الخميس 05 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حكاية الشيخ الغزالي مع المرشد الهضيبي "تتمة"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لقد كان عبدالله بن سلام عالمًا من علماء اليهود فى المدينة قبل الهجرة، فأسلم، وقبل أن يعلن إسلامه قال للنبى –صلى الله عليه وسلم: «إن اليهود قومٌ بُهت، فاسألهم عنى، فجاءت اليهود، فقال لهم النبى: أيُّ رجل عبدالله بن سلام فيكم؟!. 
قالوا: خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا، فخرج عليهم وأعلن إسلامه، فقالوا: هو شرنا وابن شرنا وتنقصوه!!».
استحضرت ذاكرتى هذا المشهد العجيب، وأنا أكتب عن موقف «جماعة الإخوان التكفيرية» من الشيخ «الغزالى» قبل وبعد أن ينشق عنهم!
فأما قبل، فقد كان «أديب الدعوة»! كما لقبه بذلك «البنا» نفسه، بعد خطاب أرسله «البنا» إليه جاء فيه «اكتب دائمًا وروح القدس يؤيدك، والله معك»!
وأما بعد أن انشق عنهم فقد صار -وعلى المنهج والطريقة اليهودية- شر الناس وأكفرهم!
حتى إنه وبسببه ظهر خلاف بين الإخوان لخَّصه هو بقوله: «ولقد عجبت لخلاف وقع بين شباب من الإخوان المسلمين أثاره بعضهم بتشاؤم هو: هل نحن «جماعة المسلمين»، أم من نحن «جماعة من المسلمين»؟!
ومن ثم أجاب فقال: «والإجابة على هذا السؤال لها نتائج ذات بال! بل نتائج ترتبط بها صيانة دماءٍ وأموال!». 
فإن الذين يحسبون أنفسهم جماعة المسلمين يرون مخالفة المرشد: الأستاذ «حسن الهضيبى» ضربًا من مخالفة الله ورسوله، وطريقًا ممهدة إلى النار وبئس القرار! 
وقد كنت أسير مع زميلى الأستاذ «سيد سابق» قريبًا من «شُعْبَة المنيل»، فمر بنا اثنان من أولئك الشبان المفتونين! وأبيا إلا إسماعنا رأيهما فينا وهو أننا من أهل جهنم! . 
وصادف ذلك منا ساعة تبسط وضحك، فمضينا فى طريقنا، وقد سقط طنين الكلمة النابية على الثرى قبل أن يتماسك فى آذاننا.
إلا أننى عزَّ علىّ أن «يُلعبَ بالإسلام» وأبنائه بهذه الطريقة السمجة، وأن تتجدد «سياسة الخوارج» مرةً أخرى، فُيلعنَ «أهل الإيمان ويترك أهل الطغيان»!!. 
وبم؟! باسم أن المرشد! وجماعته وحدهم «أولو الأمر»! وأن لهم حق السمع والطاعة!! 
بيد أن تعليم هذا الجنون كان أسلوب تربية وتجميعا عند بعض الناس! 
ومن المضحك أو المبكى أن يخطب الجمعة فى مسجد الروضة عقب فصلنا من المركز العام من يؤكد أن الولاء للقيادة يكفر السيئات!
وأن «الخروج عن الجماعة يمحق الفضائل»!! وأن الذين نابذوا القيادة عادوا إلى الجاهلية الأولى لأنهم خلعوا البيعة!
وقد رأى الدكتور «محمد يوسف موسى» أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة، أن يخلُص بالخطيب جانبًا ليقول له: أيُّ إسلامٍ هذا؟ ومَن مِن علماء الأولين والآخرين أفتى بهذا اللغو؟! وكيف تُلْبِسون الدين هذا الزى المنكر؟!
وهيهات، فقد تغلغل هذا الضلال فى نفوس الناشئة حتى كتب بعضهم لأخ له يسأله: هل تظن نفسك مسلمًا بعد ما خرجت من صفوف الجماعة؟!
ولنفرض أن «مرشد الجماعة» هو «أمير المؤمنين» وأن له حقوق «الخليفة الأعظم»! فهل هذا يؤتيه على أتباعه حق الطاعة العمياء؟!
إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لم يؤت هذا الحق! ففى بيعة النساء يقول الله له: {ولا يعصينك فى معروف}.
إلى أن قال: «لقد كان الراسخون فى العلم يدعون إلى الله ويتجردون للدعوة، فكان الناس يرون طاعتهم من طاعة الله لأنهم تلقوا دروس معرفته عنهم.
ثم جاء الراسخون فى الجهل! يطلبون «حقوق القيادة» ويتحدثون عن «قانون السمع والطاعة»!!
إنه لا حرج أبدًا فى اختلاف وجهات النظر، لكن لا يجوز لصاحب رأى ما أن يحسب نفسه: «المتحدث الرسمى باسم الله ورسوله»، وأن من عارضوه: «خارجون على الإسلام بعيدون عن الحق»!
وقال: «وقد رأيت جمعًا غفيرًا من شباب «الإخوان المسلمين» ينظرون إلى «مرشدهم» نظرة يجب أن تُدرس، وأن تٌحذرْ: فيقول أحدهم «إن المرشد لا يخطئ»!! 
وقال آخر: «إن الإيمان بالمرشد جزء من الإيمان بالدعوة»!
ثم أضاف: «ألا ترى أن الله ضم الإيمان بالرسول- صلى الله عليه وسلم- إلى الإيمان بذاته جل شأنه؟! ذلك أن المظهر العلمى للطاعة والأسوة هو فى اتباع القائد اتباعًا مطلقًا»!!!
ولما وجه «الغزالى» النصح للمرشد «الهضيبى»، عامله المرشد معاملة الكفار والمشركين!
فقال: «فلما استغربناه وتأبينا عليه، ورأينا أنفسنا نبصر الحقائق القريبة، والرجل لا يحسها! ونعامله مخطئًا ومعيبًا غير مقرين هذه «الهالة» التى أضفاها الأغرار عليه، مقتنا الرجل أشدَّ المقت؛ مقتنا كما يمقت الكفار والفساق»!!
فإذا كان هذا –أيها القارئ المكرم- هو تعامل «الإخوان المسلمين» مع من كان منهم وتركهم، بل مع من كان مقدمًا عندهم وإمامًا فيهم، بل و«أديب دعوتهم» كما لقبه مرشدهم ومؤسس جماعتهم، فكيف بمن دونه؟!
إنه كان يومًا ما إمامهم وسيدهم وهم مقرون له بالإمامة والسيادة، فلما خالفهم لاقى ما لاقى، وتم توجيه هذا الكم الهائل من هذه التهم المعلبة والجاهزة من أمثال «العمالة» و«الخيانة»، بل و«الكفر الأكبر» و«والمروق من الدين» و«الخروج من الملة»! 
فكيف يكون الحال مع من لم يكن منهم أصلًا أو مع من عاداهم وتكلم عنهم؟! لا شك فى أنه التكفير بأبشع صوره وأشنعه!
إنه مما لا شك فيه أن التكفير كان رفيق الدرب لـ«جماعة الإخوان التكفيرية» منذ يومها الأول، ولم يفارقهم ذلك يومًا من الدهر، إلا أن الأمر يختلف إظهارًا وإخفاءً على حسب أحوال الجماعة قوةً وضعفًا وظهورًا وخفوتًا، فلا يغرنك من الحية لين ملمسها!!.