الخميس 04 يوليو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

أبو القاسم القشيري.. زين الإسلام

أبو القاسم القشيري.
أبو القاسم القشيري.
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة أبو القاسم القشيري إمام الصوفية، وصاحب الرسالة القشيرية في علم التصوف، ومن كبار العلماء في الفقه والتفسير والحديث والأصول والأدب والشعر، ولقب بـ "زين الإسلام".
ولد القشيري بقرية تدعى "إستو" من قرى "نيسابور" في ربيع الأول من سنة 346 هـ. توفي أبوه وهو طفل صغير، وتولت والدته تربيته، تعلم الأدب، والعربية، ثم رحل بعد ذلك من "إستوا" إلى نيسابور قاصدا تعلم ما يكفيه من طرق الحساب لحماية أهل قريته من ظلم عمال الخراج.
فكانت هذه الرحلة تعبر في جوهرها عن أهم حلقات الآثار النفسية التي ترسبت في شخصية القشيري، التي اتضحت فيما بعد في مواقفه أمام السلطة الزمنية.
أثناء هذه الرحلة صادف حلقة الإمام الصوفي الشهير بأبي على الدقاق وكان لسان عصره في التصوف، وعلوم الشريعة، وقبل القشيري في حلقته بشرط أن يتقن علوم الشريعة.
وهذا ما يفسر دعوة القشيري في مشروعه الإصلاحي إلى الملازمة بين علوم الشريعة والتصوف.
وقد قبل هذا الشرط وعكف على دراسة الفقه عند أئمته، ولما انتهى منه حضر عند الإمام أبي بكر بن فورك ليتعلم الأصول، فبرع في الفقه والأصول معا، وصار من أحسن تلاميذه ضبطا، وسلوكا.
وقد تزوج القشيري من ابنه الدقاق، وانجب منها أولاده عبد الله وعبد الواحخد وأوب النصر وعبد الرحيم وعبد المنعم وزاهر والشحامي، بعد وفاة الدقاق درس على يد أبو بكر الطوسي، وتعلم منه المذهب الشافعي، واخذ علم الأصول على مذهب الأشعريين عن ابن فورك، وأخذ ضروبًا من الفقه على أيدي أبي اسحق الأسفرييني، كما تعلم من على ابن أحمد الأهوازي، وأبو الحسين الخفاف، وأوب النعيم أحمد ابن محمد المهرجاني، ،أبو بكر بن عيدوس، وعلي أبن أحمد الأهوازي، وغيرهم الكثير.
وقال تاج السبكي عن القشيري: أبو القاسم القشيري الملقب بزين الإسلام، الإمام مطلقًا وصاحب الرسالة التي سارت مغربًا ومشرقًا، والبسالة التي أصبح بها نجم سعادته مشرقًا، والأصالى التي تجاوز بها فوق الفرقد ورقًا، أحد ائمة المسلمين، علمًا وعملأً، واركان الملة فعلًا ومقولًا، إمام الأئمة ومجلي ظلمات الضلال المدلهمة، أحد من يقتدي به في السنة، ويتوضح بكلامه طرق النار وطرق الجنة، وشيخ المشايخ، واستاذ الجماعة ومقدم الطائفة الجامع بين اشتات العلوم".
صنف القشيري العديد من الكتب والرسائل، غير أن مصادر التاريخ تذكر أن أغلب مصنفاته فقدت، ومن أهمها:
الرسالة القشيرية في التصوف، لطائف الإشارات، تفسير للقرآن الكريم في ست مجلدات، كتاب القلوب الصغير، والكبير، شكاية أحكام السماع، شكاية أهل السنة، ناسخ الحديث ومنسوخه، ديوان شعر، القصيدة الصوفية، الحقائق والرقائق، مخطوط بمكتبة جيستر بيتي (دبلن) أيرلندة رقم 3052، فتوى محررة في ذي القعدة سنة 436 هجرية أوردها السبكي في طبقاته الجزء الثالث، آداب الصوفية، مفقود، كتاب الجواهر، مفقود، كتاب المناجاة، مفقود، رسالة ترتيب السلوك، ظهرت مترجمة بالألمانية سنة 1962 م بقلم فرتزماير Fritz Meier بمجلة Oriens. وتوجد مخطوطة بالخزانة الملكية بالرباط، بُلغة القاصد، منثور الخطاب في مشهور الأبواب. مخطوط بالخزانة الملكية بالرباط، المنشور في الكلام على أبواب التصوف، مخطوط بالخزانة الملكية بالرباط، عيون الأجوبة في أصول الأسئلة. مفقود، شرح أسماء الله الحسنى، أو التحبير في التذكير.
