هي خطة إسرائيلية صهيونية خبيثة عفنة، قديمةٌ وحديثةٌ في آنٍ واحد، تقوم على أساس استبدال الصورة الذهنية في عقول وقلوب المسلمين والعرب، بل سائر البشر، عن "المسجد الأقصى"، بصورة ذهنية مغايرة تمامًا تتمثل في مسجد "قبة الصخرة" الذي بناه الأمويون!
فمسجد قبة الصخرة بناة "عبد الملك بن مروان" في عام 72 من الهجرة تقريبًا، وأما "المسجد الأقصى" فهو مسجد قديم من أقدم المساجد في الأرض بناه "إبراهيم الخليل" –عليه السلام- بعد أن أتم بناء المسجد الحرام بأربعين سنة، على ما يقرره المحققون من المؤرخين، ولم يبنه "سليمان" –عليه السلام- كما يظن أغلب الناس أو كما يروج اليهود!
وإنما كان كل ما قام به سليمان –عليه السلام- وهو تجديد المسجد مرة أخرى، أو على أقصى تقدير أعاد بناءه، وليس إنشاءه من العدم، وهذه حقائق تاريخية توافق عليه البشر.
فضلًا عن كون الوحي الشريف - قرآنًا و سنة- قد دل عليه، وإن كان صاحبنا الأستاذ! "يوسف زيدان" قد لا يهتم بهما أو لا يعتبرهما موضع ثقة لتلقي معلوماته!
يزعم اليهود أن هيكلهم المزعوم! يقع تمامًا –ياللمصادفة- تحت "المسجد الأقصى" الذي بارك الله حوله مباشرة ، و إنهم يريدون ، بل و يعملون بالفعل على هدم المسجد و إقامة هذا الهيكل المزعوم مكانه، و هو ما لن يتم طالما كان للمسجد قدسية في قلوب العرب و المسلمين!
فكان الحل، الذي تفتقت عنه أذهانهم، هو القضاء على هذه القدسية من قلوب العرب و المسلمين ، ليسهل بذلك و بعده كل عمل ، و لكي يتم لهم ما يريدون كان العمل على أكثر من محور بالتواز.
فمن ذلك ما يراه العالم كله، مثلًا من أن شعار الحركة الصهيونية العميلة الخائنة والتي تدعى "حركة حماس" هو صورة "قبة الصخرة" وليس "المسجد الأقصى"، والتركيز على هذه الصورة ، ليتم استبدالها في أعين وقلوب وعقول المتابعين للحركة التي تزعم أنها تمثل فلسطين وقضيتها و"المسجد الأقصى" و الدفاع عنه ، فإذا كان شعار هذه الحركة و شعار إعلامها و قنواتها و مواقعها ، هو صورة جميلة! لمسجد "قبة الصخرة" ، لتظل عالقة بأذهان الملايين من المتابعين على أنها صورة "المسجد الأقصى" ، فحين يقدم اليهود على هدم "المسجد الأقصى" و إقامة هيكلهم المزعوم مكانه، ويعترض على ذلك العرب و المسلمون ، تكون الإجابة الحاضرة مباشرة : أننا لم نهدم مسجدكم "الأقصى" ، بل هو على حاله ، لم يصب بأذى ، و أنظروا بأعينكم ، و أبحثوا بأنفسكم لتعلموا صدق ما نقول!
فإذا نظر العرب والمسلمون ، وجد المسجد الذي عرفوه على أنه "المسجد الأقصى" – و الذي هو مسجد "قبة الصخرة" لا غير - على حاله و لم يقربه أحد ، فتروج عليه الحيلة الخبيثة ، و يتم لليهود ما أرادوا !
وأما المحور الثاني الذي يقوم عليه اليهود في خطتهم الخبيثة لتهويد القدس و هدم "المسجد الأقصى" ، فهي الاختراق الفكري! لبعض مفكري و مثقفي العرب و المسلمين ، بل و المسيحيين أيضًا ، عن طريق تتلمذ هؤلاء المثقفين و المفكرين لعشرات السنين و بطرقٍ غاية في المكر ، على أيدي المستشرقين من اليهود و غيرهم ، ليتم في النهاية تكوين نموذج مشوه لمسلم و عربي ، ينتمي للإسلام و للعروبة و لكنه لا يتشرف بذلك و لا يعتز به ، تحت غطاء "محاربة التعصب"!
