الخميس 17 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

جدل فرنسي حول مقترح إسقاط الجنسية عن جميع المدانين بالإرهاب

 الرئيس الفرنسي فرانسوا
الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تشهد الساحة السياسية الفرنسية جدلا واسعا ما بين مؤيد ومعارض لمقترح إسقاط الجنسية بلا استثناء عن كل الفرنسيين المدانين بشكل قاطع بالإرهاب وليس فقط عن مزدوجي الجنسية كما يطالب مشروع تعديل الدستور الذي سيبدأ البرلمان في مناقشته اعتبارا من فبراير المقبل.
ويمثل مقترح تعميم هذه العقوبة تتطورا جديدا لهذه القضية الحساسة التي تشغل الرأي العام في فرنسا منذ إعلان الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند عقب اعتداءات 13 نوفمبر التي خلفت 130 قتيلا اعتزام الحكومة رفع مشروع تعديل دستوري إلى البرلمان لإدراج إسقاط الجنسية في الدستور مع توسيع نطاق هذه العقوبة لتشمل كذلك المولودين في فرنسا.
وبعد أن اثار مقترح سحب الجنسية -عن مزدوجي الجنسية المدانين بالإرهاب - انتقادات واسعة واستياء شديدا في مختلف الأوساط، لاسيما من قبل النواب والسياسيين والحقوقيين الذين أعربوا عن قلقهم من المساس بالحريات وبمباديء المساواة بين جميع الفرنسيين والتي يكفلها الدستور الفرنسي، طالبت شخصيات من أحزاب اليسار واليمين بتطبيق هذه العقوبة على كل الفرنسيين تجنبا لحدوث انقسام في الاجتماع واثارة شعور عند مزدوجي الجنسية الذين يمثلون نحو 5%من الشعب الفرنسي بأنهم صاروا مواطنين من الدرجة الثانية. وقد كان أول من عبر عن شعورهم بالظلم هم المسلمون الفرنسيون الذين توقعوا أن يكونوا أول المتضررين من هذا المقترح بما أن أصابع الاتهام تشير اليهم دائمًا. 
وقد طالب البعض بإيجاد مخرج لالتزامات فرنسا الدولية التي تمنعها من التسبب في حالات انعدام الجنسية من أجل إعلاء مبدأ المساواة في العقوبة وهي تجريد الإرهابي من جنسيته الفرنسية حتى وإن كان ذلك سيحوله إلى فئة "عديمي الجنسية".
وانتقدت إليزابيت جيجو رئيسة لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب الفرنسي تطبيق العقوبة على مزدوجي الجنسية فقط، وشددت على ضرورة مراجعة هذا الأمر لاسيما في ضوء ردود افعال المواطنين الفرنسيين خاصة من المسلمين. 
وأكدت على أن الشعور بالظلم حاضر ولا يمكن تجاهله ومن الممكن أن يثير انقسامات بين الفرنسيين. 
وذكرت بان القانون الفرنسي ينص بالفعل على هذه العقوبة ويتيح إسقاط الجنسية عن الأشخاص المدانين بالإرهاب والذين اكتسبوا الجنسية الفرنسية أثناء إقامتهم بفرنسا ولم يمض عليهم 15 عاما. 
وأعربت عن تأييدها لمقترح سقاط الجنسية بلا استثناء، حيث كشفت وزيرة العدل الأسبق أن هناك مخرجا يتيح التعامل مع الأشخاص المعدودين الذين سيتحولون إلى عديمي الجنسية، وهو وضع يمنحه المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية ويجيز لهؤلاء العمل بشروط محددة مع وضعهم تحت المراقبة الوثيقة.
ومن جانبه، أعتبر الأمين العام للحزب الاشتراكي جون كريستوف كومبادليس أن مشروع التعديل الدستوري في صيغته الحالية لا يعبر عن قيم اليسار، معربا عن تأييده لإسقاط الجنسية عن الأشخاص المدانين في قضايا الاٍرهاب بشرط تطبيقها على جميع الفرنسيين. وقال أن محاربة الاٍرهاب تتطلب وحدة الصف بين جميع الفرنسيين، مما يتطلب عدم التمييز بينهم، مستبعدا في الوقت ذاته التسبب في حالات انعدام جنسية.
وكذلك أيد برونو لورو رئيس الكتلة الاشتراكية بالجمعية الوطنية الفرنسية مقترح تعميم هذه العقوبة على كل الفرنسيين المدانين بشكل قاطع بالإرهاب. ودعا إلى إعداد نص قانون لا يحمل طابعا تمييزيا ضد مزدوجي الجنسية ومتوافق مع التزامات فرنسا الدولية بشأن حالات انعدام الجنسية. 
واعتبر أن سحب الجنسية الفرنسية من المدانين بالإرهاب لا يشكل عائقا، وتابع قائلا:" لسنا بصدد قضية دولية ينتج عنها الآلاف من حالات انعدام الجنسية بل الأمر يخص أعداد قليلة من الارهابيين سيتم معاقبتهم." 
