الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مستقبل مصر.. وجيل بلا وطنية!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مصر تستحق أن نضحى من أجلها بكل غالٍ ونفيس، وهناك شباب بالفعل ضحى بروحه وكل ما يملك من أجل هذا الوطن، قابلت عددًا كبيرًا من الشباب المجند الذي يدافع عن الوطن على أرض سيناء، وتقابلت مع ضباط يعملون على أرض سيناء سنوات طويلة، يرون الموت بأم أعينهم كل يوم ولحظة، وبكل إيمان ينتظرون قدر الله المحتوم، رافضون ترك مواقعهم أو الانتقال للعمل في أي مكان آخر داخل البلاد بعد انتهاء مدة عملهم في سيناء. بل هم يتمسكون بالارض ويطلبون استمرارهم لأداء واجبهم في سيناء رغم مخاطر الإرهاب التي تحاصرهم ليل نهار.
هؤلاء يحبون الوطن بجد وليس بالكلام، ولا يسعون للتباهى بما يفعلون، بل يقدمون على ذلك بإيمان عميق بالله أولا ثم بوطنهم ثانيا، ينسون في سبيل ذلك أولادهم وأسرهم وكل شىء، ولا يفكرون إلا في وطنهم وحمايته من كل شر، وعندما يستشهد أحد زملائهم أمام أعينهم يزيدهم ذلك إصرارا على البقاء للدفاع عن أرض مصر، هؤلاء هم خيرة شباب مصر يستحقون منا كل تقدير واحترام.
لكن على الجانب الاخر يوجد شباب لهم رؤية أخرى للبلد، فالأسبوع الماضى كنت أمشى في أحد شوارع المهندسين، كان يسير بجوارى شابان لا يزيد عمرهما عن الثالثة والعشرين عاما، كانا يتحدثان بصوت عال لدرجة أننى سمعتهما بسهولة وكان حديثهما ينصب على السفر للخارج وترك هذا الوطن الذي لا يجدان منه خيرًا، أحدهما قال للآخر: لابد أن نهاجر خارج مصر، السفر أفضل بكثير من البقاء في هذا البلد الذي لم يعطنا أي شىء ولو استمررنا بالبقاء فيه سوف نزداد فقرا ولا نستطيع أن ننجح في حياتنا أبدا، «دى بلد ما تستهلش نعيش فيها إحنا نمشى منها ويارب تتحرق بعد كده».
هذا الكلام الغريب والعجيب لفت انتباهى وبشدة، فهذان الشابان في مقتبل العمر ولم يقدم أحد منهما أي شيء لمصر حتى ينتظر أن تعطيه مصر رغم أنها أعطته كل شىء أهمها الأم وبلد عظيم يحمل اسمها يحترمها العالم كله ويحترم حضارتها حتى إن كانت تمر الآن بظروف خاصة.
وهذا الكلام جعلنى أتذكر جيدا كلام الشاعر العظيم نجيب سرور وهو يوصى ابنه شهدى «يا ابنى أنا جعت واتعريت وشفت الويل وشربت أيامى كأس ورا كأس طرشت المر.. يابنى بحق التراب وبحق النيل.. لو جعت يوم زيى ولو شنقوك ما تلعن مصر».
وفى أيامنا هذه عشنا وشفنا شباب التواصل الاجتماعى والسيارات الفارهة وشباب النوادى والتكييف لا يعرفون إلا الشكوى والإحباط والتعالى على وطنهم ولا يغيرون على وطنهم أصلا ويسألون ماذا قدمت لنا مصر وهم الذين لم يقدموا لها أي شىء لا علم ولا عمل وهم الذين لا يمدحون الوطن بل يسبونه ليل نهار بأقذح العبارات بل ويتمنون انهيار الوطن وخرابه ويفرحون لانكسارات الوطن وأحزانه ويصابون بالاحباط والاكتئاب إذا الوطن حقق نجاحا على أي مستوى، حتى لو كان على المستوى الرياضى مثل، هؤلاء كانوا أول الفرحين لخسارة مصر في دورة الألعاب الأفريقية وعدم وصولها إلى نهائيات الأولمبياد في البرازيل، وكأنهم غير مصريين وغير وطنيين وهؤلاء مستعدون لبيع الوطن لمن يشترى بأعلى سعر حتى لو كان هذا الثمن علبة سجائر أو سجارة بانجو، هم مستعدون للتنازل عن الجنسية المصرية بأى ثمن وبأى مقابل حتى لو كان مقابل ذلك الهجرة إلى الصومال أو جنوب السودان ومستعدون لتسليم أنفسهم إلى داعش في سوريا أو العراق إذا كانوا سوف يدفعون لهم مقابل ذلك، هؤلاء لا يستحقون أبدا أن يكونوا مصريين، ومسكينة مصر تبتلى بمثل هؤلاء الشباب في هذا الوقت خاصة أن هؤلاء فقدوا الإحساس بالوطنية وبالإخلاص ومن قبلها فقدوا الضمير والإيمان بالله.
وكلنا بالطبع مسئولون عن هؤلاء الشباب، بدءا من الأسرة والمدرسة والجامعة والمؤسسات الدينية، ورغم ذلك فإن الحقيقة تقول: إن حب الوطن لا يحتاج إلى مؤسسة لتنمى الإحساس الداخلى لك تجاه الوطن، فقط محتاجون ضمائر حقيقية وإحساس حقيقى بهذا الوطن.
ولك الله يا مصر.