السبت 28 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

مدارس لصناعة المجرمين

هروب الأطفال أصبح الشكوى الأولى لدى أولياء الأمور

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أطفالنا.. عيوننا التى تسير أمامنا، وتنشر البهجة والفرحة فى حياتنا.. هم زينة الحياة، وبهم يكون لحياتنا جميعا معنى وامتداد.. غير أننا مع التطور الذى بات عنوانا للعصر الحديث، علينا أن نغير أساليبنا للحفاظ عليهم، وتنشئتهم التنشئة السليمة التى تتناسب مع مقدرات حياتهم، فمن الخطأ أن نطبق عليهم ما طبقناه على أنفسنا، لأننا عشنا فترة مختلفة تمامًا، وزمنًا له صفاته التى تختلف بالطبع عن الزمن الذى يعيشونه.. الكثير تغير.. وأمور جديدة طرأت على الحياة، وعلينا أن نتسم بالمرونة لنمر بأطفالنا إلى بر السلامة.
لا يوجد أبشع على الأم من قول ابنها إنه لا يريد الذهاب للمدرسة، وللأسف هذا الأمر أصبح عاديا تلك الأيام، وزادت الشكوى منه بعد اختفاء كثير من الأدوار التى تساعد فى القضاء عليه، أهمها دور المشرف الاجتماعى والذى هو من المفترض أن يكون مراقبا للطفل ويعرف أسباب الشكوى.
شهيرة محمد أم لطفلين ولد فى التاسعة من عمره فى الصف الثالث الابتدائى، وبنت فى الحضانة تحكى تجربتها قائلة: فى العام الماضى وبعد بداية المدارس بعدة أسابيع، كنت أعانى يوميا عند إيقاظ ابنى للمدرسة ففى البداية هو من كان يستيقظ بمفرده، ويرتدى ملابسه دون مساعدة لكن بعد فترة وجدت أنه يرفض الاستيقاظ، بل يتعلل بوجود ألم فى معدته أو سعال وغيرها من الأساليب المكشوفة التى تدل على عدم نيته فى الذهاب للمدرسة.. فتوقعت أن تكون المناهج الدراسية هى السبب وأنه يكره المذاكرة لكن بعد فترة لاحظت أنه يؤدى واجباته المدرسية بشكل جيد وعندما تحدثت معه اكتشفت أنه فى فترة الراحة أو (الفسحة) لا يستطيع أن ينزل لفناء المدرسة ويشارك زملاءه اللعب بسبب وجود مجموعة من الأطفال أكبر سنًا منه يشبعونه ضربًا كلما رأوه فى الفناء.
بل إنهم يأخذون منه نظارته الطبية، ويلقونها بعيدا ويظل يبحث عنها بعد انتهاء الراحة فيتأخر ولا يصعد للفصل الدراسى مع أقرانه مما يعرضه للعقاب.
شهيرة تشير إلى أنها عرفت هذه الحقيقة بعد عدة أسابيع، لأن ابنها كان يجد حرجًا من إخبارها، وعندما علمت توجهت للمدرسة وقدمت شكوى بذلك، لكنها تفاجأت بمديرة المدرسة تخبرها بأن ما يحدث بين الأطفال شقاوة عادية، وأن الأطفال فى هذه السن يميلون للعب العنيف، وأن المشرفة الاجتماعية تراقب الأطفال ويعتبرون العراك كونه عراكا ضعيفا (لعب عيال)، وبعد عدة أيام عاد ابنها من المدرسة يشكو من ورم فى مؤخرة رأسه، وتأكدت أنه سقط إثر دفع أحد الأولاد له فى الفسحة، ولم يتدخل أحد من المشرفين أو المدرسين لمنع ذلك، الأمر الذى جعلها تذهب مرة أخرى للمدرسة غاضبة حانقة لكى تهدد المديرة بأنها ستنقل ابنها من المدرسة إذا تكرر الأمر.
