الأربعاء 02 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بروفايل

ورحل خبير صناعة الضحك.. "المطبع" علي سالم

الكاتب الكبير على
الكاتب الكبير على سالم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يوجد شخص يستطيع أن يفهم اللغة العربية، ولم يضحك بكل ما فيه على إفيهات مسرحية «مدرسة المشاغبين»، لمؤلفها الكاتب الكبير على سالم، والذى وافته المنية الأسبوع الماضى، ليرحل عن عمر يناهز 79 سنة.
كانت مدرسة المشاغبين انفجارًا مدويًا لجيل كامل من الممثلين، وكانت الشرارة الأولى لموهبة ممثلين بحجم عادل إمام وأحمد زكى وسعيد صالح ويونس شلبى وسهير البابلى، واجترحت لونًا جديدًا فى الكوميديا المصرية وأصّلت لها.
وليس من الإنصاف أن نعزو نجاح العمل إلى موهبة فريق التمثيل فقط أو المخرج، ولكن يجب الإشارة إلى النص المسرحى الرائع الذى كتبه على سالم، والذى يفيض بالفكاهة والكوميديا فى كل زواياه، ويرجع ذلك إلى احتراف على سالم للكوميديا، بل نستطيع أن نقول إنه أهم مصرى نظّر للفكاهة والضحك، كتب سالم فى إحدى مقالاته: «أنا لا أعترف بالنكتة إلا إذا كانت مستوفية لأبعادها الدرامية، أى أنها عمل درامى متكامل، يدور فى حيز ضيق، غير أنها لا تنسى أصلها الذى ورثته عن جدتها، وهل الكوميديا المسرحية». وأيضاً: «السخرية عدوان، وصناع الثقافة ليسوا بمعتدين، وتعبير (الكاتب الساخر) خطأ شهير وشائع نتج عن ترجمة غير دقيقة لكلمة Satirist الإنجليزية المشتقة من كلمة Satire وهى الحكاية الجادة عندما تروى بشكل ضاحك، والمشتغلون بالمهنة يسمونها ساتيرا»..
تعكس المقتطفات السابقة مدى الاحتراف الذى تعامل به الكاتب الراحل مع فنه، بالدراسة، والتنظير، والتطبيق.. فهو يميز بين النكتة وغيرها من أشكال الأعمال الفنية الضاحكة، ويعرف الحدود الفاصلة بين الفكاهة والسخرية.
«مدرسة المشاغبين» ليست الحدث الأشهر فى حياة سالم، ولكن موقفه المؤيد للتطبيع مع إسرائيل والداعم لزيارة السادات للكنيست ومعاهدة كامب ديفيد كان الحدث الأبرز فى حياته، والذى جعل منه كاتبًا مثيرًا للجدل، وعرّضه للتضييق من قبل المحيطين، خاصة أبناء الوسط الثقافى الذين اعتبروا أن وجهة النظر التى تبناها سالم لا تتمتع بأى قدر من الوطنية، على اعتبار أن إسرائيل هى العدو الأبرز لمصر، بينما كان سالم يرى أن العدو الأبرز هو تنظيم حماس وما يتفرع عنه من تنظيمات مثل بيت المقدس وداعش.
سالم حاول مرارًا الالتفاف حول الحصار المضروب حوله، حتى أنه قرر أن يؤسس شركة للإنتاج الصوتى، واختار أن يسجل أشرطة كاسيت تحمل مؤلفاته من نكات وقصص ضاحكة لتوزيعها فى الشوارع على الناس، وعلّق على ذلك قائلا: «هى محاولة منى لمواصلة الإبداع مع من يتابع أعمالى من المصريين. ولا ننسى أن شرائط الكاسيت صار لها جمهور، خاصة ممن لا يقرأ منهم، حتى أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى لجآ لذلك الأسلوب للتعريف بآرائهما وما يفكران فيه. إلا أن الفارق بينى وبينهما، انهما يذيعان أشرطتهما فور تسجيلها دون رقابة، أما أنا فلا بد أن أحصل على 18 موافقة، منها 6 بعد إنشاء الشركة. وعموما قررت أن أشارك فى ثقافة الشارع، لأجد لنفسى مكانًا بين أشرطة الأرصفة».
وبعيدًا عن موقف على سالم من اتفاق السلام مع إسرائيل، الذى يتواءم مع رؤية الدولة المصرية ويتعارض مع رؤية أغلب المصريين الذى يرون أن إسرائيل عدو. فإن سالم يظل أحد أهم كتّاب مصر، وتكفى الإشارة إلى أنه ترك إرثًا ثقافيًا يقدر بسبعة وعشرين مسرحية وخمسة عشر كتاباً.