الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

آخر يوم فى حياة جلالة الملك!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يوم رحيل أى إنسان عن الدنيا. هو النقطة الأخيرة. بعد الجملة الأخيرة. فى الفصل الأخير من كتاب قصة حياته.
وما بين الفصل الأول والكلمة الأخيرة فى كتاب حياة الملك فاروق، آخر ملوك مصر من سلالة أسرة محمد على. سطر تاريخ هذا الملك الذى اختلف حوله المصريون فصولاً تمتلئ بالإثارة والأحداث العنيفة. التى انتهت بثورة يوليو ١٩٥٢. وطرده من مصر. وحياته فى المنفى فى إيطاليا.
حتى ليلة العشاء الأخيرة مع صديقته الإيطالية الحسناء. هذا العشاء الدسم من المحار واللحوم والفواكه. الذى انتهى بتوقف قلبه المثقل عن النبض. ووفاته المفاجئة وهو فى قمة الصحة على منضدة العشاء فى المطعم الإيطالى!
ولقد كان والده الملك الراحل فؤاد هو الذى أعطاه وأعطى شقيقاته الأسماء التى تبدأ بحرف الفاء فسماه «فاروق» وأعطى لشقيقاته أسماء «فوزية» و«فايقة» و«فتحية» و«فايزة» أما السبب فقد روى عن الملك فؤاد أنه التقى ذات يوم «أيضا فى إيطاليا» بأحد المنجمين المعروفين. وتنبأ له هذا المنجم بأن حرف «الفاء» هو حرف سعده. وتعويذته السحرية مع الحظ السعيد. فأعطى الملك فؤاد لابنه وبناته هذه الأسماء التى تبدأ بحرف «الفاء».
والذى تحوّل فيما بعد إلى «حرف ملكي» يطبع على كل ما يخص ابنه الملك فاروق الذى ورث عنه عرش مصر. على الأعلام والأوراق وحتى أدوات المائدة!
وجلس فاروق على عرشه ولم يزل شاباً صغيراً. وفى بداية حكمه كان كثير من المصريين يتحمسون له ويؤيدونه بحماسة. فقد كان الملك الشاب يظهر بوجه آخر غير وجه والده المتغطرس العنيد. وكان يظهر فى كثير من الأحيان مع العامة وبسطاء الناس فى صلاة الجمعة فى بعض مساجد القاهرة الكبيرة!
لكن هذا الحب وتلك الحماسة لم يكن لهما دوام طويل. فقد انخرط الملك فاروق سريعاً فى دوامات السياسة ومؤامرات القصور. ثم بدأ المصريون يتناقلون عنه قصص الحاشية الفاسدة التى عاش فى أحضانها وحكايات سهراته ومغامراته ونزواته.
وأغلب الظن أن الملك فاروق ظل حتى اللحظة الأخيرة لوجوده على عرش مصر. يعيش فى عالم آخر غير واقع بلده المتردى ومراجل الغضب والثورة التى كانت تفور فى حوارى وبيوت القاهرة. والتى كانت قد احترقت واندلعت ألسنة اللهب فى قلبها. بينما كان الملك فاروق يقيم مأدبة عسكرية فى حديقة قصر عابدين. احتفالاً بمولد ولى عهده الأمير أحمد فؤاد!
قامت ثورة يوليو ١٩٥٢ بعد منتصف الليلة الثانية والعشرين من ذلك الشهر. وبعد ثلاثة أيام أحاطت الدبابات وضباط الثورة بقصر رأس التين فى الإسكندرية. حيث كان الملك فاروق أخيراً قد استوعب أن هناك ثورة. وأن عليه أن يترك أخيراً عرش أسرة محمد على. بل وأن يترك مصر كلها إلى المنفى الذى اختار أن يكون فى إيطاليا. تماما كما فعل جده الخديو إسماعيل. الذى اختار لنفسه ذات المنفى!
غادر الملك فاروق مصر إلى الأبد على ظهر اليخت الملكى «المحروسة». مع زوجته الثانية الملكة «ناريمان» وطفلها الأمير الوليد أحمد فؤاد. وبناته الصغيرات الأميرات «فريال» و«فوزية» و«فادية». وقيل أيامها الكثير حول ثروة مزعومة كان الملك فاروق قد قام بتهريبها إلى خارج مصر قبل رحيله عنها. هناك من زعم أن فاروق قام بتهريب ٢٥٠ مليون دولار، وآخرون أكدوا أن ثروة فاروق فى الخارج لم تزد على ثلاثة ملايين دولار! على أن فاروق الملك المطرود حاول أن يبدو فى سنوات منفاه الأولى فى إيطاليا. كما لو أنه ما زال يعيش حياة الملوك المرفهة. فظل يرتدى الملابس الفاخرة ويتردد على أشهر النوادى والملاهى الإيطالية. لكن المؤكد أن سنوات المنفى حملت له الكثير من المتاعب.