شهيرة تضيف: للأسف تكرر الأمر مرة أخرى مع ابنتى الصغرى سلمى فى (كى جى ون )، فـ«سلمى» بنتى كانت سعيدة جدا بالمدرسة والأطفال ثم بعد ذلك وجدتها ترفض الذهاب، وعندما سألتها أكدت لي أن هناك طفلة صغيرة اسمها همسة تصفعها فى الحصة، وتأخذ منها طعامها وتلقيه فى سلة المهملات.
شهيرة توضح أن المشكلة كلها تقع علي عاتق المدرسة، فهى المسئولة عن توفير جو صحى مناسب للدراسة، وإيجاد علاقة صحية بين الطلبة والمدرسين فلا يحدث رعب أو ذعر يفقد الطالب فرحته بالدراسة والمدرسة، وبداية مرحلة جديدة أيضا يأتى مباشرة بعد ذلك دور الأسرة والتى أصبحت تشجع العنف ولا تعلم أولادها مكارم الأخلاق والتسامح فينشأ الطفل أنانيًا عدوانيًا يعتدى على حق الآخرين، وسيأتى يوم يعتدى فيه على حق الأهل، لأنه اعتاد على العنف والظلم.
لغة عامة
أما بهاء فهد لطفل فى السادسة من عمره، أكد أنه يواجه نفس المشاكل مع المدرسة، ومع طفله وأنه يرفض أن يستخدم ابنه العنف، ويفضل أن يلجأ الطفل للمشرفين، لأنه لا يعقل أن يستخدم الطفل يده فى المدرسة للدفاع عن نفسه، فما الفرق بين دار العلم والشارع وقتها؟ موضحا أن لغة العنف بين الأطفال أصبحت لغة عامة وسائدة نجدها فى الشارع والنادى والمدرسة وبين الطلبة والمدرسين.
دينا أم لطفلين ترى أن الاطفال الذين يفضلون السلامة هم أكثر المتضررين من فوضى عنف الأطفال الآخرين، وأنها غالبا ما تستمع لأمهات خلال وجودها فى النادى ينصحن أبناءهن وبناتهن (اللى يضربك اضربه) والأجدى أن تنصح الأم طفلها (اللى يضربك تعالى قولى وأنا هتصرف)فهكذا نشأ الجيل القديم، فلم ندخل فى عراك ونحن أطفال إلا نادرا، وكان هناك أم وأب ومدرسة ومشرف اجتماعى، يتدخلون لفض العراك لكن ترك الطفل بمفرده يواجه عنفا زائدا يخلق منه طفلا أكثر عنفا.
صفعة أم شكوى؟
الدكتور قدرى حفنى أستاذ علم النفس، تحدث عن العنف الموجود لدى أطفالنا وما الوسيلة الصحيحة للتعامل معه فقال: لدينا مشكلة كبيرة فعندما نرى أطفالنا يمارسون العنف، نفزع من فعلتهم وننسى أننا من عودناهم على ذلك، بحكم أننا علمناهم أن العنف يولد الهيبة، فكلما كنت عنيفا كنت فى نظر الآخرين محترما، وعندما تشتكى تكون أنت الضعيف ومن يقول لابنه خذ حقك بيدك، فعليه ألا يفزع عندما يرى ابنه يأخذ حقه منه هو أيضا بيديه، وبديل العنف هو الحوار، فإذا تعرض الطفل للضرب عليه أن يسأل من ضربه لماذا ضربه، ولابد أن ننمى عند الطفل فكرة التحالفات بأن يكون للطفل تحالف من أنصاره، يشتكى لهم من بطش الطفل العنيف، ويقول له ربنا يسامحك فنحن لم نعد نقولها.
