السبت 26 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

قراءة في الصحف

بسبب الميزانية.. الجيش الإسرائيلي يحارب حكومة تل أبيب

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وزارة المالية تطالب بتخفيض مصاريف جهاز الأمن.. وإخلاء القواعد العسكرية وتقليص مدة الخدمة

يبدو أن الخوف بات مكتوبا على الجيش الإسرائيلى، فمنذ فترة كان يخاف «حماس» و«حزب الله»، والآن ترعبه فكرة وجود التنظيم الإرهابى «داعش»، فضلا عن الاتفاق النووى الإيرانى، أما اليوم فجاءت مخاوفه من داخل تل أبيب نفسها.
الخلافات القديمة بين وزارتى المالية والأمن فى إسرائيل، ظهرت على السطح مجددا، فالمتابع الجيد لإسرائيل يجد أن أحد الشروخ التى تقسم الإدارة الإسرائيلية هو الخلافات بين تلك الوزارتين، فوزارة المالية دائما تعترض على ميزانية الجيش المرتفعة وتعوّل على نفقات الجيش بأنها خلف أزمات إسرائيل الاقتصادية، ومن الجهة الأخرى ترفض وزاة الأمن أى تقليص فى الميزانية على اعتبار أن الجيش الإسرائيلى له الأولولية فى النفقات، وأن حمايته هى بمثابة حماية لحياة إسرائيل كلها.
آخر هذه الخلافات كان حول الموازنة العامة لعام ٢٠١٦، والتى حاولت وزارة المالية أن تخفض فيها نفقات الجيش الإسرائيلى عن طريق لجنة «لوكر» برئاسة الجنرال المتقاعد يوحنان لوكر، وهو السكرتير العسكرى السابق لبنيامين نتنياهو، وكان قد خدم مدة ٣٦ سنة فى الجيش الإسرائيلى، ومن أغرب مواقفه أنه امتنع مرارا عن لقاء رئيس الأركان منذ تعيينه، فضلا عن ذلك لم يقم كما هو معروف بإيصال مسودة التقرير إلى وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان قبل تقديمها، وهو ما جعل البعض يفسر أن التقرير سببه شخصى وليس وطنيا.
أعد لوكر تقريراً يحدد ميزانية الأمن بـ٥٩ مليار شيكل للسنوات الخمس المقبلة، ويوصى بإجراء تغييرات تنظيمية شاملة فى الجيش وافترض أنها لو طبقت ستوفر نحو ٩ مليارات شيكل سنويا، ويشتمل التقرير على نحو ٥٣ توصية تتعلق بتخفيض مصاريف جهاز الأمن عن طريق إخلاء قواعد عسكرية، ودمج بعض القيادات مثل القوات البرية مع شعبة التكنولوجيا والنقل، وتحويل بعض المنظومات العسكرية إلى مدنية، وتناول التقرير أيضاً تقصير مدة الخدمة العسكرية للرجال والنساء إلى سنتين بواقع ٢٢ شهراً حتى العام ٢٠٢٠ بعد أن كانت ثلاث سنوات بواقع ٣٤ شهراً، وأن يتم تعامل وزارة الأمن بشفافية أمام وزارة المالية ورئيس الحكومة ومجلس الأمن القومى فى إشارة ضمنية أن ثمة فسادا يدب بوزراة الأمن، وأن من حق كل مواطن فى إسرائيل أن يعرف أين تذهب ملايين الشواكل فى الجيش الإسرائيلى، وانتقد التقرير زيادة عدد الجنود النظاميين فى الجيش الإسرائيلى حيث ارتفع عددهم بنسبة ١٢٪ خلال السبع سنوات الأخيرة، كما تطرق التقرير أيضاً إلى خفض سن التقاعد من ٤٧ عاما حتى ٤٢ عاما، ويصبح ٣٦ عاما لو كان جنديا نظاميا، بالإضافة إلى تسريح أعداد كبيرة من ضباط الاحتياط غير المقاتلين حسب رتبهم فى الجيش، وعن تسريح الضباط علقت الكاتبة السياسية «تامى أراد» فى مقالها بجريدة «يديعوت أحرونوت قائلة: «كيف سيكون ممكنا أن نبقى فى الجيش أفضل العقول التكنولوجية التى لا تشهد رتبهم بالضرورة على مساهمتهم ولا يندرجون ضمن تعريف المقاتلين».
ورغم أن توصيات اللجنة كانت جريئة ومفاجئة إلا أن المفاجأة الأكبر والتى جعلت الموقف أشبه بالدعابة هو ما قامت به وزارة الأمن، حيث أعد رئيس أركان الجيش «غادى آيزنكوت» تقريرا سماه «خطة جدعون» وفيها يوصى الجيش بمنع تقليص كبير نسبيا فى ميزانية الأمن، رغم تطرقه عن تقليصات بالضباط والقوات والوحدات، إلا أنها لا تمس الميزانية بل تطالب بزيادتها، تشتمل خطة جدعون تسريح قرابة ١٠٠ ألف جندى من قوات الاحتياط، خلال السنوات المقبلة، على اعتبار أن الجنود الاحتياطيين يشاركون فى التدريبات العسكرية بنسبة ٥٠٪ فقط، فجاء الاقتراح على تقليص أعدادهم والتركيز على كفاءة ما تبقى منهم، كما تهدف خطة جدعون إلى إغلاق ألوية مدرعات وكتائب مدفعية، فى مقابل تقوية الاستخبارات وحرب السايبر وتنمية سلاح الجو، وتهدف الخطة بوجه عام إلى استبدال القذائف بالأسلحة الذكية وتقليص القوى البشرية قدر المستطاع، حيث أكد أيزنكوت أن تطبيق هذه الخطة سيجعل الجيش الإسرائيلى قادراً على الاستعداد للحرب فى يوم واحد، أو حتى ساعات محدودة، بعد أن كانت فترة الاستعداد تصل لأيام.
أما ما زاد من طرافة الأمر بين الطرفين، أن تم تأخير نشر تقرير لجنة لوكر لمدة أسبوعين لحين عرضه على وزارة الأمن حتى يتم التفاهم بينهما فى الخفاء قبل إطلاق الجمهور على الشروط، وعندما يأس الطرفان من الحلول الودية بدأت الحرب فى الإعلام بينهما فى العلن.
ورأى المحلل العسكرى ألون بن دافيد، فى تقريره بجريدة معاريف، أن الجيش الإسرائيلى لن يمس، وأن تقرير لوكر مثل التقرير السرى للجنة بروديت الذى سبقه، سيجد طريقه إلى القمامة. وأن هذه اللجان هدفها فقط إعفاء متخذى القرارات من الحاجة إلى قرارات حاسمة فى الجدل اللانهائى بين وزارتى الدفاع والمالية، وأضاف أنه منذ سنوات لا يتجرأ قادة الدولة على تحديد الإنجاز الذى يريدونه من الجيش الإسرائيلى، ثم علق أن الأمة التى تفصل بين مثقفيها ومقاتليها ستجد أن تفكيرها يُدار من خائفين، وأن الحرب ستُدار من أغبياء.
وفى نفس السياق تطرق الكاتب العسكرى «يوأف ليمور» فى تحليله بجريدة إسرائيل اليوم، أن الأزمة الحقيقية تكمن فى الدمج بين وزارة الأمن بما فيها من عمال وموظفين إداريين وبين الجيش الإسرائيلى، موضحا أن لجنة لوكر مثل الطاهى الذى يقدم طبقاً نصف ناضج. فلا يمكن التعامل مع ميزانية الأمن وحدها فذلك يشبه البدء بإنشاء مبنى من الطابق الثالث.