حياة المصريين أصبحت أرخص شيء فى هذا الزمان، وقد تحول المريض، داخل بعض المستشفيات الخاصة، إلى سلعة تباع وتُشترى حتى أصبح أسهل طريق إلى الموت دخول المستشفى.
رغم القفزة الطبية التي يشهدها العالم، إلا أننا فى مصر لا نهتم سوى بالمكسب المادى فقط، وإذا كنت فقيرا ومن أصحاب الدخول المحدودة أو المنعدمة، فعليك أن تجلس فى بيتك ولا تذهب إلى المستشفى خاصة المستشفيات الحكومية، لأن هذه المستشفيات علي ما يبدو موقعة على عقود أبدية مع الحانوتية والتربية.
فواقعة الشابة هبة العيوطي التي راحت ضحية طبيب جاهل حقنها بمادة كاوية بدلا من الصبغة الطبية اللازمة لعمل أشعة على الرحم، والتى تمت فى مستشفى خاص كبير له اسمه، تعد هذه الواقعة أحد النماذج الفجة على مدى تدهور الرعاية الطبية فى المستشفيات الخاصة التى "تكوش" على فلوس المرضى القادرين بدعوى تقديم خدمة طبية متميزة أفضل من المستشفيات الحومية التى تعانى الكثير من المتاعب والآلام لعجز الإمكانيات وسوء الإدارة وكثافة المرضى الفقراء وغير القادرين.
فهناك بعض المستشفيات الخاصة تحولت من مافيا لتجارة الأعضاء وهناك مستشفى فى أكتوبر صدر منها عدد من الشكاوى حول تشخيص حالات كثيرة للمرضى الذين يرتادوها بشكل طارئ على أنهم يعانون من التهاب الزائدة الدودية، وأنهم يحتاجون إلى عملية سريعة من أجل إنقاذ المريض، وقد فقد بعض المرضى كلاهم بهذه الطريقة بعد أن أجرى عملية خضوعا لتشخيص الدكاترة، وبعد فترة من العملية شعر بمتاعب شديدة فذهب إلى أطباء آخرين ليؤكدوا له أن كليته انتزعت، وأن زائدته الدودية لم يمسسها سوء.
هناك حالات كثيرة من هذه العينة، منها ما هو معروف ومنها ما هو غير طافٍ على السطح، المهم أنها كلها تعبر بقوة على أن الدولة غير مطبقة يدها على المستشفيات الخاصة، وأنا أقصد هنا تشديد الرقابة الطبية عليها.
لا يصح أن يكون فى مصر مثل هذه المستشفيات، وأن تقف وزارة الصحة مكتوفة الأيدى دون أن تكون لها إجراءات حاسمة فى هذا الشأن، بحيث تغلق المستشفيات المخالفة فورًا، وتطلب من نقابة الأطباء بالتفضل وشطب صاحبها والطبيب المخطئ من جداول القيد بالنقابة ومنعهم من مزاولة المهنة، فلا يوجد هناك أهم من صحة وحياة المصريين، إنهم ثروة هذا البلد، وبدون رعاية صحية جيدة لن تتقدم مصر خطوة واحدة.