الخميس 05 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

حكاية الشيخ الغزالي مع المرشد الهضيبي (2-2)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكن الشيخ «محمد الغزالي» بالنسبة للإخوان مجرد شيخ أو عالم أو إمام منتسبٍ للجماعة، وإنما كان ركنًا من أركانها قضى فيها قرابة العشرين عامًا من عمره وأبلى فيها شبابه، وقضى فيها أفضل أيام حياته، وأعطاها كل ما يستطيع وما يملك ولم يبخل عليها بشيء أبدًا، كما أنه لم يكن من الناشئة الجديدة، أو الجيل الثانى أو الثالث للجماعة، وإنما كان من الرعيل الأول، وممن عايش «حسن البنا» نفسه فترة كبيرة من الزمن.
وقد ذكر الشيخ «الغزالي» نفسه علاقته الوطيدة بــ«حسن البنا» منذ كان شابًا غضًا صغيرًا بقوله: «كان ذلك أثناء دراستى الثانوية، وكان من عادتى لزوم مسجد عبدالرحمن بن هرمز، حيث أقوم بمذاكرة دروسى، وذات مساء نهض شاب لا أعرفه يلقى على الناس موعظة قصيرة شرحًا للحديث الشريف: {اتق الله حيثما كنت... وأتبع السيئة الحسنة تمحها.. وخالق الناس بخلق حسن}، وكان حديثًا مؤثرًا يصل إلى القلب، ومنذ تلك الساعة توثقت علاقتى به، واستمر عملى فى ميدان الكفاح الإسلامي مع هذا الرجل العظيم إلى أن استشهد عام ١٩٤٩م. ومع ذلك كله، ومع هذا التاريخ الحافل، لما اختلف مع المرشد الثانى للإخوان «حسن الهضيبي» والذى هو عندهم - فى ضلالهم وغيهم وانحرافهم الكامل عن الدين - فى منزلة الرب الجليل سبحانه!!!، لا يُسألُ عما يفعل وهم يسألون!
لما اختلف الشيخ «محمد الغزالي» مع مرشد الإخوان «الهضيبي» وضع «الهضيبي» نفسه فى منزلة رب العالمين، ووضع «الغزالى» فى منزلة «إبليس اللعين» وحكم عليه بالطرد والإبعاد والخروج من «جنة الإخوان»!!
ولم يشفع للشيخ الكبير فى السن والعلم والمقام، علمه ولا سنه، ولا مكانته، ولا قِدَمِه فى الإخوان، ولا إمامته فيهم ولهم، وإنما طُبقتْ عليه القاعدة التى تطبق على الجميع داخل الإخوان بحيث إن «كل من اعترض: انطرد»!!
ويحكى الشيخ الغزالى بنفسه عن نفسه عن فترة عمله للإخوان فيقول كما فى كتابه «قذائف الحق»: «انتسبتُ لجماعة الإخوان فى العشرين من عمرى، ومكثت فيها قرابة سبع عشرة سنة، كنت خلالها عضوًا فى هيئتها التأسيسية، ثم عضوًا فى مكتب الإرشاد العام».. «وشاء الله أن يقع نزاع حاد بينى وبين قيادة الجماعة، انتهى بصدور قرار بفصلى، وفصل عددٍ آخر من الأعضاء»!
فتأمل أيها القارئ المكرم - كيف كان قرار الفصل من الجماعة غاية فى السهولة، فى حق رجل قضى حياته فى خدمتها وخدمتهم، متفانيًا فى ذلك، ثم هو بعدُ ليس مجرد عضو محب أو عضو عامل، أو عضو منتسب للجماعة، بل هو عضو فى هيئتها التأسيسية وعضو فى مكتب إرشادها، وبمجرد وقوع الخلاف مع القادة، تم هدم كل تاريخه السابق بجرة قلم، ذلك أن الخلاف مع المرشد محبط للعمل ومدمر للحسنات!!
