الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

"البيروقراطية" خنجر في ظهر التنمية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعالوا نتفق أن السياسة الاقتصادية الجديدة التي تنتهجها مصر، والتي تحمل أملًا وخططًا مستقبلية كبيرة، تحتاج إلى وقفة صريحة مع النفس لكشف جمع المعوقات التي تقف حائلًا بين هذه الخطط واستكمال طريقها، ففى الوقت الذى تنفتح فيه مصر على العالم بكل تحضره وتقدمه التكنولوجى والمعرفى، والذي يحمل في طياته ضوابط رقابية على الأداء، تعمل على رصد مقدار التقدم والإنجاز في المشاريع والأهداف المرجوة، وسط كل هذا نجد أن الدولاب الإداري المصرى يحتاج إلى إعادة نظر وتقييم شامل، عادل، لا يُهدر الطاقات ولا يُهدر الوقت.
فمصر تعيش حاليًا انتعاشة ملحوظة، أنتجتها عمليات التنمية الحقيقية الدائرة على الأرض، في جميع المجالات، والتي سوف تنقلها ـ عما قريب ـ نقلة نوعية تضعها في مرتبة دولية متقدمة، وتجعل قدميها أكثر رسوخًا في السوق العالمية، على المستوى الاقتصادى والسياسة الخارجية أيضًا، لكن هذا الحراك يتربص به عدو داخلى يمسك بيده خنجرًا مسمومًا يطعن به التنمية (ظهر مصر الاقتصادى) في مقتل، ليهدم به ما يُبنى، هذا العدو هو "البيروقراطية" المُسيطرة على دولاب العمل الحكومى.
لقد تضخمت "البيروقراطية" في الحياة الرسمية بشكل متوحش، ووصلت إلى حد أصبحت فيه سلاحًا في أيدى الموظفين الحكوميين، يستخدمونه لتعقيد الأمور إذا ما أرادوا، ويلجأون إلى وحش البيروقراطية في أوقات أخرى للهرب من المسئولية، سواء كان هؤلاء الموظفون في مناصب قيادية أو وظائف صغيرة.
لقد حمت البيروقراطية، للأسف الشديد، أصحاب اليد المرتعشة لسنوات طويلة، الذين لا يتورعون أو يخجلون من الهروب من مسئولياتهم إذا ما أخطأوا، وفى أحوال أخرى تعد البيروقراطية هي اليد الطولى للموظفين الذين يتجهون لتعقيد الأمور إذا ما رغبوا في تحقيق منفعة شخصية أو مجاملة هذا أو ذاك، في إطار انتشار المحسوبية وفى غياب الرقيب والحسيب.
فعلى مدى عقود، كوّنت البيروقراطية المصرية مناخًا ملائمًا لتنامى الفساد وحمايته، فأصبح القضاء عليها صعبًا، ويحتاج إلى وقت طويل جدًا مع الأسف، وهو ما يستلزم ثورة إدارية من أجل القضاء عليها، هي وحليفها الفساد.
والقضاء على البيروقراطية أمر ليس بالهين كما يظن البعض، إنها آلية "فوت علينا بكرة يا سيد" المتوغلة في الدولة، وأمثالها من "الختم مش واضح" و"التوقيع باللون الأحمر لا يجوز، ولا بد أن يكون بقلم حبر أزرق"، كل هذه الحماقات تتم باسم القانون منذ ما يزيد على الخمسين عامًا، وما زالت مستمرة إلى اليوم، وهو أمر مُخجل جدًا، فدول العالم جميعها تستبدل التعاملات الورقية بأخرى إلكترونية تسهل الحياة وتنحى التعقيد جانبًا.
