الإثنين 23 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

مصر في عقل "داعش"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بعد اندلاع الثورة السورية المسلحة، لم يشك كثير من المراقبين المصريين فى أن ما يجرى هناك من تطورات، ستكون له تأثيرات مباشرة على الساحة المصرية، خاصة فيما يتعلق بالتغيرات التى طرأت فى أوضاع التنظيمات الجهادية ذات الصلات الوطيدة بتنظيم القاعدة، فسوريا تاريخيًا هى بوابة مصر الشرقية وحدودها تمثل أولى دوائر الأمن القومى المصرى. ظهور العنصر المصرى فى تلك التنظيمات، وخاصة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" والرسائل المتتالية التى بثها هؤلاء عبر مقاطع فيديو موجهة إلى "المجاهدين فى مصر" جعلت مسألة التنقيب فى العقل الداعشى ووجدانه ضرورة ملحة للإجابة على سؤال محورى: كيف ينظر هذا التنظيم إلى الدولة المصرية وشعبها وما عساه يخطط لها وما يستهدفه منها؟

"هاجرنا لإعلاء كلمة الله، ولكن بقيت عيوننا على بلادنا نتابع ما يحدث فيها".. هكذا تحدث أبو مسلم المصري، أحد قضاة المحكمة الإسلامية فى حلب والتابعة لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" فى رسالة وجهها إلى المصريين بعيد ثورة يونيو، وسقوط نظام الرئيس المعزول محمد مرسى.

كانت الدولة المصرية حاضرة فى عقل "داعش" وقلبه منذ نشأته الفعلية على يد المصرى "أبو حمزة المهاجر"، الذى استطاع أن يجلب معه وقت تأسيسه الجناح العسكرى للتنظيم أعدادًا كبيرة من المصريين تجاوزوا المئات وفق بعض التقديرات غير الرسمية.


فى رسالة صوتية تحت عنوان "عذرًا أمير القاعدة" كشف أبو محمد العدنانى المتحدث الرسمى لـــ"داعش" أن التنظيم لم يتدخل فى مصر وليبيا وتونس بعد نشأته بسبب رفض "القاعدة" لذلك، وأنهم فى العراق على حسب قوله "ظلوا يكتمون غيظهم ويكبحون جماح جنودهم على مر السنين والحزن يملأ أركانها وربوعها لكثرة استغاثة المستضعفين بها والعلمانيون ينصبون طواغيت جددًا أشد كفرًا من سابقيهم". 

حضر العنصر التكفيرى المصرى المنتسب لجماعة أنصار بيت المقدس بقوة فى تنظيم "داعش" بعد ثورة الــ٢٥ من يناير.. فقد قام التنظيم السيناوى حديث النشأة وقتها بإرسال عدد كبير من مقاتليه للتدريب فى معسكرات "داعش" فى العراق والشام بغرض التدريب، والعودة مرة أخرى أو البقاء هناك، وقت أن كان التنظيم ليس فى حاجة كبيرة لهم بعد الثورة المصرية وسكون أجهزة الأمن المصرية عن ملاحقته وإيثاره عدم الصدام مع الدولة المصرية، مستغلًا تلك الفترات فى الإعداد والتجهيز ريثما تتهيأ له اللحظة التى يمكنه من خلالها التمرد وإعلان إمارة إسلامية.

عقب ثورة ٢٥ يناير بعدة أشهر، صدر كتاب "مصر والطريق إلى أمة الخلافة"، بقلم "أبى بكر أحمد"، ليقدم رؤية تحليلية للوضع فى الدولة المصرية، مشيرًا لأهمية مصر بالنسبة للتنظيم، ونظرًا لمحورية الدولة المصرية وقوتها فى ذات الوقت، كان السؤال الذى يتردد من قادة التنظيم "كيف نفتح مصر؟"، وصدرت رسائل متتالية بثها هؤلاء عبر مقاطع فيديو موجهة إلى ما سموه "المجاهدين فى مصر" .


لم تغب مصر عن عقل القاعدة، وفى كتاب إدارة التوحش، الذى كتبه أحد منظرى القاعدة، أبو بكر ناجى، كانت مصر حاضرة، واعتبرها من الدول المرشحة للتوحش، وقال إن الجماعات المتحالفة مع القاعدة ستبدأ مواجهة قوات "الردة"، والأنظمة العميلة لها، وتشتيت جهودها والعمل على جعلها لا تستطيع أن تلتقط أنفاسها، وذلك فى مناطق الدول الرئيسية المرشحة، بعمليات صغيرة الحجم أو الأثر، على سبيل المثال "لو ضربة عصا"، وفق الكتاب.

