخوان فى المركز العام يغذون إخوان الأقاليم بسيل من المنشورات، منها خطابات موجهة إليهم من المرشد العام من مخبئه، ولاحظت أن هذه المنشورات والخطابات مما يرفع من حرارة الالتهاب فى أعصاب الإخوان ضد الحكومة، حتى إن بعض هذه المنشورات: رمت رجال الثورة بما تستباح به الدماء»!!
فتأمل- أيها القارئ المكرم- كيف أن جماعة الإخوان التكفيرية! جماعة انقلابية بطبعها، تكفيرية بذاتها، لا أمن لها ولا أمان لجانبها، فإنها لا تقوم فقط بعض اليد التى تمتد لها بالإحسان، بل تسعى لقطعها!