تعتبر "الرسالة القشيرية" من أهم المصادر المعتبرة في التعرف إلى مذهب الصوفية المعتدلة وشرح ألفاظها ومصطلحاتها الشائعة فيما بينهم.
فقد حوت هذه الرسالة بين دفتيها مجموعة كبيرة من التعابير التي تدور غالبًا على ألسنة الصوفية، كما شرحت الأحوال والمقامات والتجليات التي يصعب أحيانًا على القارئ العادي أن يفهمها، ولكن أسلوب القشيري وسلاسة لغته قرّبت هذه المفاهيم إلى العقول والقلوب معًا.
وإضافة إلى هذا، فقد احتوت هذه الرسالة على تراجم لعدد من كبار المتصوفين كما نقلت الكثير من أقوالهم وبينت أحوالهم. وقد قسمت هذه الرسالة إلى قسمين: القسم الأول: في سير إعلام التصوف وبعض أقوالهم وأفعالهم، كنماذج للمريد يسير على هديها. أما القسم الثاني: فقد عبّر عنه بقوله: "ذكرت فيه بعض سير شيوخ هذه الطريقة في آدابهم وأخلاقهم ومعاملاته وعقائدهم بقلوبهم، وما أشاروا إليه من مواجيدهم، وكيفية ترقيهم من بدايتهم إلى نهايتهم، لتكون لمريدي هذه الطريقة قوّة".
ومن ضمن كتاباته المهمة كتاب لطائف الإشارات الذي حرص فيه مصنفه أشد الحرص على النص القرآنى، والتزم بالنظر إليه نظرة اعتبار وتقديس، وكان عمله أشبه بمن يقبس قطفات من الضوء من مشكاة كبيرة ينير بها الطريق أمام الزهاد والعارفين، دون أن يتورط في تعسّف أو ينزلق في درب من دروب الشطط، والسبب الذي يعود إليه هذا المنهج أنه سني حريص على سنيته بقدر ما هو صوفى حريص على صوفيته.
وقد سار في الكتاب على خطة واضحة محددة، التزم بها من أول الكتاب إلى آخره، فهو يبدأ بتفسير البسملة كلمة كلمة، وأحيانا حرفا حرفا، في مفتتح كل سورة، مع عدم التشابه؛ حيث إنه جعل تفسير البسملة يتمشى مع السياق العام للسورة كلّها، ثم بعد ذلك يبدأ في تفسير السورة آية آية، ولم يتخلّ عن آية إلا في مواضع نادرة، بل ربما تكون الآية طويلة نسبيا ومع ذلك لا يتركها دون إشارة حتى ولو كانت سريعة مقتضبة «على سبيل الإقلال خشية الملال» كما يقول في مقدمته.
ويؤمن القشيري في كرامات أولياء الله، لكنه لا يغالي فيها وقد قال فيها: " قد تكون إجابة دعوة، وقد تكون إظهار طعام في أوان فاقة من غير سبب ظاهر، أو حصول ماء في زمان عطش، أو تسهيل قطع مسافة في مدة قريبة، أو تخليصًا من عدو، أو سماع خطاب من هاتف، أو غير ذلك من فنون الأفعال الناقصة للعادة، وأعلم أن كثير من المقدورات يعلم اليوم قطعًا أنه لا يجوز أن يظهر كرامة للأولياء، وبضرورة أو شبة ضرورة، يعلم ذلك، فمنها حصول الإنسان لا من أبوين، وقلب جمادٍ بهيمة أو حيوان وامثال ذلك"، هذا وقد توفي الإمام القشيري سنة 465 هـ، بعد أن اثرى المكتبة الإسلامية بالعديد من المؤلفات.