كما أنه لا مجال داخل الجماعة التكفيرية لإعمال العقل أو مناقشة القرارات، أو التردد فى تنفيذها، وإنما على العضو الإخوانى إذا أراد أن ينسب للجماعة، أن يخلع عقله مع حذائه عند باب مكتب إرشادها، وأن يتحول إلى آلة أو ماكينة أو إنسان آلى تصدر إليه الأوامر فينفذها دون ذرة من التفكير أو التعقل، حتى ولو كان فى تنفيذ هذه الأوامر حتفه وموته، أو ذهاب دينه وخلقه!
ومنه تعلم من أين نشأ هذا الفكر المدمر للمجتمعات والذى يعتمد العمليات الإرهابية - والتى يسمونها كذبًا: انتحارية - سبيلًا وطريقًا، ومنه تعلم كيف لعاقل يملك مُخًا فى جمجمته، أن يقبل بأن يَلُفَّ وسطه بحزام ناسف، ثم يندس فى وسط مجموعة من الأبرياء ليقتل نفسه ويقتلهم معها، من أجل أن تمتلئ كروش وجيوب القادة بالمال وتنتفخ حساباتهم البنكية من العملة الصعبة!
إنه إنسان مريض بمرض خطير وسرطان فتَّاك يفتك بالشباب ويدمرهم، يدعى «فكر جماعة الإخوان التكفيرية»، والذى يتحتم علينا أن نواجهه ونقضى عليه قبل أن يقضى هو علينا وعلى البشرية جمعاء!
كان موقف الجماعة التكفيرية، وموقف مرشدها الثانى «حسن الهضيبي» والذى ورث تركة التكفير والإرهاب من سلفه، أكبر إرهابى عرفته البشرية فى العصر الحديث وربما فى التاريخ البشرى كله، ذلك المدعو «حسن البنا»!
كان موقف الجماعة ومرشدها «الهضيبي» من الشيخ «الغزالي» كاشفًا تمام الكشف عن الحقيقة المرة، لتلك الجماعة: «جماعة الإخوان التكفيرية»، من كونها جماعة مستبدة، مستبد قادتها، لا يقبلون غير رأيهم، ولا يرون صوابًا إلا قولهم ولو أجمعت الدنيا على خطئه وبطلانه، ولا يعرفون نقاشًا ولا حورًا، فالنقاش عندهم خطيئة، والحوار فى عرفهم خروج من الإيمان!
والقاعدة الوحيدة التى يعملون بها وتسرى على الجميع هى: «من خالف كفر»!
ولعل أكبر دليل على ذلك هو ما حدث مع الشيخ «الغزالي» نفسه ومع صديقه الشيخ «سيد سابق»، إذ اعتبرت الجماعة بدءًا من مرشدها وانتهاءً بأحدث عضو فيها، أنهما قد خرجا عن الطاعة وفارقا الجماعة، وخلعا ربقة الإسلام من عنقيهما، وانشرح بالكفر صدريهما، وارتدا على عقبيهما، وخرجا من ملة الإسلام، وصارا مرتدين تسرى عليهما أحكام الردة!
وما ذلك إلا لأنهما خرجا من الجماعة، إذ الجماعة عند الإخوان هى الإسلام ولا فارق!
فيحكى الشيخ «محمد الغزالي» - رحمه الله - شيئًا مما عاناه بسبب خروجه من الجماعة، فيقول: كنت أسير مع زميلي: الأستاذ «سيد سابق»، قريبا من «شعبة المنيل»، فمر بنا اثنان من أولئك «الشباب المفتونين» وأبيَّا - يعنى رفضا - إلا إسماعنا رأيهم فينا وهو: «أننا من أهل جهنم»!!
وقال: «ولقد عجبت لخلاف وقع بين شباب من الإخوان المسلمين أثاره بعضهم بتشاؤم هو: هل نحن «جماعة المسلمين» أم نحن «جماعة من المسلمين» ؟!