الخميس 05 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

هذا هو الحل للأزمة السورية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
روى الإمام أحمد فى مسنده أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «ألا لا يمنعن أحدكم رهبةُ الناس أن يقول بحقٍ إذا رآه أو شهده، فإنه لا يقرب من أجل، ولا يباعد من رزق، أن يقول بحق، أو يُذَكِّرَ بعظيم». وعند الإمام ابن ماجة أنه –صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يحقرن أحدكم نفسه، قالوا: يا رسول الله، كيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: يرى أمرًا لله عليه فيه مقال، ثم لا يقول فيه، فيقول الله –عز وجل- له يوم القيامة: ما منعك أن تقول فى كذا وكذا؟ فيقول: خشية الناس، فيقول: فإياى كنت أحقَّ أن تخشى».
وانطلاقًا من هذين الحديثين الشريفين الصحيحين، ننطلق لنقول ما نراه أنه الحق، غير آبهين لقول أحد أو للوم الناس، غير راغبين إلا وجه ربنا الكريم سبحانه.
ما إن حطَّ قطار الربيع العبرى المشئوم (ربيع نتنياهو) بمحطة سوريا الحبيبة، وذلك فى شهر مارس من عام ٢٠١١ م، إلا ورأت سوريا ويلات وويلات وخراب يتبعه دمار، على أيدى أبنائها وغيرهم من شذاذ الآفاق الذين طاروا إليها زرافات ووحدانا، وجاءوها من كل حدب وصوب.
إلا أن الأمر فى حقيقته كان مختلفًا فى بداية أمره فى سوريا، فقد نجحت تلك الثورات العبرية قبل أيام قلائل من نشر الفوضى فى تونس ومصر واستدعت قوات حلف «الناتو» الإرهابية بمباركة الجامعة العربية لتدمير ليبيا والاستيلاء على ثرواتها، وذلك كله تحت شعارات كاذبة خاطئة من أمثال (العيش، الحرية، والعدالة الاجتماعية)، وهو ما شجع أرباب تلك الثورات على تكرار تلك المسرحية الرخيصة فى سوريا.
وبالفعل، ما إن أعطيت إشارة البدء وحُدد موعد الانطلاق، وحدد المجهولُ ساعة الصفر فى سوريا، حتى انطلقت مظاهرات تدعو للتغير وإسقاط النظام، على غرار ما حدث فى الدول آنفة الذكر!
إلا أن هذه الخطة سرعان ما بدا للعيان أنها فاشلة فى سوريا لا محالة، وذلك نظرًا لاختلاف الواقع السورى عما سواه من المجتمعات العربية التى استهدفها ذلك الربيع العبرى.
فالواقع الاقتصادى والمستوى المعيشى بل والواقع السياسى فى سوريا يختلف تمامًا عن واقع الدول آنفة الذكر.
ولهذا لما خرجت التظاهرات المطالبة بالتغيير لم تجد مردودًا لدى المواطن السورى، بل وجدت تفاعلًا عكسيًا بأن خرجت مظاهرات مضادة لها داعمة للنظام كانت تتساوى من حيث العدد والتأثير والقبول لدى السوريين، بل تزيد عن المظاهرات المطالبة بالتغيير، والتى بدأت تنحسر شيئًا فشيئًا حتى كادت تتلاشى.
وهنا كان لابد من الانتقال إلى الخطة (ب) أو الخطة البديلة التى دائمًا ما تكون معدة وجاهزة.
ليُكتشفَ فجأةً –وبقدرة القادر- أن «بشار الأسد» نجل «حافظ الأسد» الذى ظل معارضوه يصفونه ومن قبله أبوه وعلى مدار أربعين سنة، بأنه: «بعثى، علمانى، عدو الدين»! إذ به ينقلب إلى النقيض، ليتحول إلى: «رجل دين نصيرى، علوى، شيعى، كافر»، وما ذاك إلا ليُرفع شعار الطائفية، فتكون السنية فى مقابل الشيعية، بدلًا من الديمقراطية فى مقابل الاستبداد.
