الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

6 أكتوبر في عيون السينما

صوره ارشيفيه
صوره ارشيفيه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إعداد: زياد إبراهيم
اشراف: سامح قاسم
مع مرور 42 عامًا على انتصارات حرب أكتوبر المجيدة، تبقى الأعمال السينمائية والأغاني الوطنية هي أكثر ما يميز احتفالات أكتوبر.
وعلى الرغم من نجاح الأغنية الوطنية في التعبير عن انتصارات حرب أكتوبر، إلا أن السينما المصرية لم تكن قادرة على ذلك وأغفلت الحرب، واكتفت بأفلام قليلة تناولت من خلالها بعض المشاهد واللقطات عن الحرب دون تقديم فيلم ضخم يليق بهذه الحرب.
وعلى مدى 41 عام ضج الوسط الثقافي في مصر من ضعف الإنتاج الأدبي المصري المتناول لحرب أكتوبر، وتحولت هذه الشكوى إلى صراخ إذا ما انتقل الحديث إلى الأفلام السينمائية.
وفي احتفال مصر بمرور واحد وأربعين عاما على حرب أكتوبر تبادرت إلى الأذهان الكثير من التساؤلات حول عدم ظهور فيلما يوثق هذه الحرب إلى النور من السينما المصرية، وعن أسباب فشل صناع السينما في تقديم هذا الفيلم وهل سيستمر الاعتماد على عرض الأفلام القديمة دون محاولة إلى صنع أفلام أخرى وإعادة الأفلام الوطنية للسينما المصرية.
وبسبب خوف المنتجين من الخسارة، فشلت السينما المصرية في تقديم ما يعبر عن قوة الحدث خاصة في تأريخ حرب أكتوبر بالشكل المرجو فيه، ومع أننا نمتلك أكثر من فيلم يتناول الحرب تم عرضهم مازالوا يعرضون حتى وقتنا هذا إلا أن الفيلم الجامع والمانع والذي يعد وثيقة فعلا لحرب أكتوبر لم يتم تقديمه حتى الآن، وللأسف عمله يزداد صعوبة على مر السنين لأن تكلفته ستصبح كبيرة جدا، خاصة أن شكل الملابس والأسلحة التي كان يتم استعمالها من قبل لم تعد موجودة وذلك سيتطلب إعادة تصنيعها مرة أخرى مما سيزيد من صعوبة إنتاج الفيلم.
ومع هذا فإنه يمكن للدولة أن تصنع أشياء كثيرة تعزز من دور السينما في تأريخ حرب أكتوبر.
فالسينما المصرية لم تجسد تلك الملحمة العظمى إلا من خلال ستة أفلام فقط، هي الذخيرة الوطنية الأساسية لتلك المعركة الكبيرة والفاصلة والمزلزلة والمباغتة، والتي نزلت على رأس العدو الإسرائيلى كالصدمة المدوية فافقدته توازنه وقدرته.
قدمت السينما المصرية في الفترة من 1974 وحتى 1978 ستة أفلام تنتمي بشكل أوآخر إلى الأفلام الحربية أو الأفلام التي تحتوي على مشاهد للحرب سواء وثائقية أو روائية وهي بترتيب إنتاجها "الرصاصة لا تزال في جيبي 1974، الوفاء العظيم 1974 من إخراج حلمي رفلة، بدور 1974 من إخراج نادر جلال، حتى آخر العمر 1975 من إخراج أشرف فهمي، العمر لحظة 1978 من إخراج محمد راضي".
وربما في كل أفلام الحرب التي أنتجتها السينما المصرية تحتوي على قصص حب ميلودرامية وعلى قدر غير هين من الصدف المقصودة وتتمحور دوما حول وجود رجلين يتصارعان على حب أمراة واحدة وتصبح الحرب هي الحل الدرامي في التخلص من أحدهم أو سببا في أن تحسم المرأة علاقتها بواحد منهم سواء أختفى الطرف الثاني أو استشهد أو تم طرده من حياتها وغالبا ما يكون أحد الرجلين رمزا للنظام السياسي قبل عام 70 والرجل الثاني هو صاحب قرار الحرب الشهير.
نحن إذن أمام 6 أعمال أساسية فقط هي التي تمثل كل أرشيف السينما الروائية الذي يخص أفلام حرب أكتوبر وهو عدد هزيل جدا بالطبع بالمقارنة لضخامة الحدث وأهميته على المستوى السياسي والاجتماعي والتاريخي بل والحضاري المصري والعربي.
كان الاعتقاد الراسخ لدى الكثير من أبناء جيل ما بعد الحرب أن الأفلام التي قدمت عن حرب أكتوبر عبارة عن فيلم واحد فقط هو فيلم "الرصاصة لا تزال في جيبي" إنتاج عام 74 عن قصة إحسان عبد القدوس وحوار وسيناريو رأفت الميهي ورمسيس نجيب وإخراج حسام الدين مصطفى، وبطولة محمود ياسين ونجوى إبراهيم ويوسف شعبان وحسين فهمي، ومن رحم هذا الفيلم خرجت كل الأفلام التي تحدثت عن حرب أكتوبر والعبور وبطولات الجندي المصري حتى نهاية السبعينيات وتوقف موجة أفلام أكتوبر.
1- الرصاصة لا تزال في جيبي والعمر لحظة كتابة رومانسية تحركها الحرب
الفيلمين الأشهر "الرصاصة لا تزال في جيبي" و"العمر لحظة" مأخوذان من عملين روائيين الأول لإحسان عبد القدوس، والثاني ليوسف السباعي، وبنظرة بسيطة للروائيين الإثنين، يمكن للقارئ أن يخرج بسمة مشتركة تجمع بينهما، وهي الرومانسية؛ فالكاتبان كانا ممثلي أدب الرومانسية في حقبة الستينيات وحتى الثمانينيات، حتى أن السباعي قد لقب بـ"فارس الرومانسية".

