كانت هيلارى كلينتون صادقة مع نفسها عندما رصدت تغير معايير القوة وتحولها إلى ما أسمته بالقوة الذكية أو SMART POWER فى كتابها الخيارات الصعبة الذى يعد بمثابة دليل لفهم توجهات السياسة الخارجية الأمريكية فى العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين بعد فشل سياسة القوة العسكرية فى أفغانستان والعراق ومن قبلهما الصومال منذ عقد التسعينات من القرن الماضى لتحقيق أهدافها خارج الحدود الأمريكية.
ويعد الإعلام أحد أدوات القوة الذكية التى تترجم إلى تعبير آخر يتردد كثيرا هذه الأيام هو «حروب الجيل الرابع» التى تلعب فيها وسائل الدعاية دورا مهما وخطيرا، وهى أقرب ما تكون إلى الأدوات الاستخباراتية منها إلى الأدوات العسكرية، ولها أبعاد دعائية وإعلامية تستهدف خلق جملة من التأثيرات السلبية على اتجاهات الرأى العام، بهدف نشوء حالة من الاستياء الجمعى ضد الأنظمة الموجودة وتتدرج إلى مستويات أكثر خطورة تهدد الأمن القومى، بإشاعة حالة من الفوضى المجتمعية عن طريق تضخيم السلبيات من خلال برامج وسائل الاتصال الجماهيرى.
وعلى سبيل المثال تستغل المشكلات الحياتية اليومية للمواطن بغرض خلق شعور عام بالنقمة، الذى يتحول بدوره إلى فكر رافض للأوضاع القائمة ثم يترجم هذا الفكر فى سلوك مناهض لنظام الحكم، ويأخذ أشكالا مختلفة أخطرها الإرهاب باعتباره وسيلة لصب الزيت على النار.
وتساهم عوامل قد يراها البعض عادية لكنها فى منتهى الخطورة، مثل مواقع التواصل الاجتماعى كالفيسبوك وتويتر وغيرها فى بث الشائعات المغرضة، وانتشار الأفكار المغلوطة، وللأسف تسير كثير من برامج التوك شو فى بعض القنوات الفضائية على المنوال نفسه، بعد أن أصبح الحديث فى السياسة سمة مشتركة بين جميع البرامج بما فيها برامج الرياضة والمرأة.
ونقطة الخطر هنا فى اعتبار هذه المواقع مصدرا للأخبار المذاعة بلا أى تحليل لمضمونها عبر هذه البرامج، فتتحول الإشاعة إلى خبر يصدقه المتلقى، وتتداوله المواقع، رغم أن هذه الوسائط أنشئت للتعبير عن الرأى وليس لبث الأخبار.
ولكن غياب أى ضابط أو رابط على الدخول إليها أو استغلالها أدى إلى تحولها إلى مرتع لانتشار ونشر الإشاعات والأخبار الكاذبة، ويستغلها البعض للتشويش على الرأى العام، وهناك دول تمنع بشكل رسمي الوصول إلى السوشيال ميديا أو مواقع التواصل الاجتماعى واستخدامها، وعددها سبع دول، منها الصين وإيران اللتان حظرتا تويتر وفيسبوك ويوتيوب منذ عام ٢٠٠٩ فى أعقاب الانتخابات الرئاسية فى إيران ومظاهرات سلمية من مسلمى الصين تحولت فيما بعد إلى أحداث عنف.
كما منعت فيتنام موقع فيسبوك غير أنّه يسهل اختراق الحظر هناك، ويستخدمه حاليا العديد من الفيتناميين، ما دعا الحكومة إلى إقرار قانون جديد فى ٢٠١٣ يمنع نشر محتوى معارض للحكومة على فيسبوك.
باكستان هى الأخرى من بين الدول التى حظرت فيسبوك وتويتر ويوتيوب على أراضيها منذ سبتمبر ٢٠١٢ عندما رفض تويتر حذف مقطع فيديو مسيء للإسلام أثار ردة فعل قوية فى الشارع الباكستانى وقتها.