وهذا النموذج المشوه للمثقف العربي والمسلم يقوم بطرح خطط وآراء اليهود وما يريدون تنفيذه، سواء في الأراضي المحتلة، أو في بلد المثقف نفسه، على أساس أنها أفكاره وإبداعاته، وآراءه الخاصة والتي لا يعنيه أن تتقاطع مع اليهود أو لا، لأنه يراها حقًا مطلقًا بغض النظر عن كونه تخدم اليهود و الصهاينة من عدمه!
وصاحبنا الأستاذ "يوسف زيدان" يعد نموذجًا صارخًا لهذا النوع من المثقف المسلم و العربي ، والذي يطرح و بكل قوة آراء اليهود والصهاينة وأفكارهم على أساس أنها آراءه التنويرية و الحداثية ، و المتحررة الخاصة به هو والبعيدة عن التعصب الذي يروج له المتخلفون من أرباب الجماعات الإرهابية المتخلفة أو حتى من علماء الأزهر و من على شاكلتهم ! و الذين يراهم صاحبنا "المستنير" قمة التخلف و أساسه ، بل و معدنه الذي من يستقي العالمين!
وما تصريحاته الأخيرة – والتي ليست هي أغرب كلماته ولا أشدها شذوذًا!- إلا خير دليل على ما نقول!
فقد خرج الأستاذ "يوسف زيدان" عبر إحدى الفضائيات العربية ، ثم أتم حديثه المريب في إحدى الفضائيات المصرية ، و كان محور اللقاءين يدور حول محاولة سيادته لتصويب وجهة النظر الصهيونية بملكية اليهود للــ "المسجد الأقصى" ، على الطريقة الصهيونية الخبيثة التي أسلفنا الكلام حولها ، في السطور الفائتة.
والحقيقة التي لا مناص منها أن الأستاذ "زيدان" يكمل مسيرته في تحقيق دور المثقف العربي المستنير و الذي لا يرى إسرائيل دولة عدوًا ، و يحاول مستغلًا مكانته في المجتمع المصري ترويج أفكاره تلك بين المصريين ، ليتحول المصريون بذلك شيئًا فشيئًا و مع مرور الزمن ، إلى مجتمع مطبع مع إسرائيل غير معادٍ لها ! بل و يربي جيلًا -بل أجيالًا- لا يكرهون ، بل و يحبون و يعشقون إسرائيل !!
و الحقيقة –أيضًا- أن هذا شأنه و هذا اختياره ، و لكن لنا نحن أيضًا –كعرب و كمسلمين بل و كمصريين - معه و مع أمثاله شأننا ، و هذا ما لا يعنني في هذه المساحة ، و لكن الذي يعنيني ، هو تطاوله و تجرؤه على القرآن و تفسيره ، تفسيرًا صهيونيًا !!!
فقد أقر الأستاذ "يوسف زيدان" –متفضلًا و متكرمًا على القرآن و الإسلام!- بحادثة الإسراء ، إلا أنه أنكر – و بمنتهى الجرأة- حادثة المعراج ، بزعم عدم ورودها في القرآن !
إلا أن إقرار سيادته بحادثة الإسراء بالنبي –عليه السلام- من المسجد الحرم إلى المسجد الأقصى يعني اعتراف سيادته –ضمنيًا و دون أن يدري- بوجود المسجد الأقصى في زمن النبوة للنبي محمد –عليه السلام- ، بل و قبل زمان النبوة !
ثم عاد الأستاذ ليقرر –بتناقض لا مثيل له- بأن المسجد الأقصى –الذي أُسري بالنبي إليه- قد بناه "عبد الملك بن مروان" بعد الهجرة بــ 72 عامًا !
و السؤال الآن : هل كان الأمويون و "عبد الملك بن مروان" قبل زمان النبوة أو بعده ؟!!
أجيبونا يا أولي الألباب و العقول !!!
و يبدو أن الأستاذ المثقف ! قد أحس بتناقضه الشديد و أن كلامه غير متجانس ، فأراد أن "يرقعه" برقعة مغايرة للونه ، فذهب يخترع اختراعًا و يكتشف اكتشافًا أثريًا رهيبًا ، يعجز عن اكتشافًا أعتى خبراء الآثار في الدنيا ، فزعم الأستاذ المثقف ! أن المسجد الأقصى إنما سمي بــ "الأقصى" لأنه ضد الأدنى !