فقد ساءت فى البداية العلاقة بينه وبين الملكة ناريمان. وانتهت المشاكل بينهما بالطلاق. وعادت «ناريمان» إلى مصر. بينما طلب الملك فاروق من صديقه «رينيه» أمير موناكو وزوجته الممثلة الحسناء جريس كيلى الإشراف على رعاية وتربية الأمير الصغير أحمد فؤاد. الذى اختارت له جريس كيلى أن يدرس فى سويسرا.
وهكذا انغمس فاروق أكثر فى حياة الليل فى علب وملاهى روما. وبدأت الصحف تتناقل أخبار مغامراته العاطفية مع حسناوات روما. وكانت أشهر هذه القصص بطلتها «إيرما كابتشى» الحسناء الإيطالية ذات الثلاثة وثلاثين عاماً.
كان فاروق قد شاهد إيرما لأول مرة فى أحد ملاهى روما الليلية. وشعر بالانجذاب نحو هذه الفتاة الإيطالية التى كانت تحلم بأن تكون مطربة شهيرة. وتوثقت العلاقة بين الملك المخلوع والإيطالية الطموحة.
وكان فاروق يقول لـ«إيرما» إنه مؤمن بأنها موهوبة بالفعل، وأن صوتها ساحر. حتى أنه تمكن من أن يدير لها حفلا موسيقياً دعا إليه بعض النقاد الفنيين فى مدينة نابولى. لكن هؤلاء لم يقتنعوا بموهبة عشيقة الملك الجميلة.
ورغم شائعات زعمت بعد ذلك أن فاروق سوف يتزوج «إيرما» إلا أن العلاقة بينهما انقطعت فجأة. وذهبت «إيرما» إلى حال سبيلها. بينما عثر الملك على صديقة إيطالية أخرى ساحرة الجمال أيضاً. هى «آنا ماريا جاتى». والتى ظلت معه. حتى آخر نفس له فى الحياة!
فى مساء يوم الخميس التاسع عشر من شهر مارس عام ١٩٦٣ دق جرس التليفون فى منزل «آنا ماريا». كان الملك فاروق على الناحية الأخرى. يدعوها لقضاء السهرة معه فى مطعم «آبل دوفرانس» الذى يعد من أفخر مطاعم روما. وافقت «آنا ماريا» على الفور.
وقبل أن تمر ساعة كان فاروق قد ذهب لاصطحابها من بيتها إلى المطعم. والذى كان الملك أحد الوجوه المعروفة بين رواده. وما أن وصل الاثنان حتى جلسا إلى المائدة التى كانت محجوزة باسم الملك. والذى كان يبدو بشهية مفتوحة تماماً فى تلك الليلة. واختار العشاء بنفسه من المحار واللحوم والفواكه.
تناول فاروق بشراهة كميات كبيرة من الطعام. رغم تحذيرات أطبائه الذين كانوا يقولون له إن إفراطه فى كل شىء. سوف يصيبه يوماً ما بأزمة قلبية قد تنهى حياته!
كان فاروق يتحدث فى حماسة إلى «آنا ماريا» عندما توقف فجأة عن الكلام. واصفر لون وجهه. ثم سرعان ما راح فى غيبوبة وسقط بنصف جسده الأعلى إلى مائدة الطعام!
وأسرع مسئولو المطعم والعاملون فيه يحاولون إنقاذ الملك. لكنه ظل فى نفس الغيبوبة. أسرعوا بنقله فى سيارة إسعاف إلى أحد المستشفيات. ولم يبدأ الأطباء عملهم إلا واكتشفوا أن الملك فاروق قد رحل عن الدنيا إلى الأبد!
وفى نفس الليلة رقد جثمان الملك فاروق فى المستشفى، وفى جيوبه وملابسه كمية من الدولارات الأمريكية والليرات الإيطالية. وعلى نظارته وعلبة دواء من الذهب وساعة يده ومسدسه الشخصى!
وفى نفس الليلة..