بهذه الكلمات (الإيمـــانُ قَيْـــدُ الفَتْـــكِ)، والتي هي متن حديث نبوى شريف، عنون العلامة «أحمد شاكر» رحمه الله مقالًا كتبه بجريدة الأساس بتاريخ ٢/١/١٩٤٩، تعليقًا على اغتيال الإخوان للنقراشى باشا، رحمه الله، وهو مقال عظيم يغنى عن كل مقال في مقابلة تلك الأحداث الإرهابية الخسيسة المتكررة.
ولما كان الواقع هو هو، وإرهاب وإجرام الإخوان هو هو منذ أربعينيات وخمسينيات القرن الماضى، وإلى يوم الناس هذا، أحببت أن أعيد نشر المقال مرة أخرى بين يديك أيها القارئ المكرم من دون زيادة عليه أو نقصان منه.
يقول الشيخ أحمد شاكر في مقاله:
«روع العالم الإسلامي والعالم العربى بل كثير من الأقطار غيرهما باغتيال الرجل، الرجل بمعنى الكلمة، النقراشى الشهيد - نحسبه - غفر الله له وألحقه بالصديقين والشهداء والصالحين.
وقد سبقت ذلك أحداث قُدِّمَ بعدها للقضاء وقال فيها كلمته، وما أنا الآن بصدد نقد الأحكام، ولكنى كنت أقرأ كما يقرأ غيرى الكلام في الجرائم السياسية، وأتساءل: أنحن في بلد فيه مسلمون؟ وقد رأيت أن واجبًا على هذا الأمر من الوجهة الإسلامية الصحيحة، حتى لا يكون هناك عذر لمعتذر، ولعل الله يهدى بعض هؤلاء الخوارج المجرمين، فيرجعوا إلى دينهم قبل ألا يكون هناك سبيل إلى الرجوع. وما ندري من ذا بعد «النقراشى» في قائمة هؤلاء الناس.
إن الله سبحانه توعد أشد الوعيد على قتل النفس الحرام في غير آية من كتابه: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما}.
هذا من بديهيات الإسلام التي يعرفها الجاهل قبل العالم، وإنما هذا في القتل العمد الذي يكون بين الناس في الحوادث والسرقات وغيرها، القاتل يقتل وهو يعلم أنه يرتكب وزرًا كبيرًا.
أما القتل السياسي الذي قرأنا جدالًا طويلًا حوله فذاك شأنه أعظم، وذلك شيء آخر.
القاتل السياسي يقتل مطمئن النفس راضى القلب يعتقد أنه يفعل خيرا، فإنه يعتقد بما بث فيه من مغالطات أنه يفعل عملًا حلالًا جائزًا إن لم يعتقد أنه يقوم بواجب إسلامي قصر فيه غيره، فهذا مرتد خارج عن الإسلام، يجب أن يعامل معاملة المرتدين وأن تطبق عليه أحكامهم في الشرائع، وفى القانون هم الخوارج كالخوارج القدماء الذي كانوا يقتلون أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويدعون من اعترف على نفسه بالكفر، وكان ظاهرهم كظاهر هؤلاء الخوارج، بل خيرًا منه، وقد وصفهم رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بالوحى قبل أن يراهم، فقال لأصحابه: (يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية) حديث أبى سعيد الخدرى في صحيح مسلم، وقال أيضًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة) حديث على بن أبى طالب في صحيح مسلم. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة متواترة، وبديهيات الإسلام تقطع بأن من استحل الدم الحرام فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه.
فهذا حكم القتل السياسي، وهو أشد من القتل العمد الذي يكون بين الناس، والقاتل قد يعفو الله عنه بفضله، وقد يجعل القصاص منه كفارة لذنبه بفضله ورحمته، وأما القاتل السياسي فهو مُصرٌ على ما فعل إلى آخر لحظة في حياته، يفخر به ويظن أنه فعل فعلَ الأبطال.
وهذا حديث آخر، نصٌ في القتل السياسي، لا يحتمل تأويلا فقد كان بين الزبير بن العوام وبين على بن أبى طالب ما كان من الخصومة السياسية التي انتهت بواقعة الجمل، فجاء رجل إلى الزبير بن العوام فقال: أقتل لك عليا؟ قال: لا، وكيف تقتله ومعه الجنود؟ قال: ألحق به فأفتك به، قال: لا، إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «إن الإيمانَ قيدُ الفتكِ، لا يفتكُ مؤمنٌ». حديث الزبير بن العوام ١٤٢٩ من مسند الإمام أحمد بتحقيقنا.
أي أن الإيمان يُقَيِّدُ المؤمن على أن يتردى في هوة الردة، فإن فعل لم يكن مؤمنًا.
أما «النقراشى» فقد أكرمه الله بالشهادة نحسبه فله فضل الشهداء عند الله وكرامتهم، وقد مات ميتة كان يتمناها كثير من أصحاب رسول الله، تمناها عمر بن الخطاب حتى نالها، فكان له عند الله المقام العظيم والدرجات العلى.
وإنما الإثم والخزى على هؤلاء الخوارج القتلة مستحلى الدماء، وعلى من يدافع عنهم ويريد أن تتردى بلادنا في الهوة التي تردت فيها أوربا بإباحة القتل السياسي أو تخفيف عقوبته، فإنهم لا يعلمون ما يفعلون، ولا أريد أن أتهمهم بأنهم يعرفون ويريدون والهدى هدى الله.