كانت الطائفية هى السبيل الذى استطاع من خلاله الربيع العربى أن ينفذ إلى الهدف المنشود بخراب سوريا وتقسيمها والقضاء على جيشها، وثم تسليمها فريسة سهلة وغنيمة باردة ولقمة سائغة لإسرائيل لتحقق بذلك حلمها الشيطانى الخبيث القديم المتجدد بــ«إسرائيل الكبرى من نهر النيل إلى نهر الفرات».
ونجحت الخطة وانطلقت بالفعل شرارة الطائفية المصطنعة البغيضة فى سوريا لتتحول بسببها أرض الشام الحبيبة إلى ساحة للحرب الباردة بين السعودية وإيران، ولكلٍ مناصروه، والخاسر الوحيد فى ذلك كله هو الوطن «سوريا» الذى تحول على أيدى أشرار الأرض إلى كومة كبيرة من الخراب، يحتاج إلى عشرات السنوات ليعود إلى حالته التى كان عليها قبلُ، هذا إن عاد!
دخلت المملكة العربية السعودية بكل ثقلها ورمت نفسها بمنتهى القوة فى سوريا ودعمت- وبعض الدعم إثم- دعمًا معلنًا وخفيًا جماعات إرهابية تحت مسميات شتى، بعضها سمى نفسه الجيش الحر، وكذبوا، إذ لو كانوا أحرارًا ما دمروا بلادهم، وأخرى تسمت جبهة النصرة، وصدقت فهى نصرة، ولكنها نصرة لإسرائيل وأحلامها.
يعلم القاصى والدانى، بل ولا تخفى السعودية ذلك، حجم الدعم الذى تنفقه المملكة للمجموعات الإرهابية فى سوريا، سواء أكان دعمًا ماديًا أو لوجستيًا، أو دعمًا بالعدد والسلاح، أو توفير الغطاء السياسى والأخلاقى بل والدينى لهذه المجموعات، وهو أمر غير مقبول مهما كان المبرر، إذ أن هذا الدعم السعودى المعلن –وما خفى منه أعظم- يعمق تلك الأزمة، ولا شك ويزيدها ويجعلها عصية على الحل، ويجعل السعودية جزءًا من الأزمة السورية، لا جزءًا من الحل فى سوريا.
فانطلاقًا من قول الحق من غير خوف لوم اللائم الذى بدأنا به كلامنا، فإننا ندعو إخواننا وأشقاءنا فى المملكة الذين نُكِنُّ لهم كل محبة وإخلاص أن يتوقفوا وفورًا عن شتى أشكال الدعم للمجموعات الإرهابية فى سوريا، ذلك أنه من يدعم الإرهاب لابد وأن يتذوق مرارته يومًا ما.
كما أننى أقرر أن إيران أيضًا تعد جزءًا أصيلًا بل هى الجزء الأكبر من الأزمة فى سوريا، وأن تواجدها سواءً كان تواجدًا مباشرًا عن طريق الحرس الثورى وغيره أو غير مباشر عن طريق حزب الله اللبنانى أو غيره، يعد ترسيخًا للطائفية، وإذكاءً للحرب وتذكية لها، وتبريرًا لوجود الحرب واستمرارها.
وأن على إيران أن تنسحب فورًا من سوريا إن كانت تريد حلًا ولا أظنها تريد.
والخلاصة أنه كما أن على السعودية أن تكف يدها تمامًا عن دعم المجموعات الإرهابية فى سوريا، فإنه على إيران أيضًا أن تنسحب هى الأخرى وفورًا من سوريا، وإلا فإنه لا حل يلوح فى الأفق، ما دامت السعودية وإيران جزءًا من المشكلة وليستا جزءًا من الحل.