وفي أحزاب اليمين، عبر كزافييه برتران القيادي بحزب اليمين الوسط " الجمهوريون" عن دعمه لإسقاط الجنسية من جميع الفرنسيين المدانين وشدد "على ضرورة قطع أي صلة بين هؤلاء الارهابيين وأمتنا".
كما اعتبرت نتالي كوسيسكو موريزيه بحزب" الجمهوريون" (يمين وسط) أن إسقاط الجنسية يجب أن يشمل جميع المواطنين المدانين بالإرهاب حتى وأن كان سيسفر عن جعل اشخاص بلا جنسية وذلك لتجنب التمييز بين المواطنين، وأضافت أن مسألة اعفاء الإرهابي من هذه العقوبة لكونه يحمل جنسية واحدة أمر غير مقبول. 
وفي المقابل، استبعد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس مقترح تعميم عقوبة نزع الجنسية في قضايا الاٍرهاب على كل الفرنسيين بلا استثناء، مؤكدا أن باريس لا يمكنها التسبب في حالات انعدام الجنسية لتعارض ذلك مع صورة وقيم والتزامات فرنسا الاوربية والدولية. 
وشدد على أن الحكومة لن تتراجع عن التعديل الدستوري الذي يرمي إلى إسقاط الجنسية الفرنسية من مزدوجي الجنسية فقط المدانين في قضايا الاٍرهاب مع توسيع نطاق تنفيذه ليشمل المولودين في فرنسا.و توقع فالس أن يعتمد البرلمان بأغلبية واسعة التعديل الدستوري بصيغته الحالية.
واعتبر أنه إذا نتج عن تطبيق هذا القانون فئتين من الفرنسيين فسيكون حفنة من الإرهابيين في جانب بينما الجانب الاخر سيضم الأغلبية العظمى من الفرنسيين الذين يشعرون بأنهم مهاجمون"، مشيرا إلى التأييد الواسع من الشعب الفرنسي لهذا القرار بحسب استطلاعات الرأي الأخيرة.
وشدد على أن سحب الجنسية لا يمس "بحق الارض" (أي اكتساب الجنسية بموجب المولد في البلد) أو بازدواج الجنسية ولكنها تستهدف حصرا الإرهابيين المدانين بالإرهاب واختاروا مهاجمة مواطنيهم الفرنسيين.
وقد دعم زعيم حزب "الجمهوريون" نيكولا ساركوزي مقترح الحكومة بسحب الجنسية من مزدوجي الجنسية المدانين بالإرهاب، مشترطا في الوقت ذاته أن يكون مصحوبا بإجراءات أخرى، وكذلك أيده شخصيات بارزة مثل زعيم حزب "مودم" الوسطي فرانسوا بايرو ومن جون كريستوف لاجارد رئيس حزب اتحاد الديمقراطيين المستقلين (يمين وسط) وبريس هورتوفو القيادي بحزب "الجمهوريون " إضافة إلى نواب اليمين المتطرف الذين يطالبون فضلا عن ذلك بإلغاء الجنسية المزدوجة.
ووسط حالة الجدل الحالية، خرجت أصوات بمقترح ثالث بعيد عن فكرة إسقاط الجنسية، حيث رأت أن هناك حل آخر يتساوي فيه جميع الفرنسيون ويراعي الاتفاقات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها فرنسا وهو تطبيق عقوبة "عدم الأهلية الوطنية" والتي تنص على حرمان الشخص من جميع الحقوق الأهلية والمدنية والسياسية مع احتفاظه بالجنسية الفرنسية.
وقال النائب الاشتراكي بنوا هامون:" اقترح على الحكومة بدلا من تطبيق إسقاط الجنسية على الفرنسيين الذين يحملون جنسية أخرى أن تفكر في عقوبة عدم الأهلية الوطنية التي تحرم من الحقوق العائلية والمدنية مع مصادرة جواز السفر وذلك بحق أي شخص يكون قد حمل السلاح ضد وطنه بغض النظر عن جنسية والديه".
وأكد أن تطبيق هذه الفكرة سيسمح من ناحية لفرنسا بعدم الاخلال بالتزاماتها ومن ناحية أخرى سيحول دون التقسيم الرمزي للفرنسيين المولودين في فرنسا إلى فئة من أب وام فرنسيين وفئة ثانية من أب وام اجانب. 
ويحظى اقتراح تطبيق عقوبة "عدم الأهلية الوطنية" على جميع الفرنسيين المدانين بالإرهاب بترحيب واسع من مسؤولين أخرين بارزين في الحزب الاشتراكي الحاكم ومن بينهم عمدة باريس آن هيدالجو وجون بيير مينيار، المقرب من الرئيس فرانسوا اولاند، حيث نشرا مقالة مشتركة في صحيفة "لوموند" تحت عنوان " لا لإسقاط الجنسية ونعم لعدم الأهلية الوطنية".