منذ أن قام الفريق أول -حينئذٍ- عبدالفتاح السيسى، بإحداث تغيير جذرى ونقلة نوعية فى إستراتيجية تعامل جيش مصر العظيم مع الواقع الجديد الذى خلقته الفوضى «الخلاقة» فى مصر وسائر دول المنطقة العربية، لكى يتم العمل على مجابهة الخطر الجديد الذى يتسم بنظم جديدة وحديثة وغير تقليدية فى الحروب بطريقة غير نمطية فيما يعرف بــ«الجيل الرابع من الحروب» أو «حرب المعلومات»، والتى تعد أحدث الحروب التى عرفها العالم من حيث النوع والطريقة فى المواجهة، وهو ما رسخ حتمية ابتكار وسائل وطرق جديدة للمواجهة والانتصار، والتغلب على هذه الحروب الحديثة والجيوش غير النمطية والقضاء عليها.
وهو ما حدث بالفعل، حيث استطاع الجيش المصرى العظيم بعبقرية قياداته وإخلاص أبنائه وقبل ذلك كله وبعده بتوفيق الله له، وفى مدة وجيزة جدًا بكل المقاييس، حيث استطاع الجيش المصرى العظيم –أعظم جيوش الأرض، ولا فخر، وإن رغمت الأنوف، ولأول مرة فى التاريخ الحديث - أن يهزم هذه النوعية الخبيثة من الحروب الحقيرة هزيمة ساحقة.
وهو ما سوف يسجله التاريخ بلا شك، وإن غفل عنه أغلب المعاصرين أو تغافلوه، نعم غفل أغلب أبناء الجيل الحالى عن نقطة فاصلة فى تاريخ الحروب العسكرية الحديثة التى سوف يتوقف أمامها التاريخ العسكرى –بل والتاريخ البشري- طويلًا، ليرى ويتأمل كيف استطاع المصريون أن يجددوا مجدهم الممتد عبر التاريخ، ويسجلوا حاضرًا عظيمًا كما سجلوا من قبل تاريخًا مشرفًا، فهزموا كل من أراد ببلادهم شرًا، وجعلوا تراب بلادهم مقبرة لكل الغزاة على مر التاريخ.
نعم –و بكل فخر- سجل التاريخ أول هزيمة ساحقة للحروب غير النمطية الحديثة منذ عرفتها البشرية، تلك الحروب التى هزمت فيها من قبل قوى عظمى كالاتحاد السوفييتى وفككته، ولكنها لم تستطع أن تنال من مصر وأهلها وجيشها، فاللهم شكرًا.
وكانت بداية الهزيمة لتلك الحروب القذرة منذ تولى الفريق أول -حينها- عبدالفتاح السيسى فى أغسطس ٢٠١٢م - وربما قبلها بقليل- مسئولية الدفاع عن أمن هذا الوطن القومى، فقام باستحداث استراتيجية جديدة غير نمطية، ليواجه من خلالها تلك الحروب غير النمطية، وذلك بابتكار وسائل وآليات وأدوات كثيرة، كان من بينها استحداث منصب المتحدث العسكرى باسم الجيش المصرى لأول مرة فى تاريخه.
والحقيقة التى يراها الأعمى قبل المبصر، ولا يغفل عنها سوى أعمى البصيرة والقلب، فضلًا عن البصر، أنه منذ تم استحداث هذا المنصب، وتعيين أول متحدث عسكرى باسم الجيش المصرى، وصاحب هذا المنصب، سواء أكان المتحدث العسكرى السابق، العقيد أحمد محمد محمد علي، أو المتحدث العسكرى الحالى، العميد محمد سمير عبدالعزيز غنيم، بذلا جهدًا شاقًا يفوق طاقة البشر، وتئن من حمله الجبال الراسيات، ما بين العمل على مقاومة حروب المعلومات إلى العمل على إصدار البيانات الإعلامية الدقيقة حول العمليات العسكرية للقوات المسلحة، إلى متابعة الأحداث المحلية والعالمية، وخاصة ما يتعلق منها بالأمن القومى المصرى والعربى وتحليلها، فضلًا عن تلقى آلاف المكالمات التليفونية والاتصالات والرسائل من المواطنين والرد عليها، وتلبية حاجاتهم بخلق سمح وأدب جم وتواضع مذهل، ينم عن نفس كبيرة عظيمة، ذلك أنه لا يتواضع إلا الكبير.
والحقيقة الكبرى أن المتحدث العسكرى الحالى، العميد الخلوق المحترم محمد سمير عبدالعزيز غنيم منذ تولى مهام عمله كمتحدث باسم جيش مصر العظيم، وهو يعمل بكل ما أُوتى من قوة وعلم، وهو بحق وصدق ذو علمٍ جم، وقوة لا تقل عن قوة أشجع الفرسان، بل تزيد على أن يستكمل مسيرة النضال والجهاد فى توعية المجتمع المصرى من الأخطار التى تتعرض لها بلادنا داخليًا وخارجيًا.
وهذا الأمر تحديدًا هو موضوع مقالى وهمستى فى أذن متحدثنا العسكرى العظيم، فهذه الندوات العظيمة التى يلقيها سيادته على كثرتها وقوتها يعتريها بعض القصور، لا من ناحية مضمونها أو محتواها، وإنما من حيث كونها لا تصل إلى المواطن البسيط الذى يعيش على أرض هذا الوطن، المستهدف الأول من تلك الحروب غير النمطية والحديثة، والتى تستهدف المجتمعات دون الجيوش، وإن كانت الجيوش تعد عائقًا، لابد من التخلص منها، ولكن بيد الشعوب أنفسها لا بيد غيرها، ليبقى المستهدف فى النهاية هو المجتمع لا غيره، والمواطن العادى دون ما سواه.
و سيادة العميد محمد سمير (متحدثنا العسكرى الهمام) وبشهادة العدو قبل الصديق، قد بذل فى هذا المجال أقصى ما فى وسعه وربما زاد على ما فوق طاقته، فألقى مئات المحاضرات – ربما يزيد- حول هذه الحروب وكيفية مواجهتها وهزيمتها، ولكن هذه المحاضرات –على كثرتها- قد اتسمت بصفة النخبوية، بمعنى أنه تتلقاها النخبة دون العامة، فلا يصل منها إلى المواطن العادى شيئًا، فى حين كونه أولى الناس بها، وأحوج الناس إليها، كى لا يتحول إلى وقود يحرق به نفسه، ويُحرقُ به وطنه!
وآخر همسة لي فى أذن العميد الخلوق محمد سمير، متحدث مصر العسكرى، التى أتمنى أن يتقبلها منى بصدر رحب، ولعل الله ينفع بها البلاد والعباد.
سيادة العميد: نرجو من سيادتكم وبما لكم فى قلوب المصريين من مكانة ومحبة أن تقوم على سبيل المثال بتسجيل بعض محاضراتكم الشيقة والنافعة حول حروب المعلومات، ومن ثم يتم نشرها عبر صفحتكم على موقع الــ «فيسبوك»، وكذلك موقع وزارة الدفاع، وأن تتم إذاعتها عبر شاشات الفضائيات لتكون مصلًا قويًا تحصن قلوب وعقول ملايين المصريين، فلا يصابون بذلك المرض اللعين الذى عنوانه وغايته فى آنٍ واحدٍ: أن يستيقظ عدوك ميتًا!
وتقبل منى فائق الاحترام والتقدير.