كانت هذه كلمات العلامة «أحمد شاكر» وحكمه على من يقوم بهذه الأفعال الخسيسة من الإخوان وأتباعهم بالردة وخلع ربقة الإيمان من عنقه والخروج من الإيمان إلى نقيضه، فاللهم عليك بكل ظالم، أرنا فيهم آية تشفى بها صدورنا وصدور المصريين.
ولما كان الواقع هو هو، وإرهاب وإجرام الإخوان هو هو منذ أربعينيات وخمسينيات القرن الماضى، وإلى يوم الناس هذا، أحببت أن أعيد نشر المقال مرة أخرى بين يديك أيها القارئ المكرم من دون زيادة عليه أو نقصان منه.
يقول الشيخ أحمد شاكر في مقاله:
«روع العالم الإسلامي والعالم العربى بل كثير من الأقطار غيرهما باغتيال الرجل، الرجل بمعنى الكلمة، النقراشى الشهيد - نحسبه - غفر الله له وألحقه بالصديقين والشهداء والصالحين.
وقد سبقت ذلك أحداث قُدِّمَ بعدها للقضاء وقال فيها كلمته، وما أنا الآن بصدد نقد الأحكام، ولكنى كنت أقرأ كما يقرأ غيرى الكلام في الجرائم السياسية، وأتساءل: أنحن في بلد فيه مسلمون؟ وقد رأيت أن واجبًا على هذا الأمر من الوجهة الإسلامية الصحيحة، حتى لا يكون هناك عذر لمعتذر، ولعل الله يهدى بعض هؤلاء الخوارج المجرمين، فيرجعوا إلى دينهم قبل ألا يكون هناك سبيل إلى الرجوع. وما ندري من ذا بعد «النقراشى» في قائمة هؤلاء الناس.
إن الله سبحانه توعد أشد الوعيد على قتل النفس الحرام في غير آية من كتابه: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما}.
هذا من بديهيات الإسلام التي يعرفها الجاهل قبل العالم، وإنما هذا في القتل العمد الذي يكون بين الناس في الحوادث والسرقات وغيرها، القاتل يقتل وهو يعلم أنه يرتكب وزرًا كبيرًا.
أما القتل السياسي الذي قرأنا جدالًا طويلًا حوله فذاك شأنه أعظم، وذلك شيء آخر.
القاتل السياسي يقتل مطمئن النفس راضى القلب يعتقد أنه يفعل خيرا، فإنه يعتقد بما بث فيه من مغالطات أنه يفعل عملًا حلالًا جائزًا إن لم يعتقد أنه يقوم بواجب إسلامي قصر فيه غيره، فهذا مرتد خارج عن الإسلام، يجب أن يعامل معاملة المرتدين وأن تطبق عليه أحكامهم في الشرائع، وفى القانون هم الخوارج كالخوارج القدماء الذي كانوا يقتلون أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويدعون من اعترف على نفسه بالكفر، وكان ظاهرهم كظاهر هؤلاء الخوارج، بل خيرًا منه، وقد وصفهم رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بالوحى قبل أن يراهم، فقال لأصحابه: (يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية) حديث أبى سعيد الخدرى في صحيح مسلم، وقال أيضًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة) حديث على بن أبى طالب في صحيح مسلم. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة متواترة، وبديهيات الإسلام تقطع بأن من استحل الدم الحرام فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه.
فهذا حكم القتل السياسي، وهو أشد من القتل العمد الذي يكون بين الناس، والقاتل قد يعفو الله عنه بفضله، وقد يجعل القصاص منه كفارة لذنبه بفضله ورحمته، وأما القاتل السياسي فهو مُصرٌ على ما فعل إلى آخر لحظة في حياته، يفخر به ويظن أنه فعل فعلَ الأبطال.
وهذا حديث آخر، نصٌ في القتل السياسي، لا يحتمل تأويلا فقد كان بين الزبير بن العوام وبين على بن أبى طالب ما كان من الخصومة السياسية التي انتهت بواقعة الجمل، فجاء رجل إلى الزبير بن العوام فقال: أقتل لك عليا؟ قال: لا، وكيف تقتله ومعه الجنود؟ قال: ألحق به فأفتك به، قال: لا، إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «إن الإيمانَ قيدُ الفتكِ، لا يفتكُ مؤمنٌ». حديث الزبير بن العوام ١٤٢٩ من مسند الإمام أحمد بتحقيقنا.
أي أن الإيمان يُقَيِّدُ المؤمن على أن يتردى في هوة الردة، فإن فعل لم يكن مؤمنًا.
أما «النقراشى» فقد أكرمه الله بالشهادة نحسبه فله فضل الشهداء عند الله وكرامتهم، وقد مات ميتة كان يتمناها كثير من أصحاب رسول الله، تمناها عمر بن الخطاب حتى نالها، فكان له عند الله المقام العظيم والدرجات العلى.
وإنما الإثم والخزى على هؤلاء الخوارج القتلة مستحلى الدماء، وعلى من يدافع عنهم ويريد أن تتردى بلادنا في الهوة التي تردت فيها أوربا بإباحة القتل السياسي أو تخفيف عقوبته، فإنهم لا يعلمون ما يفعلون، ولا أريد أن أتهمهم بأنهم يعرفون ويريدون والهدى هدى الله.
كانت هذه كلمات العلامة «أحمد شاكر» وحكمه على من يقوم بهذه الأفعال الخسيسة من الإخوان وأتباعهم بالردة وخلع ربقة الإيمان من عنقه والخروج من الإيمان إلى نقيضه، فاللهم عليك بكل ظالم، أرنا فيهم آية تشفى بها صدورنا وصدور المصريين.