هذا وتحظر إريتريا أيضا موقع يوتيوب بعد أن أقرت ذلك شركتا الاتصالات فى الدولة، فيما تحظر كوريا الشمالية هذه المواقع إلا لأغراض خاصة مثل الرقابة والتجسس عند هيئات معينة، نظرا لسياستها المنغلقة والمعارضة للغرب وبشكل عام حظر استخدام مواقع التواصل الاجتماعى يرجع لأسباب أمنية وسياسية وأخلاقية.
وفى تقديرى فإن حروب الجيل الرابع تتسلل من خلال هذه المواقع، وتعمل على تغذية النعرات العرقية والطائفية وتزرع أسافين بين الأقليات القومية بغرض تفتيت الدولة وتحويلها إلى دويلات، أو إلى ما يمكن تسميته (كانتونات) صغيرة تضيع معها حقوق السيادة الوطنية التى تعد من مكونات القوة القومية لأى أمة، وهذا يذكرنا باتفاقية (سايكس بيكو) عام ١٩١٦ فى حين نظرية التقسيم الحديثة تستند إلى فكرة التجزئة الإقليمية دون السيطرة العسكرية أو الاحتلال بمعناه القديم وتعمل على نشر الفكر الانعزالى بشكل يخلق دويلات ضعيفة، تكون فى حاجة دائمة إلى حماية دول أقوى وهو ما ذكرناه القوة الذكية.
بعبارة أخرى تهدف القوة الذكية بالنسبة للعالم العربى، إلى أن تصبح الدول العربية قابلة للتفتت، أى أن الدولة الواحدة تقسم إلى أكثر من دويلة داخل الإقليم الواحد.
إن هذا التوجه فى السياسة الخارجية الأمريكية كما أوضحت السيدة كلينتون فى كتابها، يعتبر من وجهة نظرنا فكرا شيطانيا وبمثابة مؤامرة كبرى تستهدف الإطاحة بفكرة الدولة القومية، وتعيد إلى الأذهان نظرية انهيار العالم المتحضر أو على الأقل إخراج دول العالم العربى والإسلامى من دائرة الحضارة الحديثة على مختلف الأصعدة، ومن ثم العودة إلى عصور الانحطاط والتخلف، وهو أمر يستحق منا أن نتوقف أمامه لبحث كيفية التعاطى معه من قبلنا نحن العرب والمسلمين.
ويعد الإعلام أحد أدوات القوة الذكية التى تترجم إلى تعبير آخر يتردد كثيرا هذه الأيام هو «حروب الجيل الرابع» التى تلعب فيها وسائل الدعاية دورا مهما وخطيرا، وهى أقرب ما تكون إلى الأدوات الاستخباراتية منها إلى الأدوات العسكرية، ولها أبعاد دعائية وإعلامية تستهدف خلق جملة من التأثيرات السلبية على اتجاهات الرأى العام، بهدف نشوء حالة من الاستياء الجمعى ضد الأنظمة الموجودة وتتدرج إلى مستويات أكثر خطورة تهدد الأمن القومى، بإشاعة حالة من الفوضى المجتمعية عن طريق تضخيم السلبيات من خلال برامج وسائل الاتصال الجماهيرى.
وعلى سبيل المثال تستغل المشكلات الحياتية اليومية للمواطن بغرض خلق شعور عام بالنقمة، الذى يتحول بدوره إلى فكر رافض للأوضاع القائمة ثم يترجم هذا الفكر فى سلوك مناهض لنظام الحكم، ويأخذ أشكالا مختلفة أخطرها الإرهاب باعتباره وسيلة لصب الزيت على النار.
وتساهم عوامل قد يراها البعض عادية لكنها فى منتهى الخطورة، مثل مواقع التواصل الاجتماعى كالفيسبوك وتويتر وغيرها فى بث الشائعات المغرضة، وانتشار الأفكار المغلوطة، وللأسف تسير كثير من برامج التوك شو فى بعض القنوات الفضائية على المنوال نفسه، بعد أن أصبح الحديث فى السياسة سمة مشتركة بين جميع البرامج بما فيها برامج الرياضة والمرأة.