والتسلسل الزمني لتواريخ الإنتاج يعني أن ثلاثة من أشهر افلام الحرب وهي الثلاثة أفلام الأولى قد أنتجت في عام واحد، بل أن المفارقة- والمقصودة بالطبع -، أن كلا الفيلمين "الرصاصة لا تزال في جيبي" و"الوفاء العظيم" عرضا يوم 6 أكتوبر 1974، أي في الذكرى السنوية الأولى للحرب، وبعدهم بأسبوع واحد شهدت دور العرض المصرية فيلم "بدور" في 14 اكتوبر74، وهذا التطابق في تواريخ العرض يعني أن "الرصاصة لا تزال في جيبي" لم يكن هو الفيلم الأساسي الذي قدم عن حرب أكتوبر، واستنسخت منه الأفلام الباقية، فالوفاء العظيم من تأليف فيصل ندا و"بدور" من تأليف وإخراج نادر جلال كلاهما صور وعرض خلال نفس العام.
نستطيع أن نجزم أن هذا الاعتقاد سببه الرئيسي هو اشتراك محمود ياسين في بطولة الأفلام الثلاثة حتى أن المشاهد قد يصاب بالحيرة لو شاهده يرتدي الزي العسكري في أي من الافلام الثلاث فلا يدري في أي فيلم هو!
باستثناء "العمر لحظة" تعتبر الأفلام الثلاثة الأخرى التي قدمت عن حرب أكتوبر بعد الرصاصة أو تزامنا معها مجرد قصص ميلودرامية لا علاقة عضوية بينها وبين حرب أكتوبر على المستوى العسكري أو السياسي بل هي أقرب لاستغلال الحرب في تصعيد ذروة الصراع أو خلق مواقف ميلودرامية مبكية وساذجة.
2- الوفاء العظيم سذاجة الحبكة الدرامية
في "الوفاء العظيم" نتابع قصة شديدة السذاجة حول رجل يرفض زواج ابنته من ضابط شاب لأن والد الضابط قام بقتل المرأة التي يحبها الرجل ليلة زفافهم، دون أن ندري كيف يمكن أن يصبح ابن شخص مجرم وقاتل ضابطا بالجيش وهو أمر مناف للمنطق والقانون في نفس الوقت.
ولو نظرنا إلى توظيف الحرب في الفيلم سنجد أنه لا علاقة بحرب أكتوبر كحدث سياسي أو تاريخي بالفيلم وإنما هي مجرد ظرف زمان حربي يمنح الكاتب فرصة لقتل أحد الأبطال وبتر ساق الأخر.
3- بدور النشالة تقع في حب عامل المجاري
على نفس هذا السياق نجد فيلم "بدور" لمحمود ياسن ونجلاء فتحي أيضا حيث النشالة الشابة التي تقع في حب عامل المجاري الفقير صابر وعندما يستقيم حالها على يديه يستدعي للحرب.
ومرة أخرى لا نجد أي ذكر لأكتوبر كحدث حربي وإنما مجرد حرب ضمن سياق الميلودراما القصصية كأن نقرأ قصة تقول "وذهب البطل إلى الحرب ولم يعد".
4- حتى آخر العمر.. الاحداث تدور في فلك علاقة عاطفية وتتجاهل الحرب
وفي عام1977 يقدم اشرف فهمي فيلمه "حتى آخر العمر" حول زوجة شابة تضطر إلى احتمال زوجها ضابط الطيران الشاب الذي عاد من الحرب مقعدا وتتعرض لإغراءات كثيرة من قبل صديقه لكنها تظل وفيه له وتقرر أن تعيش تحت قدميه حتى آخر العمر.
هنا أيضا لا نعرف ما إذا كانت تلك الحرب هي حرب أكتوبر أو حرب 67 أو أي حرب والسلام، فالأحداث كلها تدور في فلك العلاقة العاطفية ما بين الطيار الشاب محمود عبد العزيز والحبيبة ثم الزوجة "نجوى إبراهيم" في ثاني تجربة لها في افلام الحرب بعد "الرصاصة" ولكن مع الفارق بالطبع.
5- أبناء الصمت أفضل الأفلام كتبها مجيد طوبيا
قد يكون فيلم "أبناء الصمت" للمخرج محمد راضى أفضل الأفلام التي صنعت عن حرب أكتوبر، ربما لأن من كتب القصة والسيناريو والحوار هو الروائى الكبير مجيد طوبيا، وقد عرض للمرة الأولى في 16 نوفمبر من عام 1974، وتقاسم بطولته محمود مرسي، وميرفت أمين، ونور الشريف، ومحمد صبحى.
6- جيوش الشمس.. الفيلم الوحيد الذي صور حرب أكتوبر من داخل المعركة
الفيلم النادر جيوش الشمس والذي تم تصوير بالفعل من داخل المعركة الحقيقية بسيناء، وعلى أرض الوطن.
وجيوش الشمس هو اسم القوات المسلحة المصرية منذ فجر التاريخ، والفيلم من تمثيل نادية لطفى ومن إخراج شادى عبد السلام، مدة الفيلم 38 دقيقة وهو آخر فيلم للنجمة نادية لطفى قبل اعتزالها الفن، لتختم مسيرتها الفنية بعمل عن واحدة من أعظم معارك الشرف التي خاضها المصريون على مر العصور.