كانت القاعدة تهدف من خلال العمل فى مصر، إلى صناعة بيئة جهادية مواتية لانتشار التنظيم ووفق ما يوضح ناجى "فإن انتشار العمليات الصغيرة وتصاعدها سيكون له تأثير على المدى الطويل، مثل جذب شباب جدد للعمل الجهادى عن طريق القيام كل فترة زمنية مناسبة من حيث التوقيت والقدرة بعمليات نوعية تلفت أنظار الناس، مع ملاحظة أنه يجب أن تُحسب قيمة العملية العادية الصغيرة جيدًا ونتائجها، فأحيانًا تؤدى العملية الصغيرة لمفاسد أو مشاكل أو كشف مجموعات أخرى تُحضّر لعملية نوعية متوسطة، وإذا كان من يقومون بعمليات صغيرة قادرين على الترقى، وتطوير أنفسهم للقيام بعملية نوعية متوسطة، فعليهم ذلك حتى لو تم إلغاء العملية الصغيرة من أجلها، إلا أنه فى الجملة أفضل طريق للترقى للمجموعات الناشئة للقيام بعمليات نوعية، هو القيام بعمليات صغيرة فى البداية، ما التزموا بتحركات واحتياطات سليمة" .


ولأن القاعدة أعلن قبل الثورة المصرية إيقاف عملياته لعدم القدرة، فلم يستخدم "شوكة النكاية" التى تعنى إنهاك الأنظمة اقتصاديًا وأمنيًا، أما عقب ظهور تنظيم الدولة، فقد كان المحور الأهم فى العقلية الاستراتيجية لداعش والتنظيمات الجهادية الجديدة، هو توسيع ساحة المواجهة، وهذه أخطر ما يمكن تصوره، لأنها ستجعل بلدان العالم الإسلامى مجتمعة أو منفردة ساحة مواجهة حقيقية، بكل ما يترتب على ذلك من كوارث، كما أنها أسقطت نظرية مصر أولًا أو فلسطين أولًا، أو أفغانستان أولًا من فكر التيارات الجهادية، وإحلال فكرة ساحة المواجهة أولًا.

اتهم التنظيم الإرهابى نظيره "القاعدة" بأنه السبب فى إيقاف عملياته بمصر، وفى رسالة صوتية لأبى محمد العدنانى قال: لم تكن "الدولة" تستطيع تحريك ساكن لتوحيد الكلمة حول التوحيد بعد مخالفة كلمة المجاهدين المتمثلين فى قادة "القاعدة" التى تولت الجهاد العالمى وحملت على عاتقها العمل فى تلك البلاد، ويسترسل المتحدث باسم "داعش" موجهًا حديثه لــ"الظواهري": "يجب عليك الدعوة لحمل السلاح ونبذ السلمية وخصوصا فى مصر بقتال جيش "الردة" جيش "السيسي" فرعون مصر الجديد، وإلى التبرؤ من "مرسي" وحزبه والصدع بردته وكفاك تلبيسًا على المسلمين.


 

ووجه أبو محمد العدناني، رسالة أخرى إلى من أسماهم "المجاهدين فى سيناء" قال فيها: "امضوا على هذا المنهج، فهذا هو الطريق السديد بارك الله فيكم، فشردوا بهم من خلفهم، فخخوا لهم الطرقات، وهاجموا المقرات واقتحموا عليهم منازلهم واقطعوا منهم الرءوس، لا تجعلوهم يأمنون واصطادوهم حيثما يكونون حولوا دنياهم إلى رعب وجحيم"، واسترسل العدنانى قائلًا: «أخرجوا ذراريهم وفجروا بيوتهم، ولا تقولوا فتنة إنما الفتنة أن تدافع عنهم عشائرهم ولا تتبرأ منهم قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح.

