تعتبر «هبة عبد الرحمن سليم عامر» من أخطر الجواسيس الذين جندهم الموساد وربما أخطرهم في القرن العشرين كله، وزاد من خطورتها توقيت التجنيد والذي تم وقت الإعداد لحرب أكتوبر المجيدة.
كما زاد من خطورتها أيضًا أنها استطاعت تجنيد شخص يدعى «فاروق عبد الحميد الفقي» والذي كان يشغل منصبًا خطيرًا داخل سلاح المهندسين العسكريين، فقد كان رئيس الفرع الهندسى لسلاح قوات الصاعقة، إضافة إلى كونه مدير مكتب قائد سلاح الصاعقة، واستطاع «الفقي» بحكم منصبه وموقعه أن يمدها بمعلومات خطيرة وحساسة عن الخطط التي كان الجيش المصرى يعدها لحماية العمق الدفاعى المصرى وكذلك بمعلومات مفصلة وخرائط تفصيلية عن حائط الصواريخ الذي كان يبنيه الجيش المصرى وكذلك عن الصواريخ السرية التي حصلت مصر عليها سرًا من روسيا.
واستطاعت الصقور المصرية العظيمة أن تكتشف تلك الجاسوسة ومن يساعدها وأحكمت سيطرتها عليها واستدرجتها بخطة محكمة إلى ليبيا ومنها إلى مصر ليحكم عليها بالإعدام.
وفى محاولة من الصهاينة لإثبات أنهم لا يتخلون عن رجالهم وعملائهم، حاولوا التوسط والتدخل لدى الرئيس السادات –رحمه الله- للإفراج عنها أو حتى لتخفيف الحكم ولكنه رفض.
حيث تم تكليف الصهيونى الأمريكى «هنرى كيسنجر» -وزير خارجية الولايات المتحدة وقتها- بمقابلة السادات على عجل وإبلاغه أنه جاء بناءً على طلب شخصى من «جولدا مائير» وأن لديها رغبة في تخفيف الحكم الصادر ضد «هبة سليم»، ولكن السادات وبدهاءٍ شديدٍ رفض ذلك وأمر بتعجيل تنفيذ الحكم، ليُنَفَذْ في اليوم نفسه.
والحقيقة أن الإنصاف يقضى بأنه لا تصح المقارنة إطلاقًا بين «هبة سليم» و«محمد مرسي»، فقد كانت الأولى تحمل من مقومات الذكاء والفطنة والثقافة والعلم وسرعة البديهة ما لا يصل إلى معشاره الثانى، إلا أن المقارنة تصح من وجهين، الأول: بين «مرسي» و«الفقي» والذي جندته «هبة» بسبب خطورة موقعه، بل إن «مرسي» يعد من هذه الناحية أشد خطورة، نظرًا لكونه جاسوسًا قد بلغ أعلى منصب في الدولة واستطاع بحكم موقعه أن يطلع على كثير من أسرار الدولة.
وأما وجه المقارنة الثانى: فهو أن الصهاينة كما تدخلوا لصالح عميلتهم «هبة سليم» بعد الحكم عليها بالإعدام، فإنهم أيضًا تدخلوا لصالح رجلهم «محمد مرسي» بعد الحكم عليه بالإعدام محاولين إلغاء الحكم أو على الأقل تخفيفه!
ولكن هذه المرة ومع اختلاف الزمان والأحوال وتغير الأدوات، لم يعد اللعب على المكشوف مجديًا، فلجأ الصهاينة إلى استخدام الأدوات الجديدة، فيما يعرف بــ«القوى الناعمة» والتي تعمل من خلالها على تغيير الواقع أو على الأقل التأثير فيه وتوجيهه لصالحها.
فتحركت فجأة كل أدوات الصهيونية العالمية في مصر وخارجها للضغط على الواقع المصرى من أجل الحفاظ على حياة جاسوس الصهاينة في مصر «محمد مرسي»!
فخرج فجأة المجلس القومي لحقوق الإنسان ـ والمخترق صهيونيًا وإخوانيًا بلا شك- ليُعلمنا أنه اكتشف فقط بعد الحكم على «مرسي» أن عقوبة الإعدام ـ والتي هي من أحكام الله تعالى- منافية لحقوق الإنسان.
و لم يتوقف المجلس- والذي هو إحدى أدوات الغرب الناعمة- عند هذا الحد بل طالب ـ وبكل صفاقة ـ بتأجيل تنفيذ أحكام الإعدام لمدة ثلاث سنوات – أي حتى انتهاء الفترة الرئاسية الأولى للرئيس، ليكون إلغاء الأحكام وقتها ورقة ضغط تستخدم للتفاوض!
وكذلك جمعت الصهيونية العالمية من أبنائها ما يقارب المائة والستين سفيهًا من شذاذ الآفاق سمتهم علماء، ليطلقوا «نداء الكنانة»، يطالبوا فيه بوقف تنفيذ أحكام الإعدام.
وظهرت أيضًا على حين فجأة حركة إخوانية أطلقت على نفسها «بداية» تهدد بحرب أهلية إذا لم يتم وقف تنفيذ أحكام الإعدام في حق مرسي ورفاقه.
كل هذه الأدوات التي مرت الإشارة إليها وغيرها من أدوات الصهاينة للضغط على الدولة المصرية لكى تفرج عن الجواسيس والخونة أو على الأقل توقف تنفيذ أحكام إعدامهم وغيرها مما لم نذكرها، وكذلك أوراق الضغط التي لا نعرفها، نجزم نحن أنها لن تجدى نفعًا إن شاء الله كما لم تجد من قبل مع «هبة سليم»، كما نجزم أنه سيأتى الوقت الذي نرى فيه كل الخونة والسفاحين وكل من أساء إلى هذا البلد الطيب أهله والطاهر ترابه، وقد علقوا على أعواد المشانق، وحينها تشفى صدور المصريين، وحينها تشفى صدور المؤمنين.