لمَّا أراد صاحبنا الــ "برهامي" أن يفرض سيطرته على سكان "الجمهورية السلفية بالإسكندرية" وأن ينصب نفسه رئيسًا عليهم، ليصبح بذلك وبين عشية وضحاها: "رئيس الجمهورية السلفية بالإسكندرية"، أخذ يبحث عن وسيلة تمكنه من ذلك وسبيلًا يوصله إلى مراده، وبالفعل وبعد طول بحث وتفكير هداه شيطانه الرجيم إلى فكرة جهنمية خبيثة، كانت هي وسيلته للسيطرة والتحكم في كل أفراد جمهوريته بعد ذلك، وكانت هي الأساس العلمي الذي أسس عليها كل مقومات حكمه وبنى عليها شرعيته كرئيس للجمهورية السلفية وحاكمًا لها!
وكان قوام الفكرة قائمًا على كتاب مغمور ومطمور من كتب التراث الإسلامي لإمام الحرمين: "أبي المعالي عبدالملك الجويني" يدعى: "الغياثي: غياث الأمم في التياث الظُّلم"!
وفي هذا الكتاب ترك المؤلف لخياله العنان فسرح به كل مسرح وهوَّم به أبعد مما تصل إليه العقول!
فتخيل "الجويني" في كتابه أن بلدًا من بلدان المسلمين قد وقع فيها ما سماه هو -على حسب مقتضيات و مصطلحات عصره- بـــ "شغور الزمان عن الإمام"! ، وهو ما يعني –وعلى حسب مصطلحات و مقتضيات عصرنا- ما يمكن أن نسميه نحن بــ: "الفراغ الرئاسي"! أو فراغ كرسي الرئيس!
بمعنى أن "الجويني" تخيل في كتابه "الغياثي" أنه حدثَ فجأة حدثٌ عارض للإمام –بمصطلح عصره- أو للرئيس –بمصطلح عصرنا-، كمثل الموت المفاجئ أو الهروب خارج البلاد أو ما شابه ذلك، فحدث وبطريقة مفاجئة فراغ لمنصب الرئيس وصاحب ذلك حالة من الفوضى الكبرى التي ضربت أرجاء البلاد من أدناها إلى أقصاها!
فأخذ "الجويني" يتأمل في هذه الحالة، ويتخيل تفاصيل وقائعها وترك العنان لخياله يحكي الواقع ساعتئذ، ومن ثم أخذ -وعلى حسب مقتضيات عصره وعلى قدر ما سمحت به خيالاته- يقترح حلولًا تناسب الناس في هذه الحالة، وماذا يفعلون تلقاء هذه الفوضى العارمة التي اجتاحت البلاد؟
إلا أن الأمر انتهى –بالنسبة "للجويني"- عند حدود الخيال لا أكثر، وكان كتابه محض خيال لمؤلف واسع الخيال في حقبة معينة من الزمن ليس إلا!
ولكن الأمر لم ينتهِ عند صاحبنا الــ "برهامي" ولكنه بدأ، فقد وقع على ضالته في هذا الكتاب القديم، فأخرجه من سراديب التاريخ، ونفض عنه تراب وغبار السنين الكثيف، وبث فيه الروح من جديد، واتخذه متكأ يتكأ عليه في حياته الوظيفية كــ "رئيس للجمهورية السلفية بالإسكندرية"، وليكون هذا الكتاب، هو سنده وحجته في تولية نفسه "إمامًا ورئيسًا على أتباعه، ووسيلته في إضفاء الولاية الشرعية بل والقانونية على شخصه، وليعلن نفسه بسبب هذا الكتاب من ساعة أن وجده: "رئيسًا للجمهورية السلفية بالإسكندرية"!
جاء "برهامي" بالكتاب التراثي ، وبث فيه الروح من جديد وأسقطه على الواقع في مصر، ولكن وجد أن واقع مصر لا ينطبق عليه الكتاب أو لا ينطبق الكتاب عليه لعدم "شغور الزمان عن الإمام فعليًا أو- و على حسب مصطلحات عصرنا- : لعدم فراغ منصب الرئاسة ممن يشغله عمليًا!
ولكنه لم يعدم شيطان "برهامي" حيلة ولم يتوقف عن عمله لحظة واحدة قط ، فأوحى إليه بحيلة أخبث من سالفتها، فزاد الطين بلة! وزاد على الكتاب ما لم يقوله الكاتب وما لم تستطعه قريحته وما لم يبلغه خياله الواسع، بأن قال: إن "شغور الزمان عن الإمام" يمكن أن يتحقق حتى ولم يخلُ المنصب من صاحبه، إذ إنه يمكن أن يكون "شغور الزمان عن الإمام" معنويًّا!!
بمعنى أنه وإذا كان للدولة المصرية رئيسًا يحكمها إلا أنه لا يصلح شرعًا أن يكون حاكمًا أو إمامًا! بسبب كفره وردته!
وبهذه الطريقة الخبيثة استطاع "برهامي" أن يفرض سيطرته على جميع أتباعه، وأن يكون له عليهم حق الولاية والسمع والطاعة العمياء!
وأسس على ذلك الأساس كل ما سيأتي ذكره –إن شاء الله تعالى- من طبيعة الحياة داخل "الجمهورية السلفية بالإسكندرية"!
وذلك لأن الزمان قد "شغر عن الإمام" ، لكفر الحاكم وردته بمصر، وذلك بسبب حكمه بغير ما أنزل الله، وعدم تحكيمه للشريعة! وهو ما يستدعي ويستوجب على الأمة بسببه أن تسعى إلى تعيين حاكم وإمام ورئيس غيره، لا يكون كافرًا ومرتدًا مثل حاكمها، وإنما يكون صالحًا للإمامة مستوفيًا لشروطها!
ومن يصلح لذلك سوى البطل الهمام والإمام المقدام والملك المفدى، وحجة الإسلام وحسنة الأيام وسيد الأنام: الإمام! "ياسر حسين برهامي حشيش"!!
ومن ساعتها صار لــ "برهامي" جمهوريته الخاصة، والتي تدعى بــ "الجمهورية السلفية بالإسكندرية" وصار هو "رئيس الجمهورية السلفية بالإسكندرية"!
على ما سنبينه –إن شاء الله تعالى- في المقال القادم.
في المقالِ القادمِ.. للحديثِ بقية إنْ شاءَ ربُّ البرية.