لم تمض سوى أيام بعد كلمة العدنانى حتى أصدر تنظيم "بيت المقدس" فيديو جديدًا حمل عنوان "هم العدو فاحذرهم"، ظهر فى مقدمته صوت "العدناني" فى وصيته الأخيرة لهم مصاحبًا لها مشاهد لتفجير منزل شخص يدعى عبد المجيد عيد عوادة، زعموا أنه "عميل" للجيش المصرى وأنه كان يصاحب القوات فى عمليات دهم واعتقال لعدد من أعضائهم والمناصرين لهم.

نفذ التنظيم وصية "العدناني" فى استهداف أبناء القبائل المتعاونين مع الجيش المصرى حتى بدا التنفيذ حرفيًا، خاصة عندما قال المتحدث الرسمى لــ"داعش": "أخرجوا ذراريهم وفجروا بيوتهم ولا تقولوا فتنة وإنما الفتنة أن تدافع عنهم عشائرهم"، عند هذه الكلمة أظهر الفيديو مقطعا لعناصر التنظيم وهم يخرجون أطفالًا خارج المنزل قبل تفجيره قائلين لهم: "لا تخافوا"، وتبع المقطع عمليات ذبح لعدد من أبناء القبائل السيناوية ادعى التنظيم أنهم تعاونوا مع الجيش، وعدد آخر ادعى أنه تجسس لصالح المخابرات الإسرائيلية "الموساد".


حسم الصراع على "بيت المقدس" لصالح "داعش"، فالظواهرى لم يصدر حكمًا صريحًا على الجيش المصرى ولا "مرسي" بالردة كما طالبه العدناني، بينما أفصحت "بيت المقدس" عن معتقداتها فى أن الجيش المصرى "مرتد" لتبيح استحلال دماء أبنائه وتبادر بالهجوم الصريح عليه بعد ثورة ٣٠ يونيو، وقام التنظيم السيناوى بإرسال عدد كبير من مقاتليه للتدريب فى معسكرات "داعش" فى العراق والشام والعودة مرة أخرى.

فى صورة نشرتها المواقع الإلكترونية التابعة لــ"داعش" ظهر انتحارى يدعى "أبو مصعب المصري" ـ مسمى حركي ـ قبيل تنفيذه عملية ضد جنود الجيش السورى فى مطار الطبقة العسكري، وهو يرفع لافتة مكتوبًا عليها "من مجاهدى أرض الكنانة إلى عباد السيسى، هل عرفتم من ذبح جنودكم فى رمضان أم أن مخابرات رأفت الهجان وجمعة الشوال قد أصيبت بالشلل؟"، ثم ذيل اللافتة بجملتين لهما دلالة واضحة: "الدولة الإسلامية فى العراق والشام ـ أنصار بيت المقدس ـ سيناء مقبرة الطواغيت"، وهو اعتراف مباشر بأن عناصر "أنصار بيت المقدس" هم من نفذوا عملية رفح الأولى والتى استشهد فيها ١٧ جنديًا مصريًا وقت الإفطار فى رمضان.

وفى سلسلة إصدارات مرئية لداعش حملت مسمى "رسائل من أرض الملاحم" وجه أبو مسلم المصري، قاضٍ شرعى فى محكمة الرقة التابعة للتنظيم، رسالة إلى من أسماهم "المجاهدين فى سيناء" وعدهم فيها بإمدادهم بالمال والسلاح والرجال.

وبدأ "أبو مسلم" بتوضيح كيفية وتوقيت خروجهم من مصر بعد ثورة الــ٢٥ من يناير بعد أن تيقنوا أن الأوضاع السيئة التى لا ترضى الله ما زالت قائمة، على حد قوله.


وقال أبو عمر المصري، أحد المقاتلين المصريين فى "داعش": إن "كل من قتل فى رابعة كان فى سبيل الطاغوت والديمقراطية"، موجهًا رسالته إلى من أسماهم "الإسلاميين الصادقين": "بادروا إلى أرض الجهاد وسارعوا لنصرة هذا الدين، وإلى العيش فى سعادة وعز؛ لأن الله عز وجل حذر المتأخرين"، كاشفًا عن أنهم لن يتخلوا عن "إخوانهم" فى مصر.

وحملت تبعية "أنصار بيت المقدس" لــ"داعش" خطورة من عدة محاور، منها استطاعة التنظيم "الأم" مد شريان التنظيم السيناوى بالمال الذى بات يملك منه الملايين وربما المليارات بعد سيطرته على حقول البترول فى العراق وسوريا، وربما الرجال والسلاح والخبرة القتالية العالية.

