لما كان «حسن البنا» لا يرى إسلامًا إلا فى جماعته، ولا يرى مسلمين إلا أتباعه، ولما كان «حسن البنا» يكفر مصر بأكملها، جيشًا وشعبًا وحكومة ومجتمعًا، فقد كان لا يرى أى وجود للدولة المصرية حقيقة أوحكمًا مطلقًا! ولذلك كان يعتبر جماعته هى الدولة والنظام، وأنها هى الممثل الرسمى لمصر دون غيرها فى المحافل الدولية!!!
واستطاع «البنا» تأسيسًا على هذه الفكرة الخبيثة أن يبرر لنفسه ولجماعته ولكل الجماعات التى أسست من بعده- وكلها أسس على نهج «حسن البنا»- خيانة الأوطان، تحت زعم أنه لا يرى وطنًا بالأساس سوى تنظيمه وجماعته، وأن الخيانة للوطن ليست خيانة بالأساس لأنه ليس هنالك وطن حتى يخان!
وإنما الخيانة الحقيقية- من وجهة النظر البناوية! الخسيسة- هى خيانة الجماعة والتنظيم، فالجماعة والتنظيم هما الوطن عنده الذى لا ينبغى أن يخان بحال!
ولما كان «حسن البنا» يكفر الدولة المصرية، ولما كان يعتبر نفسه هو الدولة، ولما كان يعتبر نفسه هو الشرعية! كما مر، كان يراسل ويتعامل مع «المؤسسات الدولية» على أساس أنه: «الممثل الشرعى للدولة المصرية»!
وقد أرسل إلى الولايات المتحدة الأمريكية رجلاً من رجاله يدعى: «مصطفى مؤمن» لكى يتسلل إلى قاعة مجلس الأمن- تمامًا كما اللصوص- وليغافل الجميع ويتكلم باسم مصر!! وفى حضور «النقراشى باشا» بنفسه!
وقد أشار إلى ذلك «محمود عبدالحليم» فى كتابه: «أحداث صنعت التاريخ» بقوله: «فإن الأستاذ «مصطفى مؤمن» ما كاد يرى «النقراشى باشا» يحتل مكانه المعتاد ليلقى بيانه، حتى خرج من مكان المتفرجين! إلى مكان الأعضاء والسكرتارية فحدثت ضجة بين الأعضاء فطلب «الرئيس» منه أن يلتزم النظام ثم دعا الحراس لإخراجه من قاعة المجلس ؛ وقد علمت أن الأستاذ! «مؤمن» كان يريد أن يخطب فى أعضاء المجلس باسم «الشعب المصرى»!!! وجاء فى الكلمة التى استطاع إلقاءها: «أتقدم إليكم باسم شعوب الشرق الأوسط!! وبالنيابة عن «الإخوان» نحن نطالب أن تعامل قضيتنا بالعدالة التى أصبحت جديرة بها ، فإذا لم يحدث فإن ألوفًا من الناس سيبذلون حياتهم رخيصة فى الكفاح من أجل حرية بلادهم، ثم قام يلوح بأوراق معه: ونحن نطالب بالحرية»!!
وأيضا –وبسبب خطيئة اعتقاد «البنا» أنه وحده «الشرعية» وأنه وحده «الدولة» وأنه وحده وجماعته هم «مصر»!! كانت له لقاءات كثيرة مع ممثلى الدول الأجنبية والعربية! فى «مكتب الإرشاد» والذى كان يعتبره قصر رئاسة مصر!
مثل لقاءاته مع: «فيليب أيرلاند» وهو:» سكرتير السفارة الأمريكية» سرًا ومعلوم لكل من له أدنى اطلاع أن مصطلح «سكرتير السفارة» يعنى بالضرورة أنه «مندوب المخابرات المركزية بالسفارة، وأن هذه الوظيفة الدبلوماسية تكون غطاء له لكى يتحرك بها ليس أكثر!-
وأيضا تم لقاء جمع «حسن البنا» فى «المركز العام للإخوان المسلمين» مع ممثلى«الحكومة البريطانية»! كما حكى ذلك: «فريد عبدالخالق»!
بل ولقد تجرأ «حسن البنا» وخاطب سفير سوريا فى القاهرة على أساس أنه الحاكم لمصر! وجاء فى الخطاب: «حضرة صاحب السعادة: وزير سوريا المفوض بالقاهرة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛ وبعد فإن «الإخوان المسلمين» في المملكة المصرية يشاركون «الحكومة السورية المجاهدة» و«الشعب السورى» الباسل الشعور ضد الاستعمار والعدوان والظلم فى هذه الآونة الدقيقة من تاريخ العروبة، وهم ينتهزون هذه الفرصة فيعلنون أن «عشرة آلاف شباب من شباب الإخوان» يرجون قبولهم كمتطوعين فى «الجيش السورى»!!!
وهذا الخطاب الكارثى جاء بالنص فى كتاب: «مواقف في الدعوة والتربية» لــ «عباس السيسى» لمن أراد أن يتيقن بنفسه.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وإنما كان يسحب خيطًا من ثوب مصنوع من صوف، فلا بد أن ينفك الثوب إلى آخره، فقد بدأ الأمر يزيد شيئًا فشيئًا، وفى كل يوم يظهر أثر جديد من آثار التكفير للمسلمين الذى ابتدعه «حسن البنا»، فظهرت فى الأفق بدعة جديدة لم تعرف قط من قبل، فى تاريخ الإسلام كله، وهى ما يعرف بــ«الأخوة الخاصة»، وهى أمر أسس على تكفير «البنا» وزبانيته للمسلمين، فإذا كان «المؤمنون إخوة» فإن هذه أخوة عامة، وإن للإخوان «أخوة خاصة» تشملهم دون سواهم!
وتأسيسًا على هذه البدعة الخبيثة التى تفرق بين الأخ وأخيه، والابن وأبيه، بل بين الرجل وزوجته، صار من ينضم إلى الجماعة «أخًا» له حقوق الأخوة، وصار من يخالفهم أو يخرج عنهم أو عليهم، ليس أخًا، بل وليس مسلمًا، بل كافر ومصيره إلى «النار»! وبئس القرار!
ذلك أن «الجماعة»- ومن وجهة نظر «البنا» طبعا- هى «الإسلام» وهى «الدولة»، وهى «الشرعية»، ولذلك فإن الخارجين عليها هم من الخوارج، إن لم يكونوا من المرتدين!
وعليه، فمن خرج عن «الجماعة» أو خرج منها أو عليها! صار مباشرة وبدون تردد كافرًا ومرتدًا، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه! ومصيره إلى النار وبئس القرار!
وصارت القاعدة من زمن «البنا» وإلى يوم الناس هذا، أنه «من خالف كفر» ولا شك مهما علت منزلته، وقد عانى من ذلك جمع من «الإخوان» أنفسهم، منهم: الشيخ «محمد الغزالى»، والشيخ «سيد سابق»، وذلك بعد اختلافهما مع «المرشد العام حسن الهضيبى»، وريث «البنا» فى إرهابه وتكفيره وجماعته! وخروجهما من «الجماعة» واستقالتهما منها!
على ما سنبينه فى المقال القادم إن شاء الله لنا ذلك.
وفى الأسبوع القادم.. للحديث بقية.. إن شاء ربُّ البرية.