إذًا، القضاء على البيروقراطية ليس نُزهة، بل يحتاج إلى تعب وجهد، يتمثل في إعادة هيكلة الجهاز الإدارى للدولة، ليصبح كل موظف تحت رقابة صارمة لمعرفة مدى أدائه في العمل، هل هو مُقصر أو متكاسل أم هو يعمل بجد واجتهاد على تذليل العقبات أمام المواطنين؟ وعلى هذا الأساس يتم تفعيل آلية الثواب والعقاب، ليكون الإنتاج هو العامل الأساسى الذي بناءً عليه تتم ترقية الموظف أو العامل في الجهاز الإدارى للدولة.
لذا، لا بد من تغيير طريقة اختيار المسئولين في الوظائف العامة، بحيث يخضع كل مسئول لعدد من المعايير، أهمها، قدرته على سرعة اتخاذ القرار، وروح المبادرة، وتحمل المسئولية، مع أهمية تحديد مؤشر أداء المسئولين من المستوى الأعلى، إضافة إلى التوسع في مشروع الحكومة الإلكترونية التي تتيح أداء الخدمة دون الاحتكاك بالمواطنين (وهذا لعلمكم سيعمل على تقليل الرشوة والإكراميات بشكل كبير)، وكذلك التوسع في استخدام التكنولوجيا من أجل التحسن المستمر في الأداء.
ففى الفترة الأخيرة لاحظ مراقبون أن الجهاز الإدارى للدولة تضخم، ليصبح هو نفسه شوكة في ظهر الدولة! بعد أن وصل عدد العاملين فيه لأكثر من 7 ملايين موظف، منهم أكثر من 5 ملايين عمالة زائدة، وما يقرب من 1.5 مليون موظف هم فقط العمالة المنتجة! والمصيبة أنه رغم كل هذه الفروقات تجد أن جميعهم متساوون في الرواتب والترقيات!
أضف إلى ذلك وجود تقارير مُخيفة ومُرعبة، تكشف أن الجهاز الإدارى للدولة به عدد كبير من العاملين لديهم خبرة ومهارة في كتابة التقارير والمذكرات الرسمية التي تستطيع تغيير اتجاه أي قرار يتقاطع مع مصالحهم، حتى وإن كان لا يخدم الصالح العام، وهو ما يعنى أن هؤلاء لديهم الخبرة الكافية لوقف أي محاولات إصلاح تقوم بها الدولة، وسد شرايين قلبها الاقتصادى والرسمى في أي وقت، وهو أمر في غاية الخطورة، وينذر بكارثة كبيرة، لا قدر الله، لو استمر هذا الوضع على ما هو عليه، فتخيلوا معى أن موظفًا صغيرًا من الممكن أن يتلاعب بمقدرات وطن بالكامل إذا ارتأى أن هذا القرار أو ذلك لا يخدم مصالحه الخاصة!
لقد نادى الرئيس عبدالفتاح السيسى مرارًا بضرورة تحطيم البيروقراطية وكسر شوكتها، وأعطى المثل للمسئولين في عدم الخوف، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمشروعات التي تخدم المواطنين الأكثر احتياجًا، مؤكدًا لكل مسئول "أنا هوقع بنفسى على أي طلب"، وهو الأمر الذي لا بد أن يعلمه جميع المسئولين بأن دوره هو تحطيم البيروقراطية وإلغاؤها من قاموس تعاملاتنا، لأننا نحتاج قرارات ثورية سريعة حتى تعود مصر بلدنا إلى أبهى صورها، خاصة بعدما شاهدنا المشروعات التنموية العملاقة في قناة السويس وشرق بورسعيد والفرافرة وجبل الجلالة وغيرها من المشروعات العملاقة التي يتابعها الرئيس السيسى بنفسه يوميًا.
إن الفترة المقبلة تحتاج من الجميع تحمل المسئولية والشجاعة والقدرة على اتخاذ القرار، إضافة إلى ترسيخ روح الأمانة بداخلنا، ومسايرة التطور والاستفادة منه بما يخدم مصالح وأحلام الشعب المصرى، كلٌ في موقعه، حتى يتقدم بنا البلد سريعًا إن شاء الله.