كما أن "داعش" ورث بسهولة فرعًا فى مصر لم يكن قد أسسه مما يشكل خطرًا فى تعزيز طموحاته فى مصر إن هو استطاع أن يوطد أرجله فى العراق وسوريا، وبقى "أنصار بيت المقدس" محتفظًا بقوة تنظيمه إن افترضنا جدلًا صموده أمام ضربات الجيش المصرى فى سيناء.

 المفتاح الحقيقى لمصر فى عقل داعش هو صناعة بيئة الفوضى، وهذا يرتكز على عدة محاور: الأول: إدراك حقيقة من يحكم مصر؟ وماذا تريد أمريكا والنظام العالمى من مصر؟ والطريق الموصل: الاستقرار أم الفوضى؟، وفق ما ورد فى مقال بعنوان "سر الأحجية المصرية" كتبه المنظر الداعشى أبو مودود الهرماسى نشر مقالًا على موقع مؤسسة البتار التابعة للتنظيم اعتبر فيه أن "مصر ستظل محور اهتمامات القاصى والداني، الشرقى والغربي، البر والفاجر، المسلم والكافر، فهى رمانة ميزان الاستقرار للغرب الكافر ببلاد المسلمين ومنطلق فوضى الانهيار العالمي؛ لذلك هى أم الدنيا فعند استقرارها تستقر الدنيا وعندها انشطارها تنشطر الدنيا وهنا تكمن أحجية الساسة والعامة من مثقفين وسياسيين ومنظرين"، وفق قوله.


تساءل "الهرماسي": كيف نفتح مصر؟ مشيرًا إلى أنها الدولة العربية الوحيدة التى يتمتع جيشها بالتماسك وعدم الطائفية، كما أن شعبها يميل إلى الاستقرار ويكره الفوضى، ثم يسرد خطوات محددة لما يسميه النكاية والإنهاك، وأولاها: إثارة الفوضى بين الجهات المنوطة بحمل السلاح وهي: "الجيش والشرطة والنصارى والبلطجية"، باستدراج عناصر منهم لعمل عمليات ضد فريق آخر، وتأليب فريق على آخر بالإعلام والحرافيش والمال وتذكير أناس موحدين صادقين من داخلهم بشرعية العمل وفضله.

ثانى خطوات خطة داعش لإنهاك الدولة، يتمثل فى إسقاط منظومة المال باستهداف الموانئ وممرات الملاحة والمبانى الاقتصادية والمالية، مثل البنك المركزى ومقرات البورصة والبنوك، وإضعاف الجنيه أمام العملات الأخرى ومنظومة الطاقة من كهرباء ونفط وغاز، أما الثالثة، فهى تطفيش كل الاستثمارات الأجنبية، والعربية من مصر باستهداف الشركات والمؤسسات الخليجية والأجنبية استهدافًا مباشرًا من خلال اختطاف الرعايا، وحرق المصانع والشركات متعددة الجنسيات.. إلخ.

الرابعة، فتتمثل فيما أسماه التنظيم اغتيال أئمة الكفر ممن لا يرافقهم حراسة من القضاة وضباط الشرطة والجيش والإعلاميين، بما لا يوقع إخواننا المجاهدين فى شبكة العدو بأن يضع لك فريسة ليصطادك بها ولا تستثنى المتقاعدين منهم إلا من تبين لك حياديته، فقد تم تجنيدهم أخيرا برفع تأميناتهم عشرة بالمائة زيادة مقابل عملهم مع أجهزة الأمن.


 

الخطوة الخامسة، إشعال المناطق القبلية فى مطروح ووادى النطرون وما خلفهما من مناطق بالقتل العنصرى للنصارى، أما السادسة، فهي تكوين مجموعات من الشباب، وخاصة أبناء الجامعات الخاصة وتدريبهم على الاختراق ورفع مستوى أمنياتهم، واعتمدت استراتيجية التنظيم على استخدام النخبة المتأثرة بالفكر الإرهابى التى تشكِّل العمود الفقرى لبنيتها السياسية والعسكرية، مع دعمها بحلفاء محليين من مصر.

