الجمعة 18 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بروفايل

التجلي الأخير للغيطاني

الكاتب الكبير جمال
الكاتب الكبير جمال الغيطانى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عاش ليروي بصدق إحساسه، وبراعة تعبيره، وكلماته التي تنفذ إلى العقل والوجدان، كتاباته محفورة في وجدان مصر، إنه الأديب الكبير جمال الغيطاني، والذي رحل عن دنيانا صباح اليوم إثر وعكة صحية شديدة ألمت به نقل على أثرها إلى مستشفى الجلاء العسكري منذ أيام، الكاتب الذي يُعّد علامة بارزة في تاريخ الأدب المصري، ورغم رحيله تبقى روائعه التي نستمتع بها في صفحات أعماله وعلى شاشات الدراما.
جمال أحمد الغيطاني ولد في 9 مايو 1945 بمركز جهينة بمحافظة سوهاج بصعيد مصر، وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة عبد الرحمن كتخدا، وأكمله في مدرسة الجمالية الابتدائية. في عام 1959 أنهى الإعدادية من مدرسة محمد على الإعدادية، ثم التحق بمدرسة الفنون والصنائع بالعباسية.
روائي وصحفي مصري ورئيس تحرير صحيفة أخبار الأدب المصرية، صاحب مشروع روائي فريد استلهم فيه التراث المصري ليخلق عالمًا روائيًا عجيبًا يعد اليوم من أكثر التجارب الروائية نضجًا وقد لعب تأثره بصديقه وأستاذه الكاتب نجيب محفوظ دورا أساسيًا لبلوغه هذه المرحلة مع اطلاعه الموسوعي على الأدب القديم وساهم في إحياء الكثير من النصوص العربية المنسية وإعادة اكتشاف الأدب العربي القديم بنظرة معاصرة جادة.
انفتحت تجربته الفنية في السنوات الأخيرة على العمل التليفزيوني مع المحافظة على نفس الملامح التي نجدها في الرواية، إذ كشف النقاب عن عالم آخر يعيش بيننا من المعمار والناس، ويعتبر الغيطاني من أكثر الكتاب العرب شهرة على شبكة الإنترنت إذ أن أغلب رواياته ومجموعاته القصصية متوفرة في نسخات رقمية يسهل تبادلها أضافت بعدا جديدا لهذا الكاتب الذي جمع بين الأصالة العميقة والحداثة الواعية.
عمل الغيطاني مُفتشًا على مصانع السجاد في القرى، ما أتاح له زيارة معظم أنحاء مصر، وتم اعتقاله في أكتوبر 1966 بتهمة الانتماء إلى تنظيم ماركسي سري، وأمضى ستة أشهر في المعتقل تعرض خلالها للتعذيب والحبس الانفرادي، ثُم أطلق سراحه في مارس 1967، ليعمل سكرتيرًا لـ"لجمعية التعاونية المصرية لصناع وفناني خان الخليلي" ما أتاح له معايشة العمال والحرفيين، وكل هذا يُثري في تجاربه، ليُفرزها فيما بعد أدبًا.
الغيطاني كذلك مُقاتل، فعقب صدور كتابه الأول عرض عليه المُفكر محمود أمين العالم، والذي كان يرأس "أخبار اليوم" أن يعمل معه، فانتقل للعمل بالصحافة، وبدأ يتردد على جبهة القتال بعد احتلال سيناء، فتفرغ للعمل كمحرر عسكري بجريدة الأخبار حتى عام 1976، فشهد حرب الاستنزاف، وحرب أكتوبر ثم زار لبنان، والجبهة العراقية خلال الحرب مع إيران، وعاد ليرأس قسم التحقيقات، ثُم رأس القسم الأدبي بـ"أخبار اليوم"، ثم ترأس تحرير سلسلة كتاب اليوم، ثم أخبار الأدب مع صدورها عام 1993.
بداية الغيطاني مع الأدب تعود إلى عام 1959، عندما كتب أول قصة قصيرة "نهاية السكير"، ثُم نشر أول قصة في يوليو 1963 هي "زيارة" في مجلة الأديب اللبنانية، وفي نفس الشهر نشر مقالًا حول كتاب مُترجمَ عن القصة السيكولوجية في مجلة "الأدب" التي كان يُحررها الشيخ أمين الخولي، ثُم نشر عشرات القصص القصيرة في الصحف والمجلات المصرية والعربية، ونشر قصتين طويلتين هُما "حكايات موظف كبير جدًا"، و"حكايات موظف صغير جدًا"، وصدر له أول كتاب له عام 1969، هو "أوراق شاب عاش منذ ألف عام"، مُتضمنا خمس قصص قصيرة كتبتها كلها بعد هزيمة 1967، ولاقى الكتاب ترحيبًا من القراء والنقاد، حيث أعتبرها البعض بداية مرحلة مختلفة للقصة المصرية القصيرة.
ودائمًا ما تفوقت إبداعات الغيطاني ليحصل على العديد من الجوائز، منها جائزة الدولة التشجيعية للرواية، جائزة سلطان العويس، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وسام الاستحقاق الفرنسي من طبقة فارس، جائزة لورباتليون لأفضل عمل أدبي مترجم إلى الفرنسية عن روايته "التجليات"، جائزة جرينزانا كافور للأدب الأجنبي، جائزة الدولة التقديرية، وجائزة معهد العالم العربي بباريس.
رحل جمال الغيطاني عن عالمنا صباح اليوم تاركًا خلفه إرثًا أدبيًا كبيرًا سيضل علامة بارزة في تاريخ الأدب المصري والعربي على السواء.