إنَّ
المتابع والمراقب والمهتم بأحوال السلفيين في العالم عامة وفي مصر خاصة، لا يمكن
أن يغفل عن واقع ملموس ومشاهد ولا يمكن إنكاره، وهو أن لهؤلاء الناس حياة خاصة
خفية، وعادات سرية، وأحوال باطنية، ولهم تصورات خاصة، ومفاهيم للحياة والممات والدنيا
والآخرة والعالم داخليًا وخارجيًا، بل رأى وأحلام خاصة، وتقاليد خاصة، بل ورئيس ووزراء
وأُمراء، واقتصاد خاص داخلي سري - موازٍ لاقتصاد الدولة وفي بعض الحالات أقوى، وكل
ما يمكن أن تحتاجه الدولة من مؤسسات وإمكانات يعمل هؤلاء الناس على توفيره لأنفسهم
داخليًا ويتعاملون فيما بينهم به.
لذلك كان لابد أن يعرف الجميع أن في مصر ما يكمن أن أسميه:
"الجمهورية السلفية بالإسكندرية"، وهذه الجمهورية والدولة داخل الدولة
موجودة في كل مكان يعيش فيه مجموعة من هذه النوعية من البشر، "ينعزلون عن
المجتمع شعوريًا" وإن كانوا يعيشون فيه "جسديًا"، ويمارسون طقوسهم
وعبادتهم الخاصة وحياتهم الخاصة، يتزوجون فيما بينهم، ولا "يستبدلون الزوجة
غير السلفية والتي هي أدنى بالتي هي خير وهي– بلا شكٍ السلفية"! ويتعاملون
بالبيع والشراء فيما بينهم، فلا يشترون طعامًا إلا من "السلفي" الذي
يبيعه، ولا شرابًا إلا من "سلفي" آخر، ولا ملابس ولا غيرها إلا من
" بضاعة السلفيين"!، وهكذا في كل أصناف وأشكال التعاملات، تكون
التعاملات فيما بينهم دون الناس من التجار وأصحاب الصناعات كالسباكة والنجارة والحدادة
وما شابه، فإن لم يجدوا سلفيًا حدادًا مثلًا بحثوا عن أقربهم إليهم وهكذا.
و يحاولون– قدر جهدهم- أن تكون فيهم كل أصناف التجارة والصناعة حتى لا
يحتاجون لغيرهم، وليحققوا بذلك "الاكتفاء الذاتي داخل "الدولة أو الجمهورية
السلفية" !
ولهذه الدولة والجمهورية الصغيرة داخل الدولة والجمهورية الصغيرة
طريقة في الحكم والحياة، لا تكاد العين الفاحصة تخطئها، تلك الحياة مبينة على
قاعدة ميكيافلية متعفنة، لا تراعي القيم ولا المبادئ ولا تعرف إلا لغة المصالح حتى
وإن كان في ذلك خراب الوطن ودماره وتفتيته وتقسيمه وبيعه لأعدائه والرقص على جثته،
ليس ذلك مهمًا، ولكن المهم، هو "الوطن الصغير" والجمهورية السلفية"
والتي هي الوطن الحقيقي الذي يصح الانتماء إليه دون غيره، فالانتماء إلى
"الجمهورية السلفية" هو انتماء إلى شيء مقدس وأما الانتماء لمصر مثلًا
فهو انتماء إلى "حفنة من التراب النجس"! –ألا شاهت وجوهكم-!
والقاعدة الشهيرة عندهم والتي تحكم كل تصرفاتهم تقول :"أينما كانت
المصلحة، فثَمَّ شرع الله"، وكذبوا فإن شرع الله ثابت لا يتغير، على حسب
الأهواء والمصالح!
ولأن المصلحة كانت- و ما زالت- هي الحاكمة لهم كانت تصرفاتهم وآرائهم
وأفعالهم ومواقفهم، تتسم بالتناقض والمياعة والرقص على كل الحبال واللعب على كل
الأوتار، والسير في كل الاتجاهات، وصعود كل السلالم، - حتى ولو
كانت سلالم البيت الأبيض الأمريكي أو الكنيست الإسرائيلي!، واستخدام شتى
الوسائل مهما كانت رخيصة، وذلك من دون ذرة من شعور بالذنب أو إحساس بالتناقض، أو
تأنيب للضمير، أو حتى تبرير للتصرفات المشينة!
وهذه الحالة ليس جديدة على تلك الجماعة وذلك التنظيم أو تلك
الجمهورية! ولكنها حالة وُلدت بها، ومرض لم يفارقها منذ يومها الأول في سبعينات القرن
الماضي.
فالسمة المميزة لــ "الجمهورية السلفية" فيما سنبينه
– إن شاء الله في المقالات القادمة- هي التناقض والتقلب من رأي إلى رأي
ومن موقف إلى عكسه ونقيضه، ومن اتجاه إلى عكسه، لا يَؤمُون في ذلك سوي المصلحة فقط
أو "السبوبة"! ولا شيء غيرها.
و...
في المقالِ القادمِ... للحديثِ
بقية ... إنْ شاءَ ربُّ البرية.
آراء حرة
الجمهورية السلفية بالإسكندرية! (1)
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق