الخميس 05 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

هل يتحول "النور" إلى حزب إرهابي؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من القواعد الاستقرائية الثابتة، والمتعلقة بالتيارات والجماعات والأحزاب المنتسبة للإسلام، أنها- وعلى اختلاف ما بينها- تمر بمراحل ثلاث، لا رابع لها.
فكل جماعة أو تنظيم دينى لابد أن يمر بهذه المراحل الثلاث واحدة تلو الأخرى، بدءًا من الأولى وانتهاءً بالثالثة.
وهذه المراحل أو المحطات الثلاث التى تمر بها التنظيمات الدينية هى:
أولًا: المرحلة الأولى: هى مرحلة التأسيس والتكوين وتحصيل الأرضية، وتجنيد الأتباع لاكتساب الشعبية، وفى هذه المرحلة يكون التنظيم فيها غير مهتم بالعمل السياسى ولا غيره، وإنما يكون اهتمامه الأول والأكبر منصبًا على حصد التأييد وحشد الأتباع واستقطاب الأفراد.
فإذا ما استشعر قادة التنظيم أنهم قد كونوا كمًا لا بأس به من الأتباع والمريدين ما يمكنهم من خلالهم تحقيق مآربهم فى صناديق الاقتراع، انتقلوا على الفور إلى:
ثانيًا: المرحلة الثانية: وهى مرحلة العمل السياسى، وفى هذه المرحلة يستثمر قادة التنظيم الدينى كل ما حققوه فى المرحلة الأولى من شعبية وأتباع، وكل ما جندوه من أفراد، ليكونوا وقود معركة السياسة، وليكونوا أداة للضغط على الحكومات لتحقيق مكاسب سياسية تصل إلى المشاركة الفعلية فى السلطة، وتستمر هذه المرحلة بقدر ما تستمر المكاسب السياسية فى التحقق، وطالما كانت طموحات قادة الحزب أو التنظيم الدينى فى الوصول للسلطة ممكنة عبر الطريق السياسى.
فإذا أُغلق عليهم هذا الباب ورأى أرباب هذا التنظيم الدينى أن العمل السياسى لن يمكنهم من الوصول للسلطة، وأن العمل السياسى لم يعد مجديًا، وأن المرحلة السياسية قد انتهت، انتقلوا على الفور إلى ما بعدها وهى:
ثالثًا: المرحلة الثالثة: العمل الإرهابى المسلح أو استخدام العنف والإرهاب، كوسيلة للسيطرة على الحكم بالقوة والانقلاب العسكرى على السلطة.
وهذه المرحلة الثالثة وهى آخر ما يمر بها كل تنظيم دينى يسعى للسيطرة على السلطة، بعدما يفشل فى الوصول إليها بالطريقة السلمية، فإنه يتحول مباشرة إلى تيار وحزب إرهابي يمارس العنف والإرهاب، كوسيلة للوصول إلى السلطة، فإن لم تكن، فكنوع من العقاب للحكومة ولمواطنيها على عدم تمكنيهم من الحكم، وبذلك يكتمل طرفا المعادلة التى وصل إليها الناس بعد تجربة حكم الإخوان البغيضة أن منطقهم الوحيد هو: (إما أن نحكمكم ولو رغمًا عنكم- وإما أن نقتلكم)!
فهذه القاعدة الاستقرائية لواقع التنظيمات الدينية بثلاثية المراحل هذه (دعوي- ثم سياسى- ثم إرهابي)، هى قاعدة مطردة يمكن تطبيقها على أى تنظيم دينى فى كل زمان ومكان.
ولن أضرب لك المثل –أيها القارئ المكرم- بما فعلته ما كانت تعرف بــ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» بالجزائر، التى عانت منها الجزائر ويلات وويلات فيما يعرف بــ«العشرية السوداء»، بمجازر بشعة ومذابح مروعة، كان أقلها مثل ما يفعله الدواعش اليوم، وقتل فيها ما يقارب النصف مليون جزائرى بريء.
كان هذا كله بسبب فشلهم فى الوصول إلى الحكم عن طريق السياسة ومنعهم من السيطرة على السلطة فى الجزائر، فتحولت تلك الجماعة التى كانت تقدم نفسها على أنها جماعة سياسية سلفية سلمية إلى مجموعة إرهابية متوحشة تستوحش منها الوحوش البرية.
لن أضرب المثل للمصريين بهؤلاء، فليس من رأى كمن سمع، وليس المخبَرُ كالمعايِنْ، ولكننى سأضرب لك أخى القارئ المكرم المثل بالإخوان المسلمين فى مصر، وهى كبرى الحركات الإسلامية فى العصر الحديث، التى ملأت الدنيا صياحًا بأنها جماعة سلمية سياسية لا تعرف العنف ولا تمارسه ولا ترضى عنه، فلما سلبت منها السلطة، تحولت كأبشع مسخ متوحش رأته البشرية يشرب الدم غبًّا وينهش لحم البشر نهشًا!
وإذا أخذنا حزب «النور» السلفى مثلًا أيضًا، وطبقنا عليه القاعدة آنفة الذكر، وجدناه مر بمرحلتين اثنتين، وهو الآن على أعتاب المرحلة الثالثة يستعد لها كاشفًا عن أنيابه لينهش فى لحوم المصريين نهشًا.
مر حزب النور –أو إن شئت الدقة مرت الدعوة السلفية بالإسكندرية- بمرحلتى العمل الدعوى والعمل السياسى، وهى الآن فى أخطر مرحلة وأكبر تحد: (إما أن نحكمكم –وإن رغم أنوفكم- وإما أن نحرقكم).
فيا أيها المصريون، ألا فاعلموا: أنكم أمام اختبار تاريخى حقيقى ولحظة تاريخية فارقة، فإما أن تتخلصوا من هذه التيارات إلى الأبد وتنطلقوا ببلادكم، نحو مستقبل مشرق منير بكل خير ورخاء، وإما تلفوا الحبل حول أعناقكم بأيديكم... ولكم الخيار.
وفى الآخر، هما وصيتان: الأولى للمصريين، لا تنخدعوا فى هؤلاء، ولا تمكنوهم من رقابكم ومن بلدكم فيسلموها بدورهم إلى عدوكم، ولكن اعزموا واحزموا أمركم وتخلصوا منهم إلى الأبد.
والثانية: للدولة المصرية وللقائمين على أمر المصريين ورعايتهم وحمايتهم: لابد من وضع استراتيجية شاملة وطريقة ناجعة للتعامل مع هؤلاء القوم عند تحولهم إلى مرحلة العمل الإرهابى العنيف.
اللهم إنى قد بلغتُ... اللهم اشهدْ.
والسلام.