ابعد عن الشر
سهام حسن أخصائى نفسى وتعديل سلوك واستشارى أسرى تقول: اللى يضربك اضربه» كثير منا يسمع هذه الجملة من بعض الأمهات، وهناك أمهات أخريات حائرات بين أجعل من طفلى شخصية عدوانية يرد العدوان بعدوان مماثل، أم أجعل منه شخصا سلبيا ضعيفا، ويفقد مع الوقت ثقته بنفسه.
وهناك أطفال عزفت عن الذهاب إلى المدرسة، بسبب تعرضها للعنف والضرب من زملائهم فى نفس الأعمار أو الكبار عنهم فى المراحل الأخري
ويظل هناك سؤال: كيف نحمى أطفالنا من عنف الآخرين؟
ويجب أن نعرف فى بداية الأمر أن هناك أسبابا تدفع الأطفال ليكونوا عدوانيين مع غيرهم، فهؤلاء الأطفال يتعاملون بهذه الطريقة فى المنزل، وأن أفراد العائلة يعبرون عن غضبهم بالصراخ والسباب، فيعتاد الطفل ذلك ويتعامل بنفس الطريقة مع زملائه دون أن يرى أنه يضايقهم. إن الطفل العدوانى نتاج طبيعى لعلاقة أسرية غير سوية، وضحية لسوء معاملة من جانب الوالدين، وأنه دائم التعرض لعقاب بدنى على أتفه الأسباب، كما أنه يعانى فقدان الحب والحنان من المقربين خاصة الأهل. إن الطفل العدوانى هو «بلطجى» المستقبل.
فعندما يرى الطفل العدوانى الطفل أمامه ضعيفا من الناحية النفسية أو الجسمانية، فيشعر بالقوة إذا أساء إليه فهو يقوم بعملية إسقاط لما يفعله مع والديه، فيسقطه على زملائه أو أقاربه أو إخوته.
الأخصائى الاجتماعى
وليتم علاج هذه المشكلة، يجب فى البداية أن نعيد هيكلة الأخصائى والمعلم أيضا لعلاج هذه المشكلة بدلًا من أن يكون دوره مهمشًا فى تنظيم الرحلات ومشرف دور فى المدرسة، ليقوم ويعالج سلوك الأطفال ذوى السلوكيات السلبية، وبعد ذلك ننصح الطفل أن يخبر الأخصائى أو يخبر ولى الأمر فى المنزل عن وجود زميل له يضايقه، فيجب عليه ألا يواجه تلك المشكلة بمفرده.
انصح طفلك أن يتفادى الأماكن التى يتواجد فيها هذا الطفل العدوانى لتخفيف حدة المشكلة على نفسه، ولا يعتبر ذلك ضعفا أو سلبية، فالوقاية من اكتساب سلوك سيئ هى العلاج بعينه.
انصح طفلك ألا يظهر مشاعره أمام زميله الذى يضايقه كالبكاء أو إظهار الضيق والعصبية، حتى لا يستفزه ليكرر رد الفعل محاولة منه لإرضاء نفسه برؤية ضعفه.
يجب على طفلك ألا يقوم بتقليد الطفل العدوانى، ويفعل فى النهاية مثلما يفعل الآخرون، فأحيانا قد يتصرف الطفل الذى تعرض للمضايقة بطريقة سيئة مع عائلته أو أصدقائه ووضح لطفلك أنه ليس سبب المشكلة وأن الطفل الآخر الذى يضايقه يريده أن يشعر بالسوء، وإذا لم ينجح فى هذا سيتوقف عن تلك المضايقات.
إذا رأى طفلك أحد أصدقائه تتم مضايقته من قِبل طفل عدوانى فعليه أن يسانده، فبهذا الشكل سيرى الطفل المشاغب أن تصرفاته مرفوضة من الجميع بإخبار المدرسين أو الأخصائيين.
ساعد طفلك على أن يكون واثقا من نفسه، حتى لا يكون فريسة سهلة للطفل الذى يريد مضايقته وألا يشترك مع الآخرين فى مضايقة من هم أصغر منه عن طريق الضحك والسخرية من الآخرين.