 

تأسست استراتيجية التنظيم فى خلق الفوضى بمصر، على مبدأ أن كل عضو فى التنظيم يجب أن يمثل جيشًا من رجل واحد، وتعتمد على زرع ما يطلق عليه "الذئاب المنفردة" أو "الجنود التائهة" داخل المدن والمراكز الحيوية مع التركيز على المساجد والمؤسسات الدينية، لسهولة الاختلاط والتأثير باللعب على العواطف الدينية، فى محاولة لتشكيل جماعات صغيرة العدد أو حتى أفراد يعتنقون الأفكار الجهادية ويرتبطون أيديولوجيًا بالتنظيم الأم، ويكونون مستعدين للتحرك بصورة منفردة، وتكوين خلايا نائمة وتنفيذ عمليات إرهابية.


ورأى توفيق فريج زيادة، أن المرحلة الأولى فى جماعته هى صراع فكرى ثم تأتى بعدها العمليات النوعية من مهاجمة أو تدمير منشآت أو اغتيالات، ليبدأ الإسلاميون فى التعرف على نتائج عمل المجاهدين، وفق قوله.


 

أما المرحلة الثانية، فهى المرحلة الخاصة بالشرطة، وهى مرحلة استثمار غضب الثوار، وتحويله إلى قوة سيطرة على الأرض، تتحرك لقتل ضباط وجنود الشرطة عمومًا، حتى يبدأ الأمن فى فقدان السيطرة على الشوارع فتبدأ تدريجيًا مرحلة الفوضى، وتبدأ المرحلة الثالثة ـ وهى التى تختص بالنصارى ـ لأن المجتمع ساعتها سيكون إما مسلمًا وإما كافرًا يقاتل ويقتل، وستعتمد هذه المرحلة على الصراع الاقتصادى من خلال تدمير المحلات التجارية، ومن ثم الدخول فى المرحلة الرابعة، وهى الخاصة بالقوات المسلحة، وهى أصعب مرحلة، حيث سينتهى الصراع الفكرى، وتبدأ السيطرة على مخازن سلاح الجيش، لتبدأ مرحلة التمكين، وإنشاء إمارة، لكن هجوم الجيش على مقرات التنظيم، عجل بتقديم مرحلة على أخرى.


 

ختامًا، ستظل مصر محور اهتمامات داعش باعتبارها رمانة الميزان للمنطقة، وتحقيق التفتيت الطائفى والجغرافى لمصر، سيسهل على التنظيم هدم كل الأنظمة القائمة فى المنطقة، وللوصول إلى ذلك كان لا بد عليه أن يمارس سياساته القائمة على صناعة بيئة جهادية، وتوسيع ساحات المواجهة، واستخدام "شوكة النكاية"

 وفى سلسلة إصدارات مرئية لداعش حملت مسمى "رسائل من أرض الملاحم" وضح أبو مسلم المصرى كيفية وتوقيت خروجهم من مصر بعد ثورة ٢٥ يناير، بعد أن تيقنوا أن الأوضاع السيئة التى لا ترضى الله ما زالت قائمة، على حد قوله، وأضاف: هاجرنا لإعلاء كلمة الله بعد شعورنا بعدم وجود تغيير ينال ديننا وعقيدتنا ولا دنيا الناس إلى الأفضل، لكن بقيت عيوننا على بلادنا.

وتحدث "أبو مسلم" عن فشل فكرة تطبيق الديمقراطية، فى بلدان المسلمين، مع أن الذين ينجحون دائمًا عبر الصناديق ليسوا أصحاب عقيدة صحيحة، لكن لأن فيهم شائبة تؤرق اليهود والأمريكان وقوى الشر، لافتا إلى أنهم يمتلكون الفكر المشوه من الحركات الإسلامية ولا يمتلكون القوة العسكرية للدفاع عن مكتسباتهم عبر الصناديق، وتابع: "هيهات هيهات بأن يطبق الإسلام فى مصر بغير جهاد مرير وطويل ومتى كان يقدم الإسلام على طبق من فضة"

وأضاف: "أدعو الصادقين فى مصر بالقيام بالفريضة المتعينة عليهم الآن بلا خوف ولا تراجع وهى فريضة الجهاد؛ لأن الصادقين فى مصر لن يقبلوا أن تكرر هذه التجربة تحت مسمى جديد وحكومة جديدة، أناشد الشعب المصرى أن ينضموا للصادقين فى عدم تكرار التجربة، وهم للكافرين بالمرصاد."