و أن المسجد الأقصى هو مسجد صغير بالجِعِرَّانة بين مكة و الطائف و أن النبي كان يمر عليه بين الحين و الآخر !
و بغض النظر عن كون هذه الخزعبلات ، هي خرافات مخترعة لا أساس لها من الصحة ، فإنه أيضًا كلام سخيف سخفًا لا حد له ، و تخاريف لا مثيل لها ، يكذبه العقل و التاريخ ، كما تكذبه الرواية و العلم .
فأما العقل ، فإنه لو كان مسجدًا بأرض الحجاز كما زعم الأستاذ المثقف ! ، فما المعجزة في الإسراء إليه ليلًا بالأساس ، و التي استدعت أن ينزل الله –عز شأنه- سورة كبرى يستهلها بقوله "سبحان" لتدل على قدرته –سبحانه- على فعل المستحيل الذي لا تقبله العقول ! و تسمى هذه بــ "الإسراء" ، و من عجب أيضًا ، أن من أسماءها : سورة "بني إسرائيل" !!و الذين يدافع عنهم و عن حقوقهم و عن إجرامهم و إرهابهم أستاذنا المثقف !
كيف يعقل –في عقل العقلاء- أن يكون مجرد الإسراء من المسجد الحرام بمكة ، إلى مسجد على مشارفها ، أمرًا يستحق أن تنزل فيه سورة لتكون آية و علامة على صدق نبوة النبي –عليه السلام- ، و أن تكون فتنة يمحص بها الرب الجليل من آمن عمن كفر ؟!!
و كيف يعقل –في عقل العقلاء- أن يكون مجرد السفر لمسافة بضعة مئات من الأمتار ، فتنة يستغلها مشركوا قريش للتشنيع على الدين الجديد و على رسوله و على المنتسبين له ، و أكدوا أنهم يستغرقون في تلك الرحلة إلى بيت المقدس المبارك حوله في أرض الشام ! ، شهرًا ذهابًا و مثله إيابًا ، متخذين ذلك ذريعة لتكذيبه و تسفيه أمره و رأيه و دينه ، و هي الحادثة بعينها التي لُقِّبَ بها أبو بكر –رضي الله عنه- بالصديق ، لقوله مقولته الشهيرة إن كان قال فقد صدق ! لأنه صدق بها بقلبه مع كون عقله لم يستوعبها ، لاتساع المسافة بين "المسجد الحرام" بمكة و "المسجد الأقصى" بأرض الشام !
و أما الرواية و التاريخ فإنه لا شك يكذب الزعم الذي روج له الأستاذ المثقف "يوسف زيدان" ، فروايات التاريخ متواترة على تصديق ما نفاه الأستاذ المثقف!
ليبقى لنا في النهاية أن نقرر أن الأستاذ المثقف لم يدع لنا أبدًا خيارًا سوى أن نستريب في شخصه و في كلامه و رواياته و تصريحاته ، و التي لا تخدم سوى اليهود و الصهاينة و تروج لأفكارهم و خططهم الخبيثة بتهويد القدس و هدم مسجدنا "الأقصى المبارك" –نعم مسجدنا و إن رغمت أنوف الصهاينة و خدامهم!- ، و إقامة هيكلهم المزعوم ، و من ثم إنشاء دولتهم النجسة من النيل إلى الفرات على أنقاض دولنا العربية بعد هدمها و تفتيتها ، على غرار هدم "المسجد الأقصى" و تدميره .
سيادة الأستاذ المثقف "يوسف زيدان" : أنت مكشوف أكثر مما ينبغي ، فغطِّ سوءتك ، سترك الله !
أما أنك سوف تفاجئنا في الأيام القادمة بأن تكذب القرآن! ، كما فعل أستاذك من قبل حين قال :" للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم و إسماعيل ، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضًا ، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي فضلًا عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها ونحن مضطرون إلى أن نرى في هذه القصة نوعاً من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة ، وبين الإسلام واليهود والقرآن والتوراة من جهة أخرى" !!
و لعل الأيام القادمة تكتشف الكثير و الكثير ... و السلام على من اتبع الهدى.