بعدما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون عن مقتله في غارة جوية على معاقل لتنظيم داعش في سوريا العام الماضي، ظهر أبوطلحة الألماني، عضو التنظيم، في مقطع فيديو بثه التنظيم أمس داعيًا إلى قتال ألمانيا.
أبو طلحة هو دينيس مامادو جيرهارد كسبرت، مغني الراب السابق الذي كان معروفًا باسم "ديسو دوج"، ولد في أكتوبر 1975 في برلين لأم ألمانية وأب من غينيا، ترك أبوه العائلة منذ الطفولة لتتزوج أمه من ضابط بالجيش الأمريكي ينحدر من أصول إفريقية، وفي 1995 بدأ مشواره في غناء الراب، وتورط أيضًا في مشكلات وأحيانًا في جرائم، نظرًا لقضائه معظم الوقت في شوارع ألمانيا بعيدًا عن أسرته، وفي 2002 أطلق على نفسه اسم "ديسو دوج" وبدأ بتسجيل أغنيات مع شارنيل، أحد أهم نجوم الراب في ألمانيا حينئذ، وخلال 2004 ألقي القبض عليه إثر العديد من جرائم العنف، وبسبب تعاطيه لمخدر الأفيون، وتم إلغاء امتحاناته الدراسية لقضائه فترة العقوبة في سجن تيجيل، وخرج من السجن ليكمل عمله بالغناء، ويصدر أول ألبوماته "كل عيوني" في 2007.
وبعدما تعرض للموت في حادث سيارة، بدأ يتأثر ببير فوجل، الملاكم الذي اعتنق الدين الإسلامي، وترك غناء الراب ونشر فيديو يعلن فيه اعتناقه الإسلام في 2010، وغير اسمه إلى "أبو مليك" وأصبح منشدًا دينيًا وانضم لمجموعة ألمانية متطرفة باسم "الدين الحق"، وأعلن دعمه للجهاديين في أفغانستان والعراق والصومال والشيشان، واصفًا برلين بأنها "عاصمة أخرى للكفار"، وعوقب بالسجن والغرامة في 2011 لحيازة أسلحة غير مشروعة نتيجة نشره فيديو يلوح فيه بالسلاح، والعثور على ذخيرة وأموال في بيته.
ثم تعرف إلى القيادي الإرهابي المصري أبو أسامة الغريب، الذي شكل ما يُسمى بالجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية إضافة إلى مجموعة "ميلاتو إبراهيم" السلفية التي حظرتها السلطات الألمانية. ونشرت وسائل إعلام ألمانية تهديدًا لأبو طلحة بتنفيذ عمليات في ألمانيا. وقرر أبو طلحة السفر إلى مصر رغم وضعه تحت المراقبة، ليلحق ببقايا الجماعة ومحاولة إطلاق جماعة أخرى تتفرع منها تسعى لفرض حكم الشريعة في ألمانيا. وتلقى في مصر تدريبًا في معسكر للجهاديين ثم استكمل تدريبه في ليبيا، وفقًا لما ذكرته لجنة الأمم المتحدة للإجراءات الخاصة بتنظيم القاعدة.
وفي أغسطس 2014 ظهر في مقطع فيديو مقاتلًا ضمن تنظيم "جند الشام" ضد النظام السوري، مطلقًا على نفسه اسمه المستعار الحالي "أبو طلحة الألماني"، واستمر في بث فيديوهات موجهة للألمان يحثهم فيها على المشاركة الفعالة في الجهاد بألمانيا لفرض حكم الشريعة، وأصيب أثناء مشاركته في القتال في بلدة عزاز شمال سوريا، في غارة جوية للجيش النظامي السوري.
وأصدر مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية في ألمانيا تحذيرًا نشرته وزارة الخارجية الألمانية، عن هجمة محتملة لأبو طلحة على مؤسسات ألمانية في تركيا باستخدام سيارة مفخخة، وهو ما نفاه أبو طلحة قائلًا أن ألمانيا ليست هدفًا لهجماته.
وفي نهاية 2013 ترك أبو طلحة جند الشام ليلتحق بتنظيم داعش، وشارك في المعركة الأولى على حقل الشاعر للغاز ضد الجيش السوري، وظهر في فيديو يعدم فيه التنظيم أفرادًا مدنيين وهو يحمل رؤوسًا مقطوعة.
ونشرت تقارير إعلامية في أبريل 2014 خبرًا خاطئًا حول مقتله إثر تفجير انتحاري استهدفت به جبهة النصرة موقعًا لداعش، وأوردت صحيفة "دي ويلت" الألمانية شهادات لأعضاء داخل داعش ينفون مقتل أبو طلحة، موضحين أن من تم قتله هو عضو آخر بالتنظيم يحمل نفس الكنية "أبو طلحة الألماني".
ووضعته وزارة الخارجية الأمريكية على قائمتها الخاصة بالإرهابيين الدوليين في التاسع من فبراير 2015، وبعدها بأيام أدرجته "لجنة إجراءات القاعدة" بالأمم المتحدة ضمن الأسماء المطلوبة.
وفي السادس عشر من أكتوبر الماضي، أعلن البنتاجون عن مقتل أبو طلحة في غارة للقوات الأمريكية على مدينة الرقة، التي تعبر عاصمة خلافة التنظيم في سوريا.
وفي مفاجأة غريبة ظهر أبو طلحة في فيديو نشره داعش أمس، يدعو الألمان إلى قتال الحكومة الألمانية. وظهرت شكوك في أن الفيديو قد يكون قديمًا وأعيد بثه، خاصةً أنه لم يشر إلى العملية الأخيرة لتنظيم في فرنسا، ولكن يمكن الاعتقاد بأنه فيديو حديث إذا ما تم ربطه بموافقة الحكومة الألمانية أمس الأول على مساعدة فرنسا في حربها ضد داعش، من خلال المساهمة بطائرات رصد من طراز تورنادو وطائرات صهريج وفرقاطة واحدة ونحو 1200 من عسكرييها في الجهد العسكري ضد التنظيم، وفقًا لما ذكرته شبكة سي إن إن.
