السبت 21 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

هل تفرض الأحكام العرفية في 25 يناير؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهدت الأيام الأخيرة الماضية تصعيداً خطيراً في العمليات الإرهابية راح ضحيتها عدد كبير من المصريين سواء من رجال الأمن أو المدنيين ما بين شهداء أو مصابين وذلك قبل ساعات من حلول الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير والتي تتزامن مع التهديدات الإرهابية بتحويل أرض الكنانة مصر إلى جحيم.
حيث شهد "الخميس الحزين" عمليتين إرهابيتين إحداهما ضد قوات الأمن المركزي المكلفة بتأمين قسم شرطة العريش استشهد على إثره 8 من رجال الشرطة ما بين ضباط ومجندين .. والثانية في محافظة الجيزة على إثر مداهمة أحد الأوكار التي تستخدم لتصنيع المتفجرات المعدة لقتل وترويع الآمنين سواء في يوم 25 يناير أو قبلها أو حتى بعدها .. وراح ضحيته أيضاً عدد من رجال الأمن والمدنيين.
في هذه الأثناء تسابقت التنظيمات الإرهابية على نشر الفزع بين المواطنين لتطالبهم بعدم مغادرة منازلهم يوم الاثنين الذي يوافق عيد الشرطة وذكرى ثورة 25 يناير، التي تمعن الإرهابيون في تشويه صورتها على نحو دفع الملايين لسبها ولعنها بدلاً من الترحم عليها، مما ألقى بظلاله القاتمة على "نفسية" المصريين بدليل الفزع والهلع الذين صاحبا حادثاً عابراً وقع بالسلم الكهربائي لمحطة مترو أنفاق العتبة .. فما أن تعطل تشغيل السلم حتى راح المواطنون في نوبة صراخ وتدافع يذكرنا بكارثة التدافع التي وقعت في "منى" بالأراضي الحجازية المقدسة.
كما ترافق كل هذا مع الحرب النفسية التي دأبت على ممارستها بعض وسائل الإعلام ببث الخوف والرعب في نفوس المواطنين من "الويل والثبور وعظائم الأمور"، وأرجوكم لا يسألني أحد ما معنى الثبور فقد اعتدنا على ترديدها منذ قديم الأزل دون أن نشغل بالنا بالبحث عن معناها، والتي تسابقت على افساح المجال أمام الخيال لتصوير سيناريو "أهوال 25 يناير".
كل هذا تزامن مع تجدد أحداث العنف في تونس على خلفية تصاعد تظاهرات الاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية المتردية وارتفاع نسب البطالة مما دعا الكثيرين لاستيراد النموذج التونسي والتبشير بتطبيقه مرة أخرى على مصر.
وإزاء كل هذه الشواهد تقفز عدة تساؤلات لعل في مقدمتها عملية التهيئة النفسية التي أصبحت فئات كبيرة من الشعب أمامها انتظاراً لوقوع شيء ما خطير حتى وصلنا إلى خروج بعض الأصوات التي تنادي بفرض الأحكام العرفية لمواجهة أي ظرف طارئ قبل أو أثناء أو حتى بعد ذكرى ثورة 25 يناير على أساس أنها المنقذ الوحيد للبلاد من ويلات الفوضى والإرهاب والبلطجة على النحو الذي نتذكره جميعاً في أعقاب اقتحام السجون وانسحاب الشرطة ونزول القوات المسلحة للاضطلاع بمسئوليتها في تأمين الجبهة الداخلية وكأنها لا يكفي رجالها البواسل المهمة المقدسة في تأمين حدود الوطن ضد الأخطار الرهيبة التي تحيط به من كافة الحدود.
ولنتحلى بالصراحة ونتحدث على المكشوف فإن أغلب أصابع الاتهام تتجه نحو فصيل بعينه هو جماعة الإخوان سواء بالتورط في ارتكاب هذه الجرائم أو حتى مباركتها أو حتى التخريب بالوكالة على الطريقة التي تتبعها بعض التنظيمات الإرهابية التي تطلق على نفسها أنصار بيت المقدس أو ولاية سيناء أو حتى "داعش" .. إلا أننا على يقين لا يقبل الشك في أن أي إنسان مصري تربى في هذا الوطن لا يمكن أن تتلوث يداه في حرق مصر أو حتى الشماتة في دماره لأن ببساطة هذا لن يحقق أي تقدم أو مكسب بل سيزيد الطين بلة وكما نقول في مصر "ياما دقت على الرأس طبول".. وهذا ليس من قبيل التخدير أو التسكين أو حتى التحنين وإنما من باب الثقة في معدن المصريين الأصيل الذي يظهر وقت المحن.
والواقع أن مسألة التهويل مما يمكن أن تجري عليه الأمور في 25 يناير تحتاج وقفة حاسمة .. حيث تغفل هذه النظرية طبيعة الشعب المصري الذي لا يقبل أن تنخرط بلده الأمين في أتون اقتتال داخلي أو تهديد مهما كان نوعه أو مصدره .. ولا يقبل أصغر طفل في بلدنا أن يسلبه كائن من كان حقه في الحياة أو الأمن.. لذلك لا بد أن نطمأن وألا نستسلم لهذه الحملات التي لا هم لها سوى زعزعة الاستقرار ودس السم في العسل من باب ثلاثية "مفيش تقدم ومفيش فايدة ومفيش أمل".
نعم .. ستمضي سفينة الوطن رغم كل التحديات .. قد تقع بعض الحوادث الإرهابية لكن دعونا نسأل .. كم سيقتل الإرهابيون 10 ، 100 ، 1000 ، 10000 ، والله لو وصلنا إلى 7 أصفار لن ينال أحد من عزيمة المصريين وبدون إعلان أحكام عرفية أو حظر تجوال لن ينجح كائن من كان في تخويف وإرهاب الشعب .. قد تكون دماء كاتب هذه السطور من بين الدماء التي ستسيل أو تهدر .. لكن في الأخير ستبقى مصر محفوظة برعاية الله وليذهب الإرهابيون إلى مزبلة التاريخ.