ونقطة الخطر هنا فى اعتبار هذه المواقع مصدرا للأخبار المذاعة بلا أى تحليل لمضمونها عبر هذه البرامج، فتتحول الإشاعة إلى خبر يصدقه المتلقى، وتتداوله المواقع، رغم أن هذه الوسائط أنشئت للتعبير عن الرأى وليس لبث الأخبار.
ولكن غياب أى ضابط أو رابط على الدخول إليها أو استغلالها أدى إلى تحولها إلى مرتع لانتشار ونشر الإشاعات والأخبار الكاذبة، ويستغلها البعض للتشويش على الرأى العام، وهناك دول تمنع بشكل رسمي الوصول إلى السوشيال ميديا أو مواقع التواصل الاجتماعى واستخدامها، وعددها سبع دول، منها الصين وإيران اللتان حظرتا تويتر وفيسبوك ويوتيوب منذ عام ٢٠٠٩ فى أعقاب الانتخابات الرئاسية فى إيران ومظاهرات سلمية من مسلمى الصين تحولت فيما بعد إلى أحداث عنف.
كما منعت فيتنام موقع فيسبوك غير أنّه يسهل اختراق الحظر هناك، ويستخدمه حاليا العديد من الفيتناميين، ما دعا الحكومة إلى إقرار قانون جديد فى ٢٠١٣ يمنع نشر محتوى معارض للحكومة على فيسبوك.
باكستان هى الأخرى من بين الدول التى حظرت فيسبوك وتويتر ويوتيوب على أراضيها منذ سبتمبر ٢٠١٢ عندما رفض تويتر حذف مقطع فيديو مسيء للإسلام أثار ردة فعل قوية فى الشارع الباكستانى وقتها.
هذا وتحظر إريتريا أيضا موقع يوتيوب بعد أن أقرت ذلك شركتا الاتصالات فى الدولة، فيما تحظر كوريا الشمالية هذه المواقع إلا لأغراض خاصة مثل الرقابة والتجسس عند هيئات معينة، نظرا لسياستها المنغلقة والمعارضة للغرب وبشكل عام حظر استخدام مواقع التواصل الاجتماعى يرجع لأسباب أمنية وسياسية وأخلاقية.
وفى تقديرى فإن حروب الجيل الرابع تتسلل من خلال هذه المواقع، وتعمل على تغذية النعرات العرقية والطائفية وتزرع أسافين بين الأقليات القومية بغرض تفتيت الدولة وتحويلها إلى دويلات، أو إلى ما يمكن تسميته (كانتونات) صغيرة تضيع معها حقوق السيادة الوطنية التى تعد من مكونات القوة القومية لأى أمة، وهذا يذكرنا باتفاقية (سايكس بيكو) عام ١٩١٦ فى حين نظرية التقسيم الحديثة تستند إلى فكرة التجزئة الإقليمية دون السيطرة العسكرية أو الاحتلال بمعناه القديم وتعمل على نشر الفكر الانعزالى بشكل يخلق دويلات ضعيفة، تكون فى حاجة دائمة إلى حماية دول أقوى وهو ما ذكرناه القوة الذكية.
بعبارة أخرى تهدف القوة الذكية بالنسبة للعالم العربى، إلى أن تصبح الدول العربية قابلة للتفتت، أى أن الدولة الواحدة تقسم إلى أكثر من دويلة داخل الإقليم الواحد.
إن هذا التوجه فى السياسة الخارجية الأمريكية كما أوضحت السيدة كلينتون فى كتابها، يعتبر من وجهة نظرنا فكرا شيطانيا وبمثابة مؤامرة كبرى تستهدف الإطاحة بفكرة الدولة القومية، وتعيد إلى الأذهان نظرية انهيار العالم المتحضر أو على الأقل إخراج دول العالم العربى والإسلامى من دائرة الحضارة الحديثة على مختلف الأصعدة، ومن ثم العودة إلى عصور الانحطاط والتخلف، وهو أمر يستحق منا أن نتوقف أمامه لبحث كيفية التعاطى معه من قبلنا